تتجذر هذه المشكلة بعمق لكونها ترتبط باستحقاق إماراتي، يجعل من بين أهم أهداف وجود قوات طارق والمشروع السياسي الذي يغلفها في جنوب البحر الأحمر وفي باب المندب؛ احتواء القوات المهيمنة على مدينة تعز، والتي تصنفها أبو ظبي "إخوانية"، وهو شرط ثأري أيديولوجي وذرائعي، تفرضه الحاجة إلى ضمان تحييد منطقة باب المندب عن أية سلطة مركزية يمنية، وإبقائه بعيداً عن نفوذ إيران وجماعتها المسلحة التي تسيطر على صنعاء.
تمثل مدينة المخا واحدة من أهم الموانئ اليمنية القديمة التي سيرتبط اسمها في العصر الحديث بثمرة "البن"، حيث هذا الاسم ليتحول إلى أهم علامة تجارية عالمية في مجال تجارة القهوة (موكا- Mocha coffe)، في هذه المدينة الواقعة على بعد 94 كيلومتراً إلى الغرب من مدينة تعز، وفي الآن نفسه تمثل الميناء الرئيس لمحافظة تعز على البحر الأحمر.
ولطالما تبادل ميناء المخا المكانة والنفوذ مع ميناء عدن عبر التاريخ لأكثر من مرة وفي محطات عديدة؛ أبرزها في بداية العصر الحديث، والأخرى في القرن التاسع عشر، ففي الأولى هيمنت ميناء المخا عبر احتكار تجارة البن، وفي الأخيرة هيمنة عدن بدفع من النفوذ الاستعماري لبريطانيا العظمى التي سيطرت على عدن حتى 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967.
اليوم تستكمل المستعمرة السياسية لعضو مجلس القيادة الرئاسي في المخا مقومات نفوذها ووجودها، فبالإضافة إلى الميناء، يشارف المطار الجديد على الاكتمال والبدء باستقبال الطيران المدني، وهذا يقتضي تسجيله لدى اتحاد النقل الدولي (إياتا)، فيما تتواصل عمليات البناء العسكري والأمني للتشكيلات التابعة للعميد طارق، والتي تجتذب عناصر من كافة أنحاء اليمن.
ويمكن احتساب المكاسب التي تحرزها المخا اليوم، خطوة باتجاه انتزاع النفوذ الذي يفترض أن تلعبه مدينة عدن، بسبب فقدان الانتقالي الوشيك للسيطرة على العاصمة السياسية المؤقتة، ومعها الهيمنة على الفضاء الجنوبي بسبب الاستدارة السعودية بعكس طموحات الانتقالي، ودعمها الخشن للرئيس بقوات درع الوطن.