وستقضي المركبة، المزودة بست عجلات، العامين المقبلين على الأقل في حفر صخور على سطح الكوكب، بحثا عن آثار تدل على وجود حياة في الماضي.
وهبطت المركبة في فوهة عميقة، بالقرب من خط استواء المريخ، تُسمى جيزيرو.
ويُعتقد أن الفوهة كانت تضم بحيرة عملاقة قبل مليارات السنين. وحيثما كان هناك ماء، يوجد احتمال وجود حياة أيضا.
شارة التأكيد بأن مركبة برسيفيرنس هبطت بسلام وردت إلى فريق العمل بمركز التحكم في تمام الساعة 20:55 بتوقيت غرينتش. وبعد أن كانوا في الماضي يتبادلون العناق ويتصافحون بحرارة، فرضت بروتوكولات الوقاية من فيروس كورونا الصارمة عليهم التباعد عن طريق حواجز شفافة.
وعلى الرغم من ذلك كانت الفرحة واضحة. واستمر التصفيق عندما وصلت أول صورتين التقطتا بواسطة كاميرات هندسية منخفضة الدقة. وعلا الغبار الأغطية الشفافة للعدسات المثبتة، بيد أنه أمكن رؤية سطح مستو أمام المركبة وخلفها.
وأفادت تحليلات بأن موقع الهبوط يبعد نحو كيلومترين إلى جنوب شرق المنطقة التي من المقرر أن تفحصها المركبة.
وأشاد ستيف جورتشيك، القائم بأعمال مدير وكالة ناسا، بالإنجاز، قائلا: "الفضل للفريق. يا له من فريق رائع يعمل خلال كل الصعاب وكل التحديات المصاحبة لهبوط مركبة على المريخ، فضلا عن تحديات كوفيد. إنه إنجاز رائع".
وقال مايك واتكينز، مدير مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، الذي يعد مركز بعثات الوكالة إلى المريخ، إن مثل هذه المهمات الناجحة ستمهد السبيل لمهام بشرية على الكوكب الأحمر في نهاية المطاف.
وأضاف: "لسنا مستعدين للذهاب إلى هناك برواد فضاء بعد، لكن الروبوتات جاهزة".
"هناك أمر مميز بشأن الأيام القليلة الأولى (من المهمة) لأننا أنزلنا للتو ممثلا لكوكب الأرض في منطقة من المريخ لم يذهب إليها أحد من قبل".
الهبوط على المريخ ليس بالأمر السهل على الإطلاق، وعلى الرغم من أن وكالة ناسا أصبحت خبيرة في ذلك، كان جميع أعضاء فريق مركبة "المثابرة" يتحدثون بحذر شديد حتى يوم الخميس.
وتعد هذه ثاني مركبة فضائية تزن طنا تضعها وكالة الفضاء الأمريكية على المريخ.
كانت المركبة الأولى، كيوريوسيتي، قد هبطت في فوهة أخرى في عام 2012، وجربت تقنيات هبوط مبتكرة، بما في ذلك حوامل هيكلية صاروخية الدفع، تستخدمها "المثابرة" الآن بشكل أفضل.
وسيقضي فريق التحكم الأسابيع المقبلة في تشغيل المركبة الجديدة، والتأكد من أن أنظمتها لم تتعرض للتلف خلال هبوطها الصعب على السطح.
ومن المقرر استبدال البرمجية التي ساعدت على وصول المركبة إلى المريخ ببرمجية أخرى تمكنها من السير على سطح المريخ.
ومن المتوقع أن ترسل المركبة خلال الأيام المقبلة العديد من الصور، إذ يسعى المهندسون إلى تقييم طبيعة تضاريس المنطقة.
ومن الأهداف قصيرة الأجل للمهمة، إجراء تجارب على مروحية صغيرة تحملها المركبة. وسوف تسعى المروحية للقيام بأول رحلة جوية في عالم آخر.
وحينها فقط ستبدأ المركبة تنفيذ مهامها الجادة، بالتوجه إلى دلتا شاسعة رصدتها الأقمار الصناعية.
وتتكون الدلتا بفعل الأنهار التي تتحرك باتجاه كيان مائي أوسع، حيث تصب رواسبها. ويأمل العلماء أن تكشف المواد التي ساهمت في تشكيل دلتا جيزيرو عن بصمات حياة بيولوجية سابقة.
وستأخذ مركبة برسيفيرنس عينات من قاعدة الدلتا ثم تتحرك نحو حافة الفوهة، إذ اكتشفت الأقمار الصناعية صخورا كربونية، تعد على الأرض جيدة، على وجه الخصوص، في تتبع النشاط الحيوي.
ومركبة برسيفيرنس مزودة بمجموعة من الأدوات التي سيستخدمها الباحثون على الأرض لفحص كل هذه التكوينات بالتفصيل، وصولا إلى المستوى المجهري.