وأوضح: "تعز تتناقض مع أي نشاط إرهابي، وهي محافظة خلاقة ومبدعة، وتتميّز بالتعايش، وتتطلّع للأمن والاستقرار، ولها دور تاريخي فيما يتعلق بالدفاع عن القضايا الوطنية، والتضحية من أجلها، وهي مستمرة بهذا الدور حتى اليوم".
وأضاف: "الأمم المتحدة كانت قد اتخذت خطوة جوهرية باتجاه تبنِّي برنامج للتنمية المستدامة، واختارت تعز كي تكون نموذجا، ووصول الموظفين الدوليين، بحجم ووزن مؤيد وغيره، إلى محافظة تعز، والاستقرار فيها أغاظ أطرافا عديدة، وعلى رأسها مليشيا الحوثي، وهناك طرف لمصلحته بقاء الفشل الأمني في تعز لفرض سيطرته الأمنية والعسكرية، وطرف يستهدف تعز بشكل عبثي، وهي الجماعة الانفصالية في الجنوب".
وأشار إلى أن "هناك مخططا للأمم المتحدة لبناء نموذج لأنشطتها في تعز، وهذا يغيظ مليشيا الحوثي، وغيرها من المليشيا المسلحة، التي تتقاسم النفوذ الميداني على حساب السلطة الشرعية، ولا يرضي هذه الأطراف أن تتكرس تعز كساحة لاختبار دولة القانون، ونجاح السلطة الشرعية، التي جُردت من نفوذها وإمكانياتها في بقية المناطق".
واعتبر أن "مليشيا الحوثي، التي تحتفظ بميزة أن لديها مكاتب الأمم المتحدة، تريد فرض الوصاية على محافظة تعز، وخنقها من خلال البرامج الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها برامج الأمم المتحدة، والاستمرار بالتحكم بها بشكل مهم جدا".
وقال: "مليشيا الحوثي ترى أن عندما تفلت من يدها ورقة خنق تعز، من خلال تحكمها ببرامج الأمم المتحدة، فإن تعز ستنعتق وهي الطرف الذي يمارس حصارا خانقا عليها".
وأكد أن "مليشيا الحوثي تمارس حصارا عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، مكثفا على تعز، فيما بقية الأطراف تمارس حصار نفوذ وحصار سياسي، وتستهدف تعز كمشروع وطني تريد كسره بأي شكل من الأشكال، وإعادة توظيف الجغرافية السياسية لتعز لصالح مشاريعها المختلفة".
وأضاف: "نحن أمام مشاريع انفصالية، ومشاريع للهيمنة الطائفية، كالمشاريع الحوثية، التي تحاول إعادة إنتاج النظام الأمامي، ومشاريع لإعادة إنتاج السلطة الجهوية التي يمارسها البعض، خصوصا في الساحل الغربي لمحافظة تعز".
وأشار إلى أن "هذه الجريمة خططت لها أجهزة استخبارات، ولن أتنازل عن توصيفها بأنها قتل مأجور، وتعيد إنتاج نفس وصفات القتل السياسي، الذي شهدناه خلال السنوات الماضية".
ولفت إلى أن "هذه العمليات تنفذ ليس على هامش الفوضى والاضطرابات في محافظة تعز، بل إنها يمكن أن تنفذ في أكثر البلدان والمناطق أمانا واستقرارا".
وقال: "هناك سيناريوهات عديدة يمكن أن تجعلنا نتوقع من يقف خلف هذه العملية، التي ليست عملية منفلتة، وإنما نفذت ببصمات استخباراتية".
وأضاف: "هذه العملية تتكرر بمحافظات أخرى، لكن في المحافظات الأخرى نفذ القتلة بجلودهم، أو أنها لم تكن هناك أطراف تريد أن تضع يدها عليهم، لكن في محافظة تعز لم يكن أمام القتلة إلا أن يقعوا بيد الأجهزة الأمنية".
وتابع: "الأجهزة الأمنية بشرطة تعز في هذه العملية أثبتت كفاءتها، لكن ما يحزن أن الجريمة حدثت في مدينة التربة، وهي واحدة من البؤر السكانية الكثيفة على مستوى اليمن، وهي مدينة اكتظت بالسكان، في السنوات الأخيرة، بعد عودة الكثير ممن كانوا مشتتين في جميع أنحاء الجمهورية".
ويرى أنه "كان ينبغي ألا يسمح لهؤلاء أن يتجولوا بأسلحتهم على متن الدراجات النارية على الأقل".
وأوضح: "أراد المجرمون أن يقتلوا الصلة الحميمية التي أقامها المسؤول الأممي، رغم أنه وصل حديثا، فوجوده في مطعم واحتكاكه بالناس، يعني ذلك أنه كان متحمسا، ولديه من الإخلاص ما يكفي لتنفيذ برنامج الأغذية العالمي، وضرب هذه الحالة الحميمية، هي عملية سياسية استخباراتية قذرة بامتياز، تأتي ضمن أجندة استهداف تعز من خلال استهداف هذا المسؤول، للأسف الشديد".
وشدد على أن "تعز اليوم يجب أن تغادر بشكل نهائي مربع الخلافات السياسية والحزبية، لكي يبقى هذا التضامن حالة مستدامة، وليس فقط التضامن الذي تحقق على خلفية مقتل المسؤول الأممي، رحمة الله عليه".
واقترح "على محافظ تعز أن يبذل جهدا مضاعفا، فهو من يمتلك موارد المحافظة، سواء كانت قليلة أو كثيرة، فهو من يتحكم بها، وعليه أن يتصرف بشكل مختلف، لا سيما وأنه هو اول من اختط مدينة التربة كعاصمة للمحافظة، وعليه أن يحافظ عن السمعة الأمنية لهذه المحافظة، وأن يدعم الأجهزة الأمنية، ويحافظ على وحدة النسيج الاجتماعي لكل الذين يسكنون تعز من كل أنحاء الجمهورية".