توكل كرمان: لا زال أمام البلدان العربية الكثير للوصول إلى العدالة والمساواة بين الجنسين

أيار 09, 2023
قالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، إن أولويات قضايا المرأة وحقوقها في أمريكا ودول أوروبا تختلف عن مثيلاتها في الشرق الأوسط ومناطق عديدة في العالم.
وذلك في كلمتها في فعالية نقابة المحامين الأمريكيين - نيويورك عن "القضايا الحالية لحقوق المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
 
وأضافت النوبلية توكل كرمان، "لا زال أمامنا الكثير في البلدان العربية للوصول إلى حالة من العدالة والمساواة تضع النساء والرجال على قدم المساواة أمام القانون ومجالات الحياة المختلفة".
 
وأشارت إلى أن "الحياة تعقدت كثيراً مع انهيار الدول وانتشار الحروب الأهلية في دول عديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا ، وأدى ذلك إلى أوضاع مأساوية كانت تأثيراتها على النساء مضاعفة وزادت من معاناة المرأة في المعيشة والأمن والحياة عموماً".
 
وقالت: "لقد كنت على الدوام أرى أن قضايا المرأة لا تنفصل عن قضايا المجتمع وحريته ونضالاته من أجل الانفلات من قيود الاستبداد والظلم ، ولا زلت أؤمن بهذه التوجهات وأن الكفاح من أجل أوضاع أفضل للنساء مرتبط بالقضايا العامة لكل المجتمع ولا ينفصل عنها".
 
وأكدت على أن الارتباط بين قضايا المرأة وقضايا المجتمع ككل لا يمنع من وجود مستوى معين لقضايا المرأة وخصوصيتها وبالذات في مجتمعات لا زالت فيها المرأة تعاني من التمييز والإلغاء والظلم، لكن ذلك لا ينفي أن تحسين أوضاع المرأة يبقى مرتبطا بوجود الدولة والأمن والاستقرار والسلام.
 
ولفتت إلى أن في الوقت الذي تقول الدول الكبرى في الغرب أنها تساند القوى المدنية والمنضمات النسوية في جهودها لدعم قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها ورفع المعاناة والظلم الذي يقع على النساء، فان هذه الدول الكبرى لا تعمل شيئا لمساعدة شعوبنا على تجنب انهيار الدول والسقوط في أتون الحرب الأهلية.
 
وقالت توكل كرمان، إن موقف الدول الكبرى وحلفائها الاقليميين يمثل سببا رئيسيا في توطين الحروب الاهلية وادامتها ، وموقف أمريكا وبريطانيا، والسعودية وإيران والإمارات، كان مساهما رئيسيا في إسقاط الدول في بلدان الربيع العربي ، ودعم قوى الثورة المضادة والميليشيات المسلحة التي باتت تمثل اليوم لاعبا جديدا في ساحات اقليمية ودولية كانت من قبل محصورة على الدول.
 
واعتبرت أن انهيار الدول وانتشار الحروب والميليشيات والفاعلين غير الدوليين، هي أكبر التحديات الراهنة في البلدان العربية.
 
وأضافت، أن حروب الثورات المضادة للربيع العربي، وتوجهات اسقاط الدول وتوطين الحروب ودفع المجتمعات الى الفوضى والفشل والميليشيات، هي نهج اتخذته دول مثل الامارات والسعودية وايران ، وكانت الدول الكبرى في الغرب جزءا من هذه التوجهات وداعمة لها رغم كل ما يقال في التصريحات الرسمية.
 
وأشارت إلى أن السودان دخلت مؤخرا في حرب أهلية تسبب فيها فصيل ميليشياوي متمرد على الدولة ويحظى بدعم اقليمي من نفس محور الثورات المضادة للربيع العربي.
 
وعبرت عن استغرابها الدول الكبرى التي تسمي ما يحدث في السودان اليوم بأنه بين اطراف متصارعة! بينما هو في حقيقته تمرد ميليشياوي يقود السودان للالتحاق بدول اخرى سقطت في الحروب ومتوالية المآسي الناتجة عنها.
 
وتابعت، أن سقوط الدول يلقي بملايين البشر الى مآسي الحروب والمجاعات والأزمات الصحية والغذائية ويحول حياتهم الى جحيم مستمر من المعاناة اليومية، وهذا هو مشروع القوى المضادة للتغيير والديمقراطية الذي بشرت به ثورات الربيع العربي.
 
وذكرت أن في تونس يمضي قيس بن سعيد في نهج قمعي اجتثاثي ضداً على الجميع، لا فرق بين من هم معارضة او نقابات او قوى سياسية في بنية الدولة ، ولم يستثني احدا ووصلت معاول هدمه الى مؤسسات الدولة والقضاء واتحاد الشغل ، وكل من يعارض قراراته السلطانية يعاقب وتطاله الاجراءات القمعية.
 
 
 
وقالت الناشطة توكل كرمان في ختام كلمتها: "سأحدثكم في ختام كلمتي عن بلدي اليمن وما يواجهه ملايين اليمنيين من معاناة بسبب الحرب المستمرة منذ ثمان سنوات".
 
وأوضحت، بأن "ثمان سنوات واليمنيين هدفا لحرب واسعة تشارك فيها ميليشات داخلية وأطراف خارجية، حرب شاملة وجهها الداخلي ميليشات الحوثي الطائفية ووجهها الخارجي تحالف السعودية والإمارات الذي يعمل كل ما يقدر عليه من اجل تقسيم اليمن واستباحته، حرب متعددة الأوجه، القتل المباشر بالسلاح ليس الا وجه واحد من وجوهها، حرب تشمل الحصار والتجويع وقطع المرتبات والاعتقالات والإخفاء القسري والجبايات التعسفية والنهب للأموال الخاصة والعامة".
 
وأشارت إلى أن "هناك انتهاكات متعددة تجاه النساء والأطفال والمدنيين اليمنيين، وهناك شعور ينتاب تلك الأطراف انهم سوف يفلتون من العقاب".
 
واعتبرت أن أسوأ شيء يحصل في اليمن اليوم هو الإفلات من العقاب. لذا سيكون من المهم في هذه اللحظة ألا يفلت المنتهكون لحقوق الإنسان من العقاب.
 
وأضافت: دعوني اصارحكم، أن هناك شعور يسود بين اليمنيين بأن العدالة يمكن أن تذهب إلى أي مكان إلا بلادهم، طوال السنوات الماضية، أكدت العديد من المرات، بضرورة انشاء محكمة خاصة باليمن، فمن المعيب أن تمر كل هذه الجرائم بدون حساب.
 
وبيّنت أن جماعة الحوثيين تسيطر على التعليم وتقوم بتغيير المناهج وفرض افكارها المتطرفة على المجتمع، وقامت بإغلاق كل الصحف والمنابر الاعلامية الغير تابعة لها، وتقوم بإرهاب النساء ومنعهن من السفر دون محرم حسب الإجراء الذي فرضته الجماعة في مناطق سيطرتها، مشيرة غلى أن ذلك ليس إلا إجراء واحد ضمن سياسة قمعية واسعة تضع النساء هدفا لها في كل مجالات الحياة اليومية.
 
جماعة الحوثي تستثمر عبث التحالف السعودي الإماراتي باليمن ، وهذا مصدر قوة لها أكثر حتى من داعمها وراعيها الإيراني، فالتحالف لم يكن جادا في دعم الشرعية اليمنية ، ولم يكن هدفه إزاحة الانقلاب الحوثي بقدر ما كان هدفه استخدام جماعة الحوثيين كواحدة من أدواته لتمزيق اليمن ومحاولته المستمرة لإعادة رسم خارطته الممزقة وفق أهدافه ومصالحه، بحسب توكل كرمان. 
 
وأكدت الحقوقية توكل كرمان في كلمتها، أن اليمن لن يستقر بدون عودة الدولة اليمنية كاملة السيادة على ارضها، تفرض سلطتها وتطوي مرحلة تعدد الميليشات وتضع حداً للأطراف الخارجية الطامعة في تقاسم النفوذ في اليمن.
 
وأشارت إلى أن وحدة اليمن وأمنه واستقراره هو الضمانة الوحيدة لاستقرار اليمن وجواره الخليجي.
 
وقالت، إن "أي صفقات اقليمية بين الأطراف الخارجية المتورطة في حرب اليمن تُبنى على تقاسم النفوذ وتلبية مصالح الاطراف الخارجية وتقاسم اليمن بين النفوذ الخارجي والميليشيات التابعة له ، وبالتحديد السعودية وايران ، لن تعنينا في اليمن ولن يكتب لها النجاح الا اذا بنيت على حل حقيقي ينهي الحرب ويعيد الدولة اليمنية كدولة ذات سيادة وبناء على المرجعيات الثلاث المعروفة؛ التي تحفظ أمن اليمن واستقراره وتصون جمهوريته ووحدته وسيادته".
 
وأضافت، أن الحرب في اليمن ادت الى أسوأ ازمة إنسانية في العالم، بسبب سياسة التجويع وانهيار العملة وانقطاع المرتبات.
 
وأرجعت استمرار الحرب إلى تغول الميلشيات وفرض خارطة ممزقة تسيطر عليها ميليشيات تحركها دولتي التحالف وبجانبهما ايران، إضافة إلى الصراع الإقليمي الذي يريد اليمن ساحة لنفوذ ومصالح السعودية والإمارات وايران.
 
وأوضحت، بأن الحرب ستنتهي بعودة اليمن لا بتمزيقها، بعودة دولة الجمهورية اليمنية صاحبة سلطة كاملة وشاملة على كل الأرض اليمنية، لا بإضفاء المشروعية على الدويلات المليشياوية وتقسيم اليمن.
 
وشددت على أن المرجعيات الثلاث ليست أوراقًا يمكن تجاوزها وتلفيق اتفاقيات سلام مزيفة خارجها، وأنها محددات لإنهاء الانقلابات وعودة الدولة، وتمثل أهداف اليمنيين وطريقهم الضامن لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.
 
 
 
واختتمت كلمتها بقولها، إن حقوق المرأة ستبقى قضية حية في كل مكان تصادر فيه حقوقها وتعاني فيه النساء من التمييز والظلم.
 
وأضافت: "المجد للنساء المكافحات من أجل التغيير والكرامة والحرية والعدل والمساواة في كل بقاع الأرض وكل مكان في هذا العالم".
 
 

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro