وفي الوقت الذي يستعرض فيه الحوثيون قوتهم العسكرية في مناطق سيطرتهم، يشهد معسكر الحكومة الشرعية استمرار حالة الانقسام والصراع، اللذين وصلا أخيراً إلى حد الاقتتال في محافظة شبوة، جنوبي البلاد. ويعكس هذا المشهد التعقيدات أمام محاولة استغلال الهدنة للتوصل إلى حل سياسي شامل للحرب في اليمن.
وتعيش الهدنة اليمنية الهشة، بعد تمديد ثالث أُعلن عنه في 2 أغسطس/ آب الحالي، لمدة شهرين، حالة من الركود والتعثر في أحد ملفاتها الأساسية، إذ توقف تطبيق بنودها عند فتح الطرقات في مدينة تعز، وهو البند الذي يقع تطبيقه على عاتق جماعة الحوثيين، التي تفرض حصاراً على المدينة منذ ست سنوات.
ويستمر تعثّر تطبيق بنود الهدنة على الرغم من أن موافقة الأطراف اليمنية على تمديدها كان بناءً على الالتزام بتطبيق هذه البنود، بالإضافة للتفاوض على اتفاق هدنة موسّع جديد.
وفي مؤشر إضافي على تعثّر تطبيق الهدنة، أعلنت الحكومة اليمنية، تعليق مشاركتها في المحادثات مع الحوثيين التي ترعاها الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان.
واتهمت الحكومة، الحوثيين بشن هجوم عسكري واسع استمر منذ مساء الأحد حتى فجر أمس الأول الإثنين على مواقع للجيش، وأسفر عن مقتل 10 جنود وجرح 7 آخرين، في منطقة الضباب غرب مدينة تعز. ورداً على هجوم الحوثيين، علّقت اللجنة العسكرية الحكومية المشاركة في محادثات عمّان.
وقالت في بيان الإثنين إن "هذا التعليق يأتي نتيجة لقيام المليشيات الحوثية بشن هجوم عسكري واسع في تعز نتج عنه عشرات القتلى والجرحى، والذي يستهدف إغلاق آخر شريان رئيسي يغذي مدينة تعز المحاصرة منذ سبع سنوات".
وكان من المقرر أن تبدأ المحادثات هذا الأسبوع بين وفدي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، ضمن اللجنة العسكرية لتثبيت الهدنة، ومناقشة خروقات الهدنة وفتح المعابر والطرق في مدينة تعز وغيرها من المحافظات.
وعلى الرغم من حالة الصمود التي بدت عليها الهدنة الهشة خلال الأشهر الخمسة الماضية، خصوصاً لناحية استمرار وقف إطلاق النار، إلا أن التأهب العسكري لدى الحوثيين تصاعد خلال الأسابيع الماضية بشكل لافت، في الوقت الذي تراوح فيه جهود الأمم المتحدة مكانها، لناحية تحقيق اختراق في ملفات التفاوض الأخرى، بمساندة واشنطن التي تتحرك دبلوماسيتها في المنطقة، للمهمة ذاتها.
وفي 2 إبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن موافقة الحكومة اليمنية والحوثيين على الدخول في هدنة لشهرين برعاية أممية. ومُددت الهدنة لشهرين إضافيين اعتباراً من 2 يونيو/ حزيران انتهت في 2 أغسطس الحالي، ومُددت للمرة الثالثة لغاية 2 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وإلى جانب وقف إطلاق النار، شملت الهدنة بنوداً أخرى، وهي استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء وإليه بمعدل رحلتين أسبوعياً، والسماح بدخول الوقود إلى ميناء الحديدة ومنه إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز. وقد تم تنفيذ البنود كافة ما عدا الأخير. وتعد هذه البنود إنسانية وتهدف لبناء الثقة بين أطراف النزاع.