وجاء وعد العليمي، الذي يزور مدينة المكلا، المركز الإداري لحضرموت منذ أيام، في كلمة له أمام قيادات السلطة المحلية بحضرموت، خلال اللقاء الموسع الذي عُقد أول من أمس الأحد، وتعقيباً على كلمة المحافظ مبخوت بن ماضي، الذي قال إن "حضرموت لن تنتظر 40 عاماً حتى تنتهي الخلافات والحروب"، وإنه "إذا لم تفضِ المفاوضات الجارية إلى حلّ، فإنه من حق أبناء حضرموت أن يتولوا أمرها أمنياً واقتصادياً وإدارياً".
وقال العليمي: "نؤيد نحن كلام المحافظ بإدارة المحافظة نفسها مالياً وإدارياً وأمنياً، وإذا نجحت التجربة سنُعممها على بقية المحافظات"، كاشفاً عن تحضيرات جارية لعقد لقاء تشاوري في حضرموت بين الحكومة والقطاع الخاص والسلطات المحلية والدول المانحة لتعزيز إدارة المحافظات ذاتياً.
وأضاف رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن: "نحن في قيادة المجلس، حرصنا أن تكون أول زيارة للرئيس للمحافظات خارج العاصمة المؤقتة عدن، إلى حضرموت، نتيجة لما تتميز به هذه المحافظة من مكانة تاريخية أرضاً وإنساناً وثقافة"، لافتاً إلى أن "حضرموت تمثل اليوم النموذج الناصع امتداداً لتاريخ الآباء والأجداد الذين نشروا الإسلام بالقدوة الحسنة".
وأعلن العليمي، من حضرموت في زيارة هي الأولى له من نوعها لمحافظة غير عدن منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي قبل أكثر من عام قبل أكثر من عام، عن 20 مشروعا وبرنامجا إنمائيا في المحافظة ممولة سعودياً، وتشمل مجالات: التعليم، الصحة، المياه، الطاقة، النقل، الزراعة والثروة السمكية، إضافة إلى بناء قدرات المؤسسات الحكومية وبرامج حماية التراث الإنساني، وفقاً للإعلام الرسمي.
بدوره، أعلن وكيل وزارة الإعلام اليمنية محمد قيزان الأحد، عن إطلاق السعودية حزمة مشاريع تنموية في حضرموت بـ320 مليون دولار، وذلك عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وهو ما أكّده السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، في اليوم ذاته، عبر "تويتر".
وتستمر زيارة العليمي إلى حضرموت، والتي وصل إليها يوم السبت الماضي، أياماً عدة أخرى، حيث سيشارك أبناء حضرموت الاحتفالات بعيد الأضحى (يصادف أول أيامه غداً الأربعاء)، بحسب وكالة الأنباء "سبأ" بنسختها التابعة للحكومة اليمنية.
وأثار حديث العليمي عن تمكين المحافظة من إدارة نفسها، تساؤلات وتفسيرات مختلفة بين الرفض والقبول والاحتفاء، لا سيما أن المعمول به خلال السنوات الأخيرة في معظم المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها، يمكن تصنيفه على أنه "حكم محلي واسع الصلاحيات" وإن من دون إعلان، إضافة إلى ما قد يوحي به الإعلان من أن مجلس القيادة قد تخلى عن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013 – 2014) وهي واحدة من مرجعيات حلّ الأزمة في البلاد والتي تكرر الحكومة التأكيد على تمسكها بها.
يرى الصحافي اليمني عبدالله دوبلة، أن "المشروع الذي أعلن عنه العليمي يكشف عن التحول في المسار السياسي في البلاد". ويضيف دوبلة في حديث: "يبدو لي أنه يمضي في اتجاه تقديم مشروع المحافظات أو الحكم المحلي كامل الصلاحيات على مستوى المحافظات، ليكون بديلاً لمشاريع سابقة كمشروع الأقاليم الستة لـ(الرئيس السابق عبد ربه منصور) هادي، أو المركزية الشديدة التي كانت قائمة قبل (انتفاضة) 2011، وأيضاً مشاريع التقسيم لإقليمين أو مشروع الانفصال".
مع العلم أن الحوار الوطني اليمني كان قد أقر في عام 2014 تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب. والأقاليم الشمالية هي: إقليم أزال الذي يضم محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار، وإقليم سبأ، الذي يشمل البيضاء ومأرب والجوف، وإقليم الجند الذي يضم تعز وإب، وأخيراً إقليم تهامة الذي يضم الحديدة وريمة والمحويت وحجة. والإقليمان الجنوبيان هما: إقليم عدن الذي يضم عدن ولحج وأبين والضالع، وإقليم حضرموت الذي يضم حضرموت وشبوة والمهرة وجزيرة سقطرى.
ويتابع دوبلة: "يبدو أن هذا النموذج (الحكم المحلي) هو الذي يميل إليه رشاد العليمي كرئيس للمجلس القيادي وبدعم من السعودية، ويبدو أنه كنموذج هو الذي سيتم التفاوض حوله ما بين الشرعية وبين الحوثيين، وقد يكون حلّاً وسطاً ما بين الأقاليم وبين العودة إلى المركزية الشديدة".
وكان العليمي قد أشار إلى تفويض السلطة للمحافظات، في خطابه بمناسبة الذكرى الـ23 لتوحيد البلاد، قبل أكثر من شهر. وقال العليمي حينها: "لقد تعهدنا وفقاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، على ألا نعمل فقط على تشارك القرار والتخطيط والتنفيذ على مستوى القمة، ولكن أيضاً نقل السلطة وتفويضها للمحافظات والمديريات وفقاً لأفضل الممارسات، والمعايير ذات الصلة". وعاد في فقرة أخرى من الخطاب نفسه، ليؤكد على التمسك بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني لاسيما "الدولة الاتحادية... التي تبنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني"، والتي قال إنها "أرضية مهمة ينبغي التمسك بها والبناء عليها لتحقيق العدالة".
من جهته، يعتبر الصحافي اليمني كمال السلامي أن "العليمي وجد في النزعة الحضرمية (ككيان مستقل)، وهي نزعة إيجابية من حيث رفضها لفكرة مشروع الانفصال، فرصة لتجربة فكرة الحكم المحلي للمحافظات"، مضيفاً أن العليمي بهذه الخطوة "يهرب من مأزق الأقاليم التي تتطلب حالة استقرار نسبي واستفتاء وإجراءات، كما أنه يمثل مخرجاً من مأزق الصدام مع مشروع المجلس الانتقالي (الجنوبي)، الذي من الواضح أن المجلس الرئاسي لا يمتلك الإمكانات اللازمة لهزيمة أو وأد وإجبار الانتقالي على التراجع عنه".