وأوضح الأنصاري، في قراءة سياسية مطولة، أن التمرد الذي أقدم عليه المجلس الانتقالي، وتسارعه في حرق المراحل السياسية وخلط الأوراق، يكشف إصرارًا على ارتكاب أخطاء استراتيجية جسيمة، مشبهًا ذلك بمن «يطلق النار على قدميه»، معتقدًا أنه يصنع نصرًا ومستقبلًا، بينما يهدم فرصًا تاريخية لا تُقدّر بثمن كانت متاحة للتعاطي الهادئ والمسؤول مع تعقيدات المرحلة السياسية، وبشراكة محلية حقيقية ونوايا سليمة.
وأضاف أن قيادات الانتقالي «نقضت غزلها بأيديها»، مستشهدًا بمقولة للفيلسوف فولتير: «من أخطر أنواع الحماقة أن تكون في موقع سلطة وتظن أن العناد حكمة»، معتبرًا أن ما يجري يعكس هذا المعنى بدقة.
وأكد الأنصاري أن القضية الجنوبية «قضية مشروعة»، وقد جرى التأكيد على مشروعيتها مرارًا من قبل المملكة العربية السعودية، كما نصّت عليها مخرجات الحوار الوطني، إلا أن قيادات المجلس الانتقالي – بحسب تعبيره – اختارت التخلي عن تمثيلها الرسمي داخل مجلس القيادة الرئاسي المعترف به دوليًا، واستبداله بكيان متمرد منبوذ إقليميًا ودوليًا.
وحذر الباحث السياسي من أن هذا المسار قد يفتح الباب أمام فرض عقوبات دولية واسعة على قيادات المجلس الانتقالي، والتعامل معهم محليًا وإقليميًا ودوليًا كجماعة متمردة تستخدم السلاح والقتل لفرض إرادتها السياسية، مشيرًا إلى أن هذا السيناريو بات احتمالًا واقعيًا وليس مجرد تحذير نظري.
وفي سياق تحليله، استشهد الأنصاري بمقولة للفيلسوف فريدريك نيتشه مفادها أن «الغباء في السياسة ليس نقصًا في الذكاء، بل عجزًا عن رؤية النتائج»، معتبرًا أن محاولات الانتقالي الجمع بين عضويته في مجلس القيادة الرئاسي والانقلاب على رئيسه رشاد العليمي تمثل حالة «فصام سياسي حاد»، وليست حنكة أو دهاء كما يتوهم قادته.
وأشار إلى أن لجوء المجلس الانتقالي إلى استخدام القوة العسكرية لفرض نفوذه في محافظات مثل حضرموت والمهرة، لا يعكس تفوقًا عسكريًا بقدر ما يكشف عن عجز سياسي، مؤكدًا أن «الطعن في الظهر ليس من شيم الرجال»، وأن إدارة التناقضات بالسلاح لا تنتج سوى مزيد من الصراعات والانقسامات.
واستحضر الأنصاري مقولة للفيلسوف جان جاك روسو جاء فيها: «من يظن أن الإرادة وحدها تصنع الصواب، يخلط بين الحكم والتهور»، معتبرًا أن الاعتقاد بإمكانية فرض أمر واقع جديد بالقوة لن يحل أزمات المجلس الانتقالي، بل سيفتح عليه – حسب وصفه – «أبواب الجحيم»، من إقصاء وملاحقة ومواجهات لن يكون قادرًا على تحمل كلفتها.
وأوضح أن الخطر الحقيقي لا يقتصر على مصير المجلس الانتقالي وقياداته، بل يمتد إلى حياة الأبرياء، ونسف ما تحقق من مكتسبات سياسية وتنموية، وتأجيل الاستحقاقات الاقتصادية والتنموية بصورة مقلقة تهدد مستقبل المناطق الجنوبية.
وختم الباحث السياسي السعودي حديثه بالتأكيد على أن ما وصفها بـ«المغامرة الانتقالية» لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها مزيجًا من الصفاقة والحماقة السياسية، معربًا عن قلقه العميق على حياة المدنيين، ومشيرًا إلى أن أكثر من أضر بالقضية الجنوبية – من وجهة نظره – هم قيادات بعينها في مقدمتهم عيدروس الزبيدي، وهاني بن بريك، وأبو علي الحضرمي.
وأكد الأنصاري أن الأيام القادمة كفيلة بكشف حقيقة هذا المسار، ليس فقط للفاعلين السياسيين، بل أيضًا لأولئك البسطاء الذين خُدعوا بالشعارات ويعتقدون أنهم يخدمون القضية الجنوبية، بينما يتم الزج بها – حسب تعبيره – في مسار خسارة وعزلة غير مسبوق.










