واستعرض التقرير التباين بين تصريحات الولايات المتحدة والحوثيين وأفعالهم" وأعده الدكتور لوكا نيفولا الذي يشغل منصب محلل أول لشؤون اليمن والخليج- تفاصيل اللحظة التي أعلن فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "الحوثيين قد استسلموا" وأن العمليات العسكرية الأمريكية ستتوقف، بينما جاءت التأكيدات الحقيقية من سلطنة عمان، التي كشفت أن الاتفاق يتضمن التزامًا متبادلًا بعدم استهداف أي من الطرفين للآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
ووفق التقرير فان مليشيا الحوثي، عبر زعيمها عبد الملك الحوثي، رفضت هذه الرواية ووصفها بأنها "مهرجانية سياسية"، مؤكدًا استمرار العمليات ضد إسرائيل.
وطبقًا للتقرير ذاته، نفذت جماعة الحوثي خلال الفترة بين أكتوبر 2023 ومايو 2025، أكثر من 520 هجومًا، استهدفت ما لا يقل عن 176 سفينة، إضافة إلى 155 ضربة ضد إسرائيل، وفي المقابل، ردت الولايات المتحدة بإطلاق عمليتين عسكريتين: عملية "بوسايدون آرتشر" وعملية "الفارس الخشن"، وقد بلغ مجموع الضربات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين خلال هذه الفترة 774 غارة، أسفرت عن 550 ضحية على الأقل.
وأوضح التقرير أن قدرة الحوثيين على الردع لا تكمن في حجم ترسانتهم، بل في قدرتهم على خلق إحساس دائم بالخطر من خلال ضربات نوعية قليلة ولكن مؤثرة، وهو ما يُعرف باستراتيجية "الضربة الذهبية"، مشيرا الى أن الحوثيين استخدموا خطابًا تصعيديًا متدرجًا، أعلنوا فيه خمس مراحل تصعيدية، كانت الثلاث الأولى منها ذات طابع عملي، بينما كانت المرحلتان الرابعة والخامسة رمزيتين أكثر منها عسكرية.
ولفت إلى أن الهجمات الحوثية على إسرائيل انطلقت بعد حادثة مستشفى الأهلي في غزة، حيث وصف الحوثيون ذلك بأنه "تجاوز للخطوط الحمراء". رغم أن معظم الضربات اعترضتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية، إلا أن الجماعة طورت طائرات مسيرة بعيدة المدى مثل "يافا" وصواريخ أسرع من الصوت مثل "فلسطين-2"، استخدمتها لضرب تل أبيب وأشدود وحيفا، مما أدى إلى مقتل مدنيين وتسجيل انخفاض مؤقت في الحركة الجوية.
وأكد أن استهداف السفن لم يكن دائمًا مرتبطًا بإسرائيل. فبيانات ACLED كشفت أن 83% من السفن المستهدفة لا علاقة لها بالولايات المتحدة أو إسرائيل أو بريطانيا، بل شملت سفنًا من أكثر من 50 جنسية، ما يقوّض الرواية الحوثية التي تزعم أن الهجمات "انتقائية"، لافتًا الآ أ،ه ورغم تعليق الهجمات البحرية في ديسمبر 2024، عاد الحوثيون وأعلنوا في مارس ومايو 2025 حظرًا بحريًا جديدًا على إسرائيل، دون تنفيذ فعلي للهجمات، في مؤشر على أن الجماعة تستخدم التهديد كأداة سياسية أكثر من كونه إجراءً عسكريًا.
وتضمن التقرير تحليلًا لموقف واشنطن، مشيرًا إلى أن إدارة ترامب ورغم وعودها بعدم التورط العسكري، شنت عملية "روف رايدر" في مارس 2025، والتي تجاوزت سابقاتها من حيث عدد الضربات والضحايا. وعلى الرغم من هذه الحملة العنيفة، فشلت واشنطن في تحقيق أهدافها المعلنة، وعلى رأسها تحييد القدرات الحوثية بعيدة المدى، كما لم تنجح في إنهاء الدعم الإيراني للجماعة.
وخلص التقرير إلى أن الهدنة الأمريكية الحوثية هشة ومحدودة النطاق، وأن جماعة الحوثي لا تزال تحتفظ بالقدرة على إعادة إشعال الصراع في أي لحظة، خاصة مع استمرارها في تسويق خطاب "تحرير القدس" والسيطرة الإقليمية على الممرات المائية، كما أن هشاشة التسويات، وغياب رؤية شاملة تعالج جذور التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ستجعل البحر الأحمر مرشحًا دائمًا للعودة إلى واجهة التصعيد.