عند طريق جبلية وعرة وغير معبدة، تتحرك مركبات وشاحنات محملة بالبضائع بحذر وبطء شديدين للخروج من مدينة تعز في جنوب غرب اليمن المحاصرة من المتمردين الحوثيين.
تتوقف المركبات في بعض الأحيان للسماح لمركبات أخرى بالمرور من الجهة المقابلة، بينما تبدو الطريق مزدحمة رغم خطورتها.
ودخلت هدنة لمدة شهرين حيز التنفيذ في الثاني من أبريل الماضي برعاية أممية في اليمن، لتمثل بارقة أمل في الصراع بعد حرب منهكة متواصلة منذ أكثر من سبع سنوات بين القوات الحكومية اليمنية المدعومة من تحالف بقيادة السعودية والحوثيين المدعومين من إيران.
ومن بنود الهدنة البحث في فتح الطرق في تعز، للتخفيف من معاناة السكان.
بعد مرور شهر على الهدنة، لم يحرز أي تقدم بشأن فتح الطرق المؤدية إلى تعز، مما يعني أن السكان ما زالوا مضطرين لاستخدام الطرق البديلة الخطرة.
وتعز هي إحدى أكثر المدن تأثرا بالحرب منذ بداية النزاع في منتصف 2014.
وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن الحوثيين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر، كما تقول فرانس برس.
واستحدث سكان المدينة طرقا بديلة مع إغلاق كافة الطرق التي تربط تعز بالمحافظات المجاورة. ومن بينها "طريق الأقروض"، وهي طريق جبلية وعرة.
كانت الطريق من مدينة تعز إلى الحوبان، البوابة الشرقية للمحافظة، تستغرق 15 دقيقة، لكنها اليوم تستغرق وقتا طويلا قد يصل لثماني ساعات، بحسب ظروف الطقس والازدحام.
تعب ومعاناة
ويصف عبده الجعشني، الذي يعمل سائق سيارة مواصلات في تعز خطورة الطريق، مشيرا إلى أنها "متعبة لكل من السائق والراكب".
ويقول لوكالة فرانس برس: "الركاب يتعبون، خصوصا الأطفال أو النساء، يجلسون في الازدحام ثلاث أو أربع ساعات بسبب ضيق الطريق"، مشيرا إلى أنه لا يخرج للعمل إلا مرة كل عدة أيام.
ويصف معاناة السائقين بسبب وعورة الطريق مما يؤثر على السيارات "التي لا تصمد أكثر من أربعة أشهر"، بالإضافة "إلى ارتفاع أسعار البترول والزيوت".
في بداية أبريل الماضي بعد الإعلان عن الهدنة، دعت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في اليمن الأمم المتحدة إلى التسريع في الاتفاق على فتح الطرق في تعز.
وقالت المنظمات في بيان مشترك: "كل يوم يمر من الهدنة يسقط فيه ضحايا مدنيون في الطرق الجبلية الوعرة، والمشاهد المروعة للمركبات والشاحنات التي تتهاوى بالناس والبضائع في المنحدرات (..) تفوق الوصف".
وعبرت السفارة الفرنسية في اليمن، الأربعاء، عن "قلق عميق إزاء حصار تعز المستمر منذ سنوات، والذي يتسبب بمأساة إنسانية لعديد من سكانها".
ويقول عبد الله راجح إن زيارة أقاربه في الحوبان أو حتى في محافظة إب القريبة تشكل "معاناة كبيرة بسبب وعورة الطريق والازدحام (..) وأيضا الغلاء".
ولكنه يوضح "لا يوجد طريق بديلة أو حل لزيارة أهلنا إلا عن طريق هذه الطريق الوعرة بسبب قطع الطريق الرسمية".
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في شمال اليمن وغربها، بينما تأخذ الحكومة اليمنية من عدن مقرا مؤقتا. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.
وكغيره من سكان تعز، يأمل عبد الله راجح، في أن تسفر الهدنة عن فتح الطرق، موضحا "نحن نتمنى نجاح الهدنة لفتح الطريق، وإذا لم يتم فتح المعابر، سيتحمل المواطن تداعيات ذلك. هذه المشاكل والمتاعب يتأثر بها المواطن فقط".
وأضاف "نأمل ونتمنى أن تستمر (الهدنة) لأنها ستخفف عن المواطنين. الوضع أصبح كارثيا في مدينة تعز (..) ولم نعد نزور أهلنا كثيرا".
دعا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس جروندبرج، الأطراف اليمنية للمضي قدماً في تنفيذ جميع عناصر الهدنة للتخفيف من المعاناة الإنسانية، مؤكدًا استمرار تقديم الدعم للاستفادة من الهدنة للوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة.
حذر نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عبدالله العليمي، من نسف الحوثيين للهدنة جراء تصاعد خروقات الجماعة.
وتصريح العليمي جاء خلال لقائه مع غروندبرغ، بالعاصمة المؤقتة عدن مساء الإثنين، وفق وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
منذ مساء الثاني من أبريل الماضي، تتواصل في اليمن هدنة تستمر لمدة شهرين قابلة للتجديد بموافقة أطراف الحرب.
ومطلع أبريل، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، اتفاق أطراف الأزمة على وقف إطلاق النار.
عندما رغبت سمية عبدالباسط القاعدي (12 عاماً) أن تعبر عما يحدث في بلدها اليمن، أخذت قلماً وورقة وكتبت: "اليوم كانت التفجيرات كثيرة وقوية حتى أنني خفت كثيراً وكنت أتغطى بالبطانية".