وتعمل الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيجاد حلول جذرية لأزمة اليمن، فيما ينظر إلى تركيا على أنها ربما تكون جزءاً من تلك الدول، خصوصاً أنها لم تنخرط في الحرب اليمنية، رغم موقفها المبدئي إلى جانب السعودية في حربها، قبل أن تتراجع عنه لاحقاً بسبب الأزمة الخليجية التي عقدت العلاقات بين الجانبين.
ومع تحسن العلاقات بين الرياض وأنقرة، وما تملكه الأخيرة من علاقات جوار كبيرة مع طهران، كان لافتاً الزيارة التي قام بها وزير خارجية اليمن إلى أنقرة، وتأكيد تركيا بذلها جهوداً حثيثة لإنهاء الحرب اليمنية، فهل يكون لها أي تدخل محتمل في إنهاء هذه الحرب؟
زيارة لافتة
بعد تحسن العلاقات السعودية التركية خلال العام 2022، كانت أبرز نتائجها زيارة قام بها وزير خارجية اليمن أحمد عوض بن مبارك إلى العاصمة التركية أنقرة، ولقاؤه نظيره تشاووش أوغلو، ووزير الداخلية التركي سليمان صويلو (23 ديسمبر 2022).
وخلال لقاء جمع "بن مبارك" بوزير الداخلية التركي، قال الأخير إن بلاده تبذل جهوداً حثيثة من أجل إنهاء الاشتباكات وإرساء الاستقرار في اليمن، والعمل على إنشاء البنى التحتية.
وأوضح صويلو أنه أجرى مباحثات مثمرة مع الوزير اليمني والوفد المرافق له، منوّهاً "بالمستوى الرفيع للعلاقات الأخوية بين البلدين"، بحسب ما أوردت وكالة "الأناضول".
وأشار الوزير التركي إلى الأوضاع الحالية في اليمن، قائلاً في حديث مع "بن مبارك": "بإذن الله سينتهي ما أنتم فيه من أوضاع بأقرب وقت".
وأضاف أن "إنهاء هذه الاشتباكات مهم، كما أن إنشاء البنية التحتية الأمنية في اليمن يحمل أهمية كبيرة، ونبذل جهوداً حثيثة لتحقيق ذلك".
وجاءت زيارة وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، "تلبية لدعوة نظيره مولود تشاووش أوغلو"، وفقاً لبيان الخارجية اليمنية.
تركيا وحرب اليمن
دعمت تركيا التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن عام 2015 على أساس مبدئي ضد التدخل الإيراني، ودعمت جهود الوساطة بين الأطراف المتحاربة.
وبسبب الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف 2017 والتي كانت تركيا جزءاً منها لدعمها قطر والوقوف إلى جانبها، ثم ما تلا ذلك من أزمة كبيرة عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول (أكتوبر 2018)، فقد تدهورت العلاقات التركية - السعودية، لتضطر تركيا وقتها إلى اتباع نهج جديد تجاه اليمن.
واختارت تركيا ترجيح كفة المخاوف الأمنية على المخاوف الأيديولوجية، ورفضت المطالب بتدخل لها باليمن، ورأت أن أي تدخل تركي أحادي الجانب في اليمن كان من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة ويعرض علاقات تركيا بإيران والسعودية للخطر، خصوصاً أن حكومة اليمن لم تقدم على طلب ذلك.
وعلى الرغم مما كانت تمر به من أزمة مع السعودية والإمارات، كانت تركيا ولا تزال تعتبر الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي كيانات غير شرعية، نظراً لتاريخها مع جماعات مماثلة مثيرة للقلاقل والأزمات مثل حزب العمال الكردستاني الانفصالي، الذي تصنفه أنقرة جماعة إرهابية.
أوضاع مهيأة
وحول إمكانية تدخل تركيا في الملف اليمني لوقف الحرب، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني كمال السلامي أن الأوضاع في هذه المرحلة "مهيأة لتضطلع تركيا بدور متقدم في الملف اليمني".
ويرى "السلامي"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن زيارة وزير خارجية اليمن إلى أنقرة قبل أيام "تمثل حجر الأساس لعلاقة أكثر من تقليدية مع الحكومة اليمنية".
ويوضح: "تركيا بحاجة لتوسيع نفوذها في المنطقة، في أعقاب القطيعة التي حصلت مع الرياض وأبوظبي والقاهرة، وأثرت منذ ذلك اللحين على تواجد تركيا في المياه الدولية أيضاً".
ويعتقد أن الحكومة التركية "ترى في عودة العلاقات مع الحكومة اليمنية فرصة لتحقيق النفوذ الإيجابي، ولديها استعداد لتقديم الكثير من المساعدة على الصعيد السياسي والإنساني وحتى الأمني والعسكري".
ويشير إلى معلومات تتحدث عن زيارة وفد حكومي يمني في الفترة المقبلة يضم "عدداً من الوزراء بينهم وزير الداخلية، بهدف الاتفاق مع تركيا لإعادة تأهيل الجهاز الأمني".
ولا يستبعد السلامي أن يكون لتركيا "دور في تأهيل وربما تسليح الجيش اليمني للمرحلة المقبلة"، مضيفاً: "باعتقادي ستكون باكورة الدعم التركي في الميدان الإنساني، وملف الإعمار أيضاً".
السنوات الـ10 الأخيرة
ترتبط تركيا واليمن بروابط تاريخية وثقافية راسخة، وتقول تركيا إنها تقوم بدعم السلام والاستقرار ووحدة الأراضي اليمنية، وتبذل جهوداً حثيثة في كافة المحافل في هذا الشأن.
وقبل الحرب كانت الصادرات التجارية إلى اليمن تبلغ ما يساوي نصف مليار دولار، فيما تبلغ صادرات اليمن 100 مليون دولار، حيث كانت تبحث أنقرة عن استثمار في النفط اليمني ليمكنها ذلك من رفع صادراتها من اليمن.
ومنذ اندلاع أزمة اليمن، في سبتمبر 2014، أيدت تركيا الحكومة الشرعية والرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي الذي زار أنقرة لأول مرة في فبراير 2016 للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أما على مستوى الداخل اليمني وفي خطوة هي الأولى من نوعها منذ انقلاب الحوثيين، زار نائب وزير الداخلية التركي إسماعيل جكتلا، في يناير 2019، العاصمة المؤقتة عدن في أول زيارة رسمية لمسؤول تركي رفيع منذ اندلاع الحرب.