أكدت سلطنة عمان، الأحد، حرصها على دعم جهود إنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن.
قصص ومآسٍ إنسانية لنازحات يمنيات في مأرب، نتاج مساعدات البرنامج السعودي لإعمار اليمن، وتمكين المرأة اقتصاديا، ومغالطات إعلامية محلية وسعودية.
باتت المشمولات بالدعم السعودي البسيط؛ لفتح مشاريع نسوية صغيرة في مدينة مأرب، يواجهن تحدِّيات وصعوبات قد تفضي بهن إلى السجون والمحاكم؛ بسبب اشتراطات الوسيط المحلي (مؤسسة فتيات مأرب وعقودها) للحصول على الدعم المقدَّم كقروض آجلة تستوجب السداد شهريا، بحسب تفاصيل العقود المبرمة بين المؤسسة والمستفيدات، في ظل واقع اقتصادي متدهور، تسبب بإغلاق بعض تلك المشاريع بعد عام على تدشينها.
يكشف هذا التحقيق الاستقصائي، الذي استمر العمل على إعداده شهرين، بالوثائق والمقابلات السريَّة مساعدة تبدو مفخخة، اعتبرتها السعودية إنجازا جديرا بالاحتفاء والتناول عبر وسائلها الإعلامية؛ تزامن ذلك مع غياب رقابي للجهات الرسمية على واقع المشاريع وجدوى التدخلات، ومدى استفادة النازحات، وكيف أضحت ما يعتقد أنها مساعدات إنسانية -بعد تكشف تفاصيلها- هماً إضافياً، يتعاظم بشكل يومي.
- أنقذت أطفالها وفقدت مشروعها
عندما اجتاحت الحرب مخيم الروضة للنازحين -جنوب محافظة مأرب- مطلع العام 2021، فقدت حميدة حسن (30 عاما) مشروعها، الذي افتتحته قبل عام كبقالة لبيع المواد الغذائية البسيطة، حيث حصلت عليه من خلال قرض قدَّمه لها المشروع السعودي لإعمار اليمن، وبعد نزوحها من الجوبة فقدت مشروعها مجددا، وتركته لتنجو بأطفالها، لكنها اليوم تتحمَّل تبعات النجاة، وتحمل على عاتقها قرض مشروعها.
حميدة -اسم مستعار- إحدى النساء اللاتي حصلن على قرض من المشروع السعودي، وواحدة من نساء أخريات فقدن مشاريعهن، وأغلقت بفعل الحرب والنزوح المتكرر، فيما تواجه مالكات المشاريع الأخريات، البالغ عددهن 36 امرأة نازحة، المصير ذاته لأسباب كثيرة، أجبرتهن الظروف على تحمٌل شروط عقود مجحفة؛ لتلقِّي قروض من المشروع السعودي عبر شريكه المحلي (مؤسسة فتيات مأرب) دون مراعاة الواقع اليمني، والاقتصاد المحلي المتقلِّب، وحالة الفاقة التي تهدد بمجاعة شاملة.
صباح (40 عاما) هي الأخرى فقدت مشروعها (تربية الأغنام) الذي تسلَّمت قيمته كقرض من المشروع السعودي، تقول لموقع "بلقيس" إن أغنامها نفقت بفعل القصف الحوثي الذي استهدف منطقتها في مديرية الجوبة، وذلك قبل نزوحها إلى أحد مخيمات النازحين في المدينة، وبات مشروعها من الماضي، لكنه يعود إليها كهمٍ يثقل كاهلها، بينما استبشرت "ف. م" بالتحاقها ضمن كشف المشاريع المموَّلة، ليكون المشروع التجاري الصغير أملها في تأمين لقمة عيشها وأطفالها الثلاثة، بعد أن فقدوا والدهم بفعل الحرب، كرفيقاتها الأخريات.
تقول "ف. م" -اشترطت عدم كشف هويتها؛ وذلك لتجنب تعرُّضها للانتقام- إن مشروعها التجاري الصغير -الذي تلقَّى قرضا من قِبل المشروع السعودي- بات على وشك الإفلاس؛ لأسباب ركود السوق وارتفاع صرف العملات مقابل الريال اليمني، وعدم قدرتها على التسويق والبيع، مما أدى ذلك إلى خسائر يومية دفعها إلى استدانة مبالغ إضافية من تُجار وأقارب، إلى جانب بيعها ما تملك من الذهب؛ لسداد قسطين من القرض، مشيرة إلى أن مشروعها غير قادر على دخل ثُلث المبلغ المطلوب سداده شهرياً.
- مشاريع أفلست وأخرى في الطريق
أغلقت أربعة مشاريع لأربع نساء نازحات -حتى اليوم- فيما خمسة مشاريع أخرى على وشك الإفلاس والإغلاق، وأخرى لم تتحسَّن حالتهن، وهن مهددات بالإفلاس أيضا، فيما نجت حوالي عشرة مشاريع بشكل جيَّد من أصل 36 مشروعا تجاريا للنازحات، والأشد ضعفاً في مأرب، بحسب التقييم السنوي للمشاريع الذي تتبعه "مؤسسة فتيات مأرب".
تقول انتصار القاضي -مديرة "مؤسسة فتيات مأرب" المنفذة لمشروع القروض المموَّل من المشروع السعودي- إن جميع المشاريع لم تقدر على تسديد القروض المتفق عليها، والمحددة في بنود العقود، الموقَّعة من السيدات، مشيرة إلى أن حوالي عشرة آلاف ريال سعودي فقط هي التي تم سدادها حتى اليوم، بعد مرور أكثر من عام على افتتاح تلك المشاريع.
تواجه 36 سيدة دعوات المحكمة الابتدائية في مأرب بحسب بنود العقد الموقَّع عليه مع منفذ المشروع، تقول القاضي إنها ملتزمة بتطبيق ما تم الاتفاق عليه مع النساء، ما لم يتدخل المشروع السعودي لحل المشكلة بأي طريقة من الطُّرق.
وتضيف أن مؤسستها ملتزمة بشروط العقد مع المشروع السعودي، ولن تقدر على ارتجال الحلول، موضحةً أنها قدَّمت رسالة إلى المانح (المشروع السعودي لإعمار اليمن) بأنه "هل نتخذ قرارا بحسب بنود العقود، ونصل إلى المحاكم مع النساء، ونرفع عليهن قضايا، أو ما الحل المناسب؛ لأن المشاريع متعثرة، وغير قادرة على دفع القروض؟"، ومنذ أشهر وهي تنتظر الإجابة، ولم تصل بعد، بحسب كلامها.
- قروض مجحفة
بعد اطلاع مُعد التحقيق على نسخة العقد الموقَّع بين المشروع السعودي ومؤسسة "فتيات مأرب"، اكتشف أن العقد هو لتقديم قروض للنازحات، وليس تمويلا إنسانيا، وهو ما تؤكده ياسمين القاضي -مديرة "مؤسسة فتيات مأرب"- بأن العقد كان على أساس تقديم قروض للنساء، رغم محاولتها الحصول على دعم دون استرداد.
يقول الخبير في قانون المنظمات الإنسانية، عمار البخيتي، إنه لا توجد منظمات إنسانية تقدم قروضا، في ظل الحرب والوضع الإنساني المتردي في البلاد، وفي ظل الانهيار الاقتصادي الحاصل، معتبرا أن تقديم قروض للنساء النازحات والمعدَمات يعد استثمارا للجانب الإنساني بشكل مقزز، لا يمكن القبول به.
لا يوجد قانون يمنع المنظمات الإنسانية من تقديم قروض -يقول البخيتي- إلا أن الواقع له قانونه الخاص، مشيرا إلى أنه إذا كانت النساء وقَّعن عن جهل على عقود مجحفة، وقروض هن غير قادرات على سدادها، خلال المدة المحددة، فهناك أيضا مسؤولية إنسانية من قِبل المنفذ، وأيضا المموِّل، تجاه توعية النساء، ومساعدتهن في مواجهة الواقع، بدلا من تحميلهن أعباء إضافية.
- وقعت في مأزق
في واحد من العقود العشرة، التي وثَّقها مُعد التحقيق، يحدد مبلغ 700 ريال سعود تقريبا على السيدة دفعها كل شهر، ولمدة سنة، لسداد القرض المحدد في العقد، وبقية العقود، رغم اختلاف مبالغ القروض، ومبالغ السداد الشهري، بحسب مبلغ القرض، موزَّعة في السداد على 12 شهرا، حيث يصل أعلى مشروع تسلَّم قرضا بمبلغ 18 ألف ريال سعودي، ويدفع مبلغا لسداده 1500 ريال سعودي شهريا، بحسب مديرة "مؤسسة فتيات مأرب"، منفذة المشروع.
تقول "أ. م" -اشترطت عدم الكشف عن هويتها- إنها وقَّعت العقد دون أن تنتبه لمبلغ السداد، حيث إنَّها أعدت دراسة جدوى للمشروع (بعد تلقيها ورفيقاتها التدريب في إعداد دراسات الجدوى) دون أن تنتبه للسوق الذي أول مرَّة تعمل فيه في المجال التجاري، مؤكدة أن مشروعها اليوم لا يصل دخله الشهري رُبع ما هو محدد سداده في العقد، وبذلك اضطرت إلى بيع ممتلكاتها من الذهب لسداد شهرين من القرض.
تضيف: "أيضا، أقوم بأعمال إضافية في أماكن أخرى؛ لكي أستطيع توفير مصاريف أطفالي، ومواصلات التنقل، وتوفير احتياجات العمل"، موضحة أن "المشروع تمر عليه أيام دون أن يكسب ريالا واحدا، وقعت في مأزق"، قالتها بحسرة وندم.
- فارق الصرف لا يرحم النازحات
إحصائيات المشروع:
- 36 امرأة مستفيدة (36 مشروعا)
- 4 مشاريع أغلقت
- 5 مشاريع على وشك الإفلاس
- 10 مشاريع نجحت
- 16 مشروعا متعثرا ومهددا بالإفلاس.
- عام على افتتاح المشاريع في 2021.
مبلغ تمويل المشروع كليا 2016000 دولار:
-72000 دولار لتمويل المشاريع بالقروض
-144000 دولار نفقة تشغيلية
-200 ريال مقابل الريال السعودي عند صرف القروض،
-300 ريال مقابل الريال السعودي عند طلب سداد القرض،
-28783.87 خسائر المشاريع بفعل فارق الصرف،
(المصدر/مؤسسة فتيات مأرب)
موَّل المشروع السعودي لإعمار اليمن مشروع تمكين المرأة في مأرب مع "مؤسسة فتيات مأرب" بمبلغ 216 ألف دولار، تلقَّى منها 36 مشروعا قروضا بمبلغ 72 ألف دولار، لتبقى 144 ألف دولار كنفقة تشغيلية، وفعاليات مصاحبة لبرنامج التمكين، بحسب العقد الموقَّع مع الشريك المنفذ للمشروع.
تسلَّمت النساء مبالغ القروض بالريال السعودي، وهنَّ مطالبات بسدادها أيضا بالريال السعودي وليس بالعُملة المحلية، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الاقتصادي المحلي انهيارا متتاليا وعدم استقرار في ظل الحرب.
وفي الوقت الذي تسلَّمت فيه السيدات القروض -خلال منتصف العام 2021- كان الريال السعودي يساوي 200 ريال يمني، السعر الذي اشترت به السيدات السلع، هنَّ اليوم مطالبات بسدادها حيث بالريال السعودي حيث وصل إلى أكثر من 300 ريال يمني، وهو ما يكلف مشاريعهن الصغيرة خسائر وتكاليف باهظة.
- تراجعت قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية بنسبة 4.180% من قيمتها خلال الفترة بين 2014 و2020، بحسب دراسة اقتصادية حديثة لوزارة التخطيط اليمنية-
- المرأة تعيل الأسرة منفردة
جميع السيدات اللاتي تلقين القروض من المشروع السعودي يعيلن أسرهن بمفردهن بعد أن فقدن معيلهن بسبب الحرب، وبذلك استحققن مشاريع التمكين الاقتصادي، إلا أن التمكين الاقتصادي، الذي يقوم به المشروع السعودي في اليمن، يخالف هدف التمكين الاقتصادي، الذي حددته وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الذي يقول إن تمكين المرأة اقتصاديا يهدف -بحسب دراسة الواقع الاقتصادي لتمكين المرأة التي أعدتها الوزارة- إلى تحسين وضع المرأة، وتوفير الخدمات؛ لبناء القدرات البشرية والمؤسسية، بهدف تمكينها اقتصاديا.
- 70% من أصل 4 ملايين نازح (نساء وأطفال)
30% من الأسر النازحة تعيلها نساء حاليا
1500 مخيم للنازحين
84% من المخيمات توجد بها أسر تعيلها نساء
8.416 أسرة تعيلها نساء في البلاد
50 ألف امرأة فقدت زوجها، خلال خمس سنوات من الحرب. (المصدر: دراسة وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية) -
- تضليل إعلامي
عمل المشروع السعودي، وشريكه المحلي (فتيات مأرب) على تضليل الرأي العام، وإخفاء كلمة "قرض"، ضمن إخبار مشروع التمكين الاقتصادي للنساء في مأرب، وأظهرا بدلا عنها "تمكين اقتصادي"، دون توضيح طريقة التمكين، فيما أيضا تصريحات طرفي المشروع لم تذكر أن المشروع عبارة عن قروض تُسترد دون فوائد، وهو ما يعتبر تضليلا للرأي العام، وإخفاء معلومات عن الجمهور، وإظهار جانب واحد منها.
ولضمان حق الرد، حاول جاهدا مُعد التحقيق التواصل -أكثر من مرَّة- مع المشروع السعودي، ومديرة البرامج في المشروع السعودي، للرد على استفساراتنا، إلا أنهم لم يردوا على "الإيميلات" الرسمية والشخصية، التي أرسلت لهم قبل أسبوع من نشر التحقيق، حتى اليوم، لتبقى النساء المتسلِّمات القروض حاملات على عاتقهن خوفا وديونا ومحاكم دون الالتفات إلى حالهن، حتى ينظر في أمرهن، ويبقى السؤال موجَّهاً للمشروع السعودي: هل ستُعفى النساء اليمنيات المعدَمات من القروض، ويتحوَّل المشروع إلى تمويل إنساني؟
(قسم التحقيقات - بلقيس)
استأنف المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، الأحد جولة جديدة في المنطقة تشمل السعودية وعمان والإمارات.
لم تنتظر السعودية كثيراً لتردّ «الضربة» التي تلقّتها إثْر اجتياح القوات الموالية للإمارات، مطلع آب الماضي، محافظتَي أبين وشبوة، واللتَين يُفترض أن تظلّا، وفق المحاصصة المعمول بها منذ سنوات بين الرياض وأبو ظبي، في دائرة نفوذ الأخيرة.
نفت الحكومة اليمنية، الأنباء المتداولة بشأن حدوث أي تقدم جوهري في المفاوضات المباشرة الجارية التي ترعاها عمان عبر قنوات خلفية بين السعودية وجماعة الحوثي.