دورٌ كبير، وواجهةٌ محورية، شكّلتها المقاومة الشعبيّة، ورموزها، منذُّ بداية الحرب في اليمن، على الساحة الوطنيّة، وفي مختلف المناطق اليمنيّة، التي حاولت المليشيات الحوثيّة احتلالها، بعد اجتياح العاصمة صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة.
حذر خبراء ومحللون سياسيون من استمرار الحصار المفروض على مدينة تعز، منذ أكثر من 8 سنوات، من قبل جماعة الحوثي، والذي تسبب بمعاناة إنسانية كبيرة لسكان المدينة.
قال المحلل السياسي، د. محمد جميح: "إن ما يجري في صنعاء هو أمر مرتبط بعقلية مليشيا الحوثي، التي ترى أن أموال المعارضين أو المخالفين لها حلال لها وغنيمة، وقد ذكر وشهد على ذلك التاريخ، وهي تسير على هذا المنوال".
تحول مهرجان في محافظة أرخبيل سقطرى، إلى مظاهرة تطالب برحيل الإمارات من الجزيرة الخاضعة لسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من أبو ظبي.
تظهر فداحة مصير الشراكة الانقلابية بين حزب المؤتمر ومليشيا الحوثي يوما بعد آخر، حيث أعلنت المليشيا نيتها مصادرة مقرات وممتلكات حزب المؤتمر الشعبي العام، في مناطق سيطرتها، عوضا عن عزمها الإطاحة بقيادات الحزب، التي ما تزال في مناصب عليا بحكومة الانقلاب.
يرى مراقبون أن الخطوة الحوثية تأتي ردا على تصريح رئيس حزب المؤتمر في صنعاء، صادق أمين أبو رأس، الذي أشار فيها إلى حق الناس بالمطالبة بمرتباتهم.
مرحلة جديدة
يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني: "نحن أمام مرحلة جديدة وهناك واقعية سياسية اليوم تتشكل في الأعلى على خلفية الحرب الأوكرانية، والصراع المحموم بين الأطراف الدولية، خصوصا في أفريقيا، الذي سيغير التوازنات الدولية، لا سيما وأن هناك انقلابات كبيرة، وتراجعا للنفوذ الغربي بشكل كبير".
وأوضح: "المرحلة الجديدة تعكس النمو المتزايد في التأثير الصيني - الروسي في القارة الأفريقية، ومن ثم أيضا في المنطقة على خلفية التقارب السعودي - الإيراني، وانضمام هذه الدول للبريكس، والزيارة الإيرانية الأخيرة للسعودية، والانفراجة باتجاه مصر والإمارات".
وأضاف: "هناك واقعية سياسية كبيرة دفعت بالولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة النظر في سياساتها، لذا كان هناك وجود عسكري مكثف في المنطقة، وانخراط فعلي في العملية السياسية باليمن".
وتابع: "الولايات المتحدة تريد أيضا الدفع بعملية سياسية في اليمن حتى تستعيد دورها التقليدي في المنطقة، وتعالج مخاوف الخليجيين بشكل جدي، لذا نرى أن هناك انخراطا فعليا من كل الأطراف الإقليمية والمحلية، حيث رأينا أيضا عودة الرئيس العليمي إلى عدن، ودعم الحكومة من قِبل رئيس مجلس التعاون الخليجي، وزيارة المبعوث الأممي لمأرب لأول مرة".
وأشار إلى أن "كل هذه التفاعلات والحراك الإقليمي والدولي تؤكد أن هناك مساعي جدية للدفع بعملية سلام في اليمن، ومليشيا الحوثي ترى أنها في هذه الحالة لم تعد بحاجة للمؤتمر الشعبي العام".
واستطرد: "مليشيا الحوثي تطلق النار على شراكتها التقليدية مع المؤتمر الشعبي العام، بعد أن كانت في الماضي بحاجة إلى واجهة سياسية وحزب سياسي، لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي والإقليمي، بأنها تؤمن بالشراكة، كونها جماعة طائفية مناطقية انقلابية".
وزاد: "مليشيا الحوثي لا تريد للمؤتمر الشعبي العام في صنعاء أن ينال جزءا من استحقاقات السلام؛ باعتباره حزبا سياسيا، وتريد أكل الكعكة لوحدها، وهذا هو السبب الرئيسي والأساسي لهذه الحملة الشرسة والتصريحات النارية ضد رئيس حزب المؤتمر في صنعاء، صادق أبو رأس".
- حالة ضعف وخوف
يقول عضو اللجنة العامة للمؤتمر، د. عادل الشجاع: "هجوم مليشيا الحوثي لا يعني المؤتمر الشعبي العام، بقدر ما يعني اليمنيين بشكل عام، لأن ما صرح به رئيس حزب المؤتمر في صنعاء هو ناتج عن أصوات الناس جميعا الذين يطالبون بالمرتبات".
وأوضح: "مليشيا الحوثي تعيش حالة رعب وقلق وتخبط من أن تتوحد أصوات الناس المطالبة بالمرتبات، لذا ردة الفعل كانت بهذا الحجم، من مصدر ضعف وخوف ورعب".
وأضاف: "لا نتحدث اليوم عن انقلاب فقط في صنعاء، فقد تبعه وتوالت انقلابات كثيرة جدا، حتى داخل الشرعية نفسها، هناك انقلاب حدث في العاصمة المؤقتة عدن، وانقلاب داخل الشرعية، حيث خرج الجيش الوطني خارج سياق المواجهة لتحل محله المليشيا".
وتابع: "نحن بحاجة لقراءة هادئة، فليس هناك عداوة بين الأطراف داخل الصف الجمهوري، وإنما هناك احتقانات ينبغي تجاوزها، وتشجيع كل الأصوات التي تدعو إلى مواجهة هذه العصابة التي اختطفت كل شيء".
ويرى أن "ما يواجهه المؤتمر، أو ما سيواجهه، هو في حقيقة الأمر موجه لجميع اليمنيين، وعلينا أن نحتضن العائدين الذين سيفرون من الأحضان الحوثية، ونشجعهم على ذلك، لا أن نقف أمامهم ونقيَّم أخطاءهم في الماضي، لتستمر هذه الأخطاء تقتلنا بشكل دائم".