وبحسب مصادر محلية، فإن عملية النبش جرت داخل موقع أثري غير محدد المعالم، في ظل غياب الرقابة الحكومية، ما اعتُبر دليلاً جديداً على الفوضى التي تضرب المواقع التاريخية في البلاد منذ اندلاع الحرب.
هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها. ففي عام 2021، أقدم لصوص آثار على نبش موقع أثري في قرية “مريت” بمنطقة السياني بمحافظة إب، وعثروا على مومياء مماثلة تعاد لما قبل 2500 سنة، قاموا بسرقة مقتنياتها وتركها وحيدة، وسط صمت رسمي وخطر متصاعد يهدد الهوية التاريخية لليمن.
وتُعد هذه الحوادث جزءاً من سلسلة طويلة من الاعتداءات التي طالت المواقع والممتلكات الأثرية في اليمن خلال سنوات الحرب، حيث تسود حالة من الفوضى والنهب المنظم للموروث الثقافي، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانعدام الحماية القانونية والتنفيذية.
وكان متحف ظفار في مديرية يريم بمحافظة إب قد تعرّض في العام نفسه لسرقة ختم أثري وقطعة من البرونز، ولا تزال التحقيقات جارية، بحسب مسؤول محلي في قطاع الآثار بالمحافظة.
وفي 2019، كُشف عن مقبرة مومياوات تعرضت للعبث والسرقة في منطقة شملان شمال العاصمة صنعاء، حيث طال التخريب كهفين أثريين يضمان مستوطنة بشرية من العصرين الحجري والبرونزي.
ويقول مختصون إن ما يحدث من نهب منظم لمواقع الآثار يمثل “حرباً صامتة” تستهدف ذاكرة اليمن الحضارية، مشيرين إلى أن المومياوات اليمنية نفسها تعيش حالة كارثية داخل المتاحف بسبب توقف الصيانة والمعالجة الدورية منذ اندلاع الحرب عام 2015.
ويضم المتحف الوطني في صنعاء، إلى جانب متحف قسم الآثار في جامعة صنعاء، عدداً من المومياوات، أقدمها يعود إلى ما بين عامي 3020 و2795 قبل الميلاد، وهي اليوم في حالة متقدمة من التحلل بسبب غياب التبريد، والتعقيم، والرطوبة المناسبة، في ظل انعدام المواد الأساسية للصيانة.
وكان اليمن قد أعلن قبل الحرب عن إنشاء مركز وطني للمومياوات في منطقة الطويلة بمحافظة المحويت، لقربها من أكبر مقبرة صخرية مكتشفة للمومياوات، إلا أن النزاع المسلح حال دون استكمال المشروع وأوقف أنشطة الهيئة العامة للآثار.
ويحذّر خبراء من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى فقدان لا يمكن تعويضه لإرث حضاري نادر، مطالبين بتدخل دولي لحماية آثار اليمن، وتقديم الدعم العاجل للمؤسسات المختصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.