وباتت مختلف مراكز التطعيم في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، تعاني من الازدحام الشديد للمواطنين الذين قدم العديد منهم من المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة "الحوثي، التي رفضت استلام اللقاحات.
وفي 20 أبريل/ نيسان الماضي، انطلقت حملة التطعيم ضد كورونا في اليمن، لكن السلطات شكت حينها من عزوف كبير في الإقبال على اللقاح.
هذا الأمر، جعل وزير الصحة قاسم بحيبح، يرسل حينها مناشدات متكررة للسكان بضرورة أخذ اللقاح، وعدم تصديق الشائعات التي تم ترويجها بأن اللقاح له مضاعفات صحية سيئة.
ومنذ أكثر من أسبوع، اشتد الزحام على مراكز التطعيم ضد كورونا بالبلاد، بعد اشتراط السعودية من اليمنيين الداخلين إلى أراضيها سواء للعمل أو الحج والعمرة، أخذ لقاح كورونا كشرط أساسي للعبور.
وإثر ذلك عاد العديد من اليمنيين من معبر "الوديعة" الحدودي مع السعودية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة لأخذ اللقاح، سواء في محافظة حضرموت (شرق)، أو في محافظات مأرب (وسط) وتعز (جنوب غرب) وعدن (جنوب).
وقدم الكثيرون من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة، وقطعوا مسافات كبيرة من أجل أخذ اللقاح، استعدادا للسفر إلى السعودية، أو دول أخرى.
وأعلنت السلطات الصحية اليمنية، فتح مراكز تطعيم إضافية في كل من عدن وحضرموت وتعز، بسبب ازدحام السكان على مرافق أخذ اللقاح.
وحتى الجمعة، بلغ عدد من تلقوا اللقاح نحو 88 ألفا، وفق علي الوليدي وكيل وزارة الصحة العامة والسكان، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).
السفر يجبر على اللقاح
محمد العمراني، مواطن قدم من مديرية "شرعب السلام" الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى مستشفى الجمهوري في مدينة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة من أجل التطعيم ضد كورونا.
وقال العمراني للأناضول، إنه قدم من أجل أخذ لقاح كورونا "استعدادا إلى السفر للخارج".
وأضاف: " كنا سابقا غير مدركين لأهمية اللقاح، ما جعلنا لا نقوم بالتطعيم، لكن الآن فهمنا الأمر وأصرينا على التطعيم".
وتابع: "أنصح المواطنين بأخذ اللقاح لسلامتهم الصحية وسلامة بلادهم من الوباء".
من جانبه، أفاد المواطن خلدون عبد المجيد للأناضول، بأنه أخذ جرعة اللقاح ضد فيروس كورونا في مدينة تعز.
وأردف: "لم يكن هناك إقبال على مراكز اللقاح الخاصة بفيروس كورونا، لكن مؤخرا شهدت المراكز ازدحاما من قبل السكان لأخذ التطعيم، بعد قرار العديد من الدول ضرورة أخذ اللقاح من قبل المسافرين القادمين إليها".
لقاحات أوشكت على النفاد
رغم أن عدد سكان اليمن 30 مليونا، لكن البلاد حتى اليوم لم تحصل سوى على 360 ألف جرعة من لقاح كورونا عبر منظومة (كوفاكس) العالمية، ومن المقرر أن يتم تزويد البلد خلال الفترة المقبلة بدفعات جديدة من اللقاح.
ومع إقبال الناس على أخذ اللقاح، يُخشى أن تنتهي الجرعات الموجودة، ما يؤدي إلى عرقلة العديد من السكان الراغبين في السفر إلى الخارج، خصوصا المغتربين في السعودية.
رشاد سعيد المخلافي، مدير مكتب الصحة بمديرية "القاهرة" التي تضم عدة أحياء في قلب مدينة تعز، يقول إن "هناك ازدحاما شديدا من قبل المواطنين الراغبين في الحصول على لقاح كورونا".
وأضاف للأناضول: " لم نكن نتوقع أن نشهد هذه الكمية الهائلة من الناس، التي جاءت لتحصل على الجرعة الأولى من اللقاح".
وتابع: " نحن مستمرون بوتيرة عالية لتنفيذ حملة التطعيم، رغم التحديات التي تواجهنا".
وأردف: "الآن المستفيدون أخذوا الجرعة الأولى ويطالبون بالجرعة الثانية التي نأمل من السلطات توفيرها".
ولفت أنه "مع بداية الإعلان عن التطعيم، كان الإقبال ضعيفا، بعد أن حصل نوع من المخاوف والاستهتار من قبل البعض".
واستدرك: "لكن حاليا زالت المخاوف، والكمية المخصصة لتعز من اللقاحات توشك على النفاد بسبب الإقبال"، معبرا عن أمله من وزارة الصحة بأن تمد المحافظة بمزيد من اللقاحات".
وبرنامج "كوفاكس" يعمل في إطار منظمة الصحة العالمية، كبرنامج عالمي لتطعيم الناس في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل التي لا تمتلك القدرة على توقيع اتفاقيات ثنائية للشراء المسبق للقاح.
الحوثيون يرفضون اللقاحات
من جانبه، يوضح محمد الفقيه، نائب مدير إدارة مكافحة العدوى في مستشفى الثورة (أكبر مستشفيات تعز)، أن "سبب الازدحام الشديد على أخذ اللقاح بالمدينة، هو أن مليشيا الحوثي رفضت أخذ اللقاحات الخاصة بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها التي قدمت من الحكومة في عدن".
وأضاف للأناضول: " المواطنون قدموا إلى هنا بشكل كبير لأخذ اللقاح، من مختلف المناطق بما فيها الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بعد أن اشترطت السلطات السعودية على اليمنيين الداخلين إلى أراضيها شهادة تحصين ضد كورونا مقابل العبور".
فيما يشير نشوان الحسامي، مدير مركز العزل الخاص بمرضى كورونا بالمدينة، أن "تعز تعاني من الأوبئة منذ فترة طويلة، مثل الملاريا وحمى الضنك، وحاليا فيروس كورونا".
وقال للأناضول: "هذا الوباء أكثر انتشارا وفتكا بأبناء محافظة تعز لعدة أسباب بسبب عدم وجود منظومة صحية متكاملة".
واستطرد: "مازال الاحتياج قائما لتوفير الكادر ومتطلبات مكافحة الأوبئة، منها فيروس كورونا".
وزاد: "هناك انتشارا لفيروس كورونا، بسبب عدم التزام المواطنين بالتعليمات الصادرة من قبل وزارة الصحة العامة والسكان بأخذ الاحترازات، في الوقت الذي استمر البعض في عدم الاعتراف بوجود الوباء، ما لعب دورا كبيرا في التفشي".
وحتى مساء الأحد، ارتفع إجمالي إصابات كورونا في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية إلى 6731، بينها 1319 وفيات و 3399 حالة تعاف.
ومنذ بداية جائحة كورونا مطلع 2020، لم تكشف جماعة الحوثي سوى عن إحصائية واحدة كانت في 18 مايو/أيار الماضي، أعلنت حينها 4 إصابات بينها حالة وفاة، وسط اتهامات شعبية ورسمية للجماعة بإخفاء أعداد المصابين في مناطق سيطرتها.
والقطاع الصحي في اليمن شبه منهار تماما، بسبب حرب مستمرة منذ أكثر من 7 سنوات بين القوات الموالية للحكومة وجماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.
وخلفت الحرب المتواصلة في اليمن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وبات 80 بالمئة من السكان يعتمدون على مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.