تحقيق استقصائي يكشف دور الإمارات في إضعاف المنطقة العربية عبر لوبي أمريكي

كانون1/ديسمبر 20, 2022

كشف تحقيق استقصائي أجراه معهد "كوينسي" عن حجم المساعي الإماراتية للتأثير على دوائر صناعة القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن الإمارات عملت على تشكيل لوبي في الولايات المتحدة، قام بإنشاء 25 شركة تهدف إلى دعم السياسة الإماراتية، وصرفت -خلال عامي 2020 و2021م- أكثر من 64 مليون دولار.

 ويشير التحقيق إلى أن الإمارات تكثف ضخ أموالها لكسب المزيد من الدعم، والمساندة لصالح سياستها في ملفات المنطقة، وأبرزها الأزمة اليمنية، والعلاقات مع إسرائيل، والتسليح وتبييض جرائم حقوق الإنسان.

 

 ويذكر التحقيق الاستقصائي عددا من الشركات ووسائل الإعلام والمراكز البحثية، التي يحاول الوكلاء الإماراتيون التأثير عليها، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الكونجرس، وموظفي لجنة العلاقات العامة في مجلس الشيوخ، وسياسيين مؤثرين قامت الإمارات بالتبرّع لصالحهم.

 

 - لوبي وظيفي

 

 يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان، لقناة بلقيس: "إن من حق أي دولة أن يكون لديها لوبي في مراكز صناعة القرار الدولية أو الإقليمية، بمعنى أن اللوبي الإسرائيلي موجود في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك لوبي إيراني ولوبيات من أكثر من دولة تتواجد في الولايات المتحدة".

 

 وأوضح أن "اللوبي الإماراتي هو لوبي وظيفي، بمعنى أنه لا يخدم القضايا العربية أو الإسلامية، أو يحقق المصالح القومية، فهو مجرد لوبي يخدم الوظائف والمصالح الإسرائيلية، ولا يشكّل قلقا على إسرائيل، وإنما يساهم في إضعاف المنطقة العربية، ومحاربة الإسلام، وفي محاربة المشاريع القومية، ودعم الكيان الإسرائيلي".

 

 وأشار إلى أن "الإمارات ذهبت إلى التطبيع مع إسرائيل، وهي ليست دولة داخله بحرب مع الكيان الإسرائيلي، وتحاول أن تستفيد من هذا اللوبي في إطار توسعها التجاري".

 وأضاف: "طالما وأن الخاسر الوحيد هو الشعب اليمني، وشعوب القرن الإفريقي، فهذا يلتقي مع المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية، لذا كل ما تقوم به الآن هو ضد المصالح القومية في المنطقة العربية".

 

 وتابع: "الخلل يكمن في أننا كيمنيين قادرون أن نكشف هذا الدور الإماراتي مهما كان اللوبي في الولايات المتحدة الأمريكية، ونستطيع متابعتها قانونيا، لكننا تركنا هذه الدولة تعبث وبدون متابعة، حتى لو أقفلت القضايا، وأوجدت مخارج قانونية، أو بفعل اللوبي، فهذا لا يعني أن نتوقف عن متابعتها".

 

 وتساءل: "هل قمنا بإيجاد ملفات حقوقية وقانونية مدروسة؟".

 

 وقال: "هناك توقيع بين وزير الدفاع اليمني والإماراتيين للعودة، ونحن كنا نريد ملفات حقوقية، ونريد المكاشفة حول الوجود الإماراتي، ودوره في اليمن".

 

 وأضاف: "هناك اتفاقيات غير معلنة بين الولايات المتحدة والإمارات، بالاتفاق والتوافق مع الكيان الإسرائيلي، لذا هناك إيجاد دور إقليمي لهذه الدولة (الإمارات)، يضعف السعودية ومصر باعتبارها دولة محورية، ويوجد هذا الكيان الذي يلعب دورا وظيفيا داعما لمشروع الشرق الأوسط الجديد، ودور وظيفي داعم للدور الأمريكي، ولا يقدم الخدمات فقط بل وأيضا المال الشي هو ملك للشعب الإماراتي، لتحقيق مصالح المشروع الأمريكي والإسرائيلي".

 

وتابع: "المنطقة العربية تحتاج إلى صناعة لوبي، لكن عندما بدأنا ندرك أهمية اللوبيات، بدأنا بعمل مخالف تماما للأهداف التي كنا نطمح بها".

 

وأردف: "الولايات المتحدة طبعا متواطئة مع ما تقوم به الإمارات في اليمن، وهي تدرك أن الإمارات هي من أنشأت المجلس الانتقالي، والمليشيات والأحزمة والنّخب، وهي التي تسيطر على جزيرتي سقطرى وميون، وهذا يخالف قرارات مجلس الأمن، لكن هناك اتفاقيات غير معلنة تتعلق بمكافحة الإرهاب، وهو المدخل لانتهاك سيادة الدول، لذا الإمارات والسعودية هما من مهدتا للتواجد الأمريكي في اليمن، بالقضاء على السلطة الشرعية والجيش وبناء المليشيات".

 

وزاد: "الدولة اليمنية بدلا من أن كانت دولة وطنية ذات سيادة وجغرافية موحّدة، أصبح لديها سنة وشيعة وشمال وجنوب، ولديها مناطقية وذاكرة مليئة بالجراحات، وهذا يؤدي في المستقبل إلى تسوية تتشابه تماما مع النموذج العراقي، وهذا يعني أننا لا نستطيع بناء دولة في المستقبل، وإنما بناء حكم توافقي يمثل الجنوب بنسبة، والشمال بنسبة، والشيعة بنسبة، والسنة بنسبة، وهذا ما يأتي في إطار تطفيف الشرق الأوسط الجديد".

 

وقال: "نحن تركنا متابعة الإمارات والسعودية، حتى إذا كان هناك ما يسمى بالولاية القضائية لبعض الدول، نحن نضع خارطة بالبلدان التي تندرج فيها الولاية القضائية لانتهاكات حقوق الإنسان، ونضع ملفات مفتوحة بالجرائم، ونفضح الدور الإماراتي في انتهاك السيادة والقرار 2216 واليمن تحت الفصل السابع".

 

 وأضاف: "نحن تركنا المجال والإمارات تعبث بنا، والسلطة الشرعية ساهمت وأصبحت تابع".

 

 وأوضح أن "بقاء النخب اليمنية في الخارج أيضا هو عمل مدروس، حيث أصبحت هناك فجوة بينها وبين الجماهير، فتصبح غير قادرة على صناعة القرار، والعالم يعلم ذلك لكنه متواطئ".

 

 ويرى أنه "كي تعاد البوصلة ويتم الكشف عن الدور الإماراتي في اليمن، فإن ملف المرتزقة وتصفية الجماعات السياسية، ملف في غاية الأهمية، وينبغي ألا يتم التوقف عند بيان أو إحصائيات".

 

 - كل الدول لديها لوبيات

 

 من جهته، يقول الباحث في القانون، فؤاد عامر: "إن كل الدول في العالم تعمل على اللوبيات، وعمل اللوبيات لدى صناع السياسة الغربية ومراكز القرار الدولي، هي جزء من الثقافة السياسية لدى هذه الدول".

 

 وأضاف، لقناة بلقيس: "من حق جميع الدول أن يكون لها لوبيات تقوم بالضغط ومحولة تمرير قوانين ومشاريع ومحاولة الحصول على استشارات والتأثير على صناع القرار وعلى أعضاء البرلمان الأوروبي، وهي جماعات تمثل صناعة الأسلحة، أو النفط أو جماعات حقوق الإنسان، وجماعات البيئة، وجماعات المثليين".

 

 وتابع: "كل الدول تستخدم هذه الجماعات، أو الأشخاص الذين يكونوا غالبا موظفين أو متقاعدين سابقين، للوصول للمشرعين، سواء في البرلمان الأوروبي، أو في الولايات المتحدة، وأيضا في القطب الآخر في بروكسل وواشنطن هناك تجمع كبير للوبيات الضغط هذه، وحتى الصين وروسيا التي تعتبر معادية، لديهما جماعات ضغط في بروكسل وواشنطن ولندن، وهي جزء من اللعبة". 

 

 وأوضح أن "الدول غالبا تلجأ إلى هذا المهام، لكي تقوم بحماية مصالحها الوطنية القطرية".

 

 وقال: "في حال كان هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تحت إشراف السلطات الإماراتية أو غيرها، يجب تحضير ملفات ومستمسكات قانونية يتم رفع الدعوات من قِبل أصحاب الشأن أنفسهم وتجهيزها، وعند سفر أحد القائمين على الانتهاكات إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي يتم تقديمها مباشرة".

 

 - لوبي ضغط إماراتي

 

 من جهته، يقول الباحث في مركز واشنطن للدراسات اليمنية، سيف المثنى: "إن التحقيق الاستقصائي لا يعد وليد اللحظة بالنسبة لقارئ السياسة الأمريكية أو الإماراتية، وإنها تعتمد على المؤامرة والبرجماتية فيما يخص الولايات المتحدة أو سياستها".

 

 وأضاف: "اللوبي الذي شكلته الإمارات هو تقريبا جاء بعد 2006م، وليس بعد 2011م، وبعد أن فشلت الكثير من الصفقات، وأبرزها صفقة INDO التي كانت شركة لإدارة الكثير من الموانئ وأرادت الإمارات أن تعتمد على هذه الشركة بعد النكسة الاقتصادية".

 

 وتابع: "لكن المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون رأوا أن ذلك يهدد الأمن القومي فقاموا بإفشال هذه الصفقة، فأتى العتيبة في 2008م وبدأ بتشكيل هذا اللوبي، وانتبهت الإمارات إلى هذه الفكرة أن تشكل لوبي ضغط بما يخص السياسية الأمريكية نحو السياسة الإماراتية".

 

 وأشار إلى أن "هذا التحقيق ركز على الكثير من التفاصيل بعد 2011م لكن كانت هناك خلفيات لهذا اللوبي التي جاءت به الإمارات".

 

 وأفاد أن "القرار الأمريكي يعتمد على نهجين، أولا: الشركات، وثانيا: على مراكز البحوث التي يُستسقى منها الكثير من المعلومات، لذا اعتمدت الإمارات على هذا النهج، واعتمدت لدفع هذه المبالغ لغض الطرف عن تجاوزاتها الحقوقية وللمساعدة على تمرير الكثير من صفقات الأسلحة، وإزالة الكثير من القيود فيما يخص تجارة الأسلحة".

 

 وقال: "الأموال التي تدفعها الإمارات هي لتبييض صورتها أمام الشأن الأمريكي، وأيضا لتحسين العلاقات أكثر بما يخص العلاقة الديمقراطية، خاصة وأننا نعلم بأن الحزب الديمقراطي، الآن يحاول تفكيك هذه الشبكات المرتبطة بين الجمهوريين، وخاصة أنصار ترمب وبين الإمارات لكثير من الأخطاء السابقة التي تمت فيما يخص الحرب في اليمن وانتهاكات حقوق الإنسان".

 

 وأضاف: "الإدارة الديمقراطية الآن والمشروع الأخير الذي قام به بيرني ساندرس لمحاربة الإمارات والسعودية بما يخص الانتهاكات في اليمن، وملف السجون السرية، وقدم هذا المشروع، وكان هناك تعون كثيف، لكن البيت الأبيض أوقف هذا المشروع بحجة أنه يخالف الحوارات الدبلوماسية القائمة حاليا في اليمن بخصوص الهدنة".

 

 وتابع: "النهج الذي اتبعته الإمارات يأتي لتبييض صورتها أمام المجتمع الأمريكي، خاصة في كثير من الأحداث التي انتشرت، خصوصا وأن هناك تقريرا للواشنطن بوست نشر قبل 3 سنوات يتحدث عن الأثر الأمريكي الكبير، بما يخص في السياسة والتدخل في السياسة الأمريكية".

 

 وأردف: "لكن ما يخفف الضغط على الإمارات، هو التعاون بين اللوبي الأمريكي واللوبي الإسرائيلي، وهذا يخفف الكثير من الحملات التي ضد الإمارات".

 

 وأشار إلى أنه "إذا كانت هناك أي حملات قادمة أو أي ملفات ستقدم لمحاسبة الإمارات، فالوقت الراهن هو الوقت الأنسب لمحاسبة الإمارات قبل أن تأتي الانتخابات الأمريكية القادمة لـ2024م".

 

Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro