ماذا تبطن جماعة الحوثي بوقوفها خلف حملة الخمور في محافظة إب؟

كانون2/يناير 14, 2025
ماذا تبطن جماعة الحوثي بوقوفها خلف حملة الخمور في محافظة إب؟ منظر عام لمدينة إب

تواجه محافظة إب، المعروفة بإرثها التاريخي ومقاومتها العريقة، حملة دعائية منظمة من قبل جماعة الحوثي تهدف إلى تشويه صورتها الأخلاقية. من خلال إطلاق الشائعات عن تصنيع الخمور بالمدينة.

تسعى هذه الحملة إلى تقويض دور المحافظة الريادي وإضعاف الروح المقاومة لدى سكانها، في محاولة لتحويلها إلى هدف سهل يمكن السيطرة عليه.

حملة ممنهجة

لطالما كانت محافظة إب في طليعة التحولات السياسية في اليمن. فقد خرج منها العديد من الشخصيات البارزة التي تركت بصماتها في تاريخ الثورة اليمنية مثل أحمد محمد الدعيس، أحد أهم منظّري الثورة، والقاضي عبدالرحمن الإرياني، أول رئيس جمهوري لليمن. ومنذ فترة الإمامة، كانت إب شاهدة على العديد من الانتفاضات الشعبية ضد النظام الإمامي الذي حاول جاهداً قمع إرادة أهلها.

مع تكريس الحوثيين لسيطرتهم على المحافظة، بدأت تتصاعد التقارير الإعلامية عن ما يُسمى "معامل تصنيع الخمور" في إب. على الرغم من أن هذه الظاهرة ليست حصرية على المحافظة، فإن التركيز الحوثي المبالغ فيه عليها يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الحملة.

ما يبطنه الحوثيين!

الهدف الأساسي لهذه الحملة الدعائية الحوثية هو إضعاف موقف إب سياسيًا وأخلاقيًا. فما الذي يدفع الحوثيين لتصوير محافظة إب، المعروفة بتاريخها النضالي، كمركز للرذيلة؟
يونس عبدالسلام، الصحفي اليمني، يرى في حديثه "لتعز تايم" أن هذا السعي ليس عفويًا، بل جزء من استراتيجية حوثية تهدف إلى تشويه كل ما لا يتماشى مع توجهاتهم الأيديولوجية.

يقول يونس:"إب مدينة متنوعة ثقافيًا، ولا تتبع النموذج الزيدي الذي يروج له الحوثيون. هذه التنوع يمثل تهديدًا لمشروعهم القائم على التشدد الديني، لذا فإنهم يسعون لتشويه سمعتها وخلق صورة سلبية عنها".

ويضيف أن الحوثيين يهدفون إلى جعل أي منطقة مقاومة مشكوكًا في أخلاقياتها، مما يسهل عليهم تبرير حملات القمع ضدها.

يتابع: "إب تمثل نموذجًا منفتحًا، وهذا يناقض مشروعهم السياسي القائم على التشيع المتطرف. إنهم يعملون على تعزيز خطاب أخلاقي زائف لتبرير هيمنتهم".

إساءة وتشويه

الصحفي عادل الأحمدي يربط بين الحملة الحوثية ضد إب وارتباطها التاريخي بثورة 26 سبتمبر.
يقول لتعز تايم: "الحوثيون يريدون أن يربطوا ثورة 26 سبتمبر بالخمر، وبالتالي تشويه تاريخ إب الثوري. من خلال هذه الحملة الدعائية، يحاول الحوثيون إدانة كل منبت للثورة".

وتشدد هذه التصريحات على أن إب كانت دائمًا في قلب الحركات الثورية اليمنية، وهو ما يجعلها هدفًا أساسيًا في أي حملة دعائية.

تمثل إب نموذجًا ثقافيًا ودينيًا متنوعًا في اليمن، حيث ينتمي أغلب سكانها للمذهب الشافعي، مما يجعلها على تضاد مباشر مع الأيديولوجيا الزيدية التي يروج لها الحوثيون.

الكاتب العزي صالح السنيدار في كتابة( الطريق إلى الحرية )يلفت النظر إلى أن محافظة إب لطالما كانت داعمة للحركات الثورية والإصلاحية، حيث يقول:
"لم يكن هناك دعم من صنعاء لصالح حركة 1948، بينما جاءت التبرعات بأغلبها من إب وتعز، وهذا يعكس الروح الوطنية لسكان هذه المحافظة".

من جانب آخر، تشير مصادر محلية لتعز تايم "إلى أنه يتم استدعاء جميع مدراء المكاتب الحكومية والخدمية في إب للمشاركة في "دورات ثقافية" إجبارية تنظمها الجماعة.

وقالت: " تلك الدورات تهدف إلى تغيير العقيدة الدينية للمشاركين وتعزيز الولاء للحوثيين. كما تُستخدم الأدلة التعليمية للترويج للأسلحة والتعبئة العسكرية، وصولاً إلى المدارس مثل مدرسة "الفلاح" في فرع العدين، حيث تُعرض حلقات يومية تثبت ولاء الطلاب للجماعة."

لا تكتفي المليشيات بالتشويه الإعلامي، بل تعمد إلى بث الشائعات حول انتشار معامل تصنيع الخمور بشكل ممنهج، لإيهام الرأي العام بأن المحافظة أصبحت مرتعًا للرذيلة.

الكاتب زهير الطاهري يرى أن الهدف من ذلك هو "اغتيال إب معنويًا"، مضيفًا:"يسعون لتدمير روحها المقاومة عبر تشويه سمعتها، مما يجعلها تبدو ضعيفة أخلاقيًا وغير قادرة على التصدي للمشروع الحوثي".

تغيير ديموغرافي

عمل الحوثيون على تغيير هوية إب الإدارية من خلال تعيين جميع المسؤولين في المحافظة من خارجها، وتحديدًا من المناطق الشمالية. الكاتب زهير الطاهري يرى في هذا النهج محاولة لعزل إب عن جذورها الثقافية وإضعاف نسيجها الاجتماعي.

يقول الطاهري لتعز تايم: "هذه القرارات ليست عشوائية، بل جزء من خطة لتقليص تأثير أبناء المحافظة على مؤسساتهم، وزرع الولاء للحوثيين في كل مفصل إداري".

خلق الأزمات

وفي ظل هذه السياسات، تزداد معاناة سكان إب نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أوجدتها الجماعة. من أبرز تلك الأزمات، فرض الجبايات، وإضعاف القضاء،

إذ تستغل الجماعة المناسبات الدينية والسياسية مثل يوم الشهيد والمولد النبوي لجمع الأموال من التجار وأصحاب الأعمال في إب، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية.

وتسير المصادر المحلية إلى أن انعدام العدالة القضائية أدى إلى انتشار الثأر بين الأسر في إب كحل بديل.

رغم كل المحاولات الحوثية لتشويه سمعة أبناء محافظة إب وتقويض هويتهم الثقافية والنضالية، تظل المحافظة رمزًا للصمود والتنوع الثقافي. هذه الحملات الدعائية، مهما كانت مكثفة، لن تستطيع طمس تاريخ إب النضالي أو محو إرادة سكانها.

بإرثها الثوري وروحها المقاومة، ستبقى إب قلب اليمن النابض بالحرية، مهما كانت المؤامرات التي تحاك ضدها.

Additional Info

  • المصدر: صهيب المياحي - تعز تايم
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro