ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين القول إن البيت الأبيض يضغط على السعوديين أيضا لتحديد الوحدات التي، وفقا لروايات ضحايا وشهود عيان، استخدمت قذائف هاون وأسلحة رشاشة ونفذت عمليات قتل من مسافة قريبة ضد مئات أو ربما آلاف الأشخاص، وكثير منهم من النساء والأطفال.
وبينت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة محادثات دبلوماسية حساسة.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت في تقرير نشرته الأسبوع الماضي حرس الحدود السعوديين بإطلاق "النيران مثل المطر" واستخدام "أسلحة متفجرة" لقتل مهاجرين إثيوبيين كانوا يحاولون العبور من اليمن إلى المملكة ما أودى بمئات منهم منذ العام الماضي.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن السفير الأميركي في الرياض مايكل راتني ناقش هذه المزاعم مع القادة السعوديين هذا الشهر، قبل نشر التقرير، ساعيا إلى نقل ما وصفه بـ "خطورة الادعاءات التي سيتم الإعلان عنها، وكيف من المهم أن يأخذ السعوديون هذا الأمر على محمل الجد".
ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد الإجراءات التي قد تتخذها واشنطن إذا استمرت الحكومة السعودية في عدم تلبية الدعوات الأميركية.
لكن مسؤول وزارة الخارجية أبلغ الصحيفة أن الولايات المتحدة "لن تتهاون فيما يتعلق بمخاوفها حول كيفية التعامل مع هذا الأمر وتصميمها على ضرورة إجراء تحقيق".
وتشير الصحيفة إلى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سعت إلى النأي بنفسها عن حرس الحدود في السعودية، لكن مع ذلك فقد أكد المسؤولون الأميركيين بعد صدور التقرير أن الجيش الأميركي أجرى تدريبا مكثفا لحرس الحدود على مدار ثماني سنوات، بدءا من عام 2015 وانتهى في الشهر الماضي فقط.
وقال مسؤولو وزارة الدفاع والخارجية الأميركيتين إن برنامج التدريب، ومدته ثماني سنوات، ركز على الجانب البحري لحرس الحدود السعودي وتدريب القوات على حماية البنية التحتية والأمن البحري.
وأضاف المسؤولون أنهم لا يستطيعون استبعاد أن التدريب أو الأسلحة الأميركية ربما ذهبت إلى القوات التي تقف وراء الهجمات المزعومة على المهاجرين، لأنهم غير قادرين على تحديد الوحدات المتورطة كما أن الرياض هي الأخرى لم تقدم أية معلومات بشأنها.
وهذا يعني أنهم لا يستطيعون التأكد من عدم مشاركة القوات الأخرى المتمركزة على طول الحدود اليمنية، بما في ذلك القوات البرية الملكية السعودية، وفقا للصحيفة، التي أكدت أن السفارة السعودية في واشنطن لم تستجب لطلب التعليق.
وجدد متحدث باسم الخارجية الأميركية لقناة "الحرة"، الخميس، أنه "ليس لدينا علم بأن حرس الحدود البرية السعودي يشارك حاليا في برنامج تدريب أميركي".
وقال المتحدث: "على حد علمنا لم يكمل أي من حرس الحدود البرية التدريب الذي قدمته القيادة المركزية الأميركية الوسطى من عام 2015 إلى عام 2023 لحرس الحدود السعودي. وقد ركز هذا التدريب على عمليات الأمن البحري وخفر السواحل".
تقنيات متطورة لمراقبة الحدود
بالمقابل ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن ألمانيا، عبر قوات الشرطة الاتحادية، شاركت أيضا إلى جانب الولايات المتحدة في تدريب قوات حرس الحدود السعودي.
وأضافت أن برنامج التدريب الألماني استمر من عام 2009 ولغاية عام 2020، مع فترة انقطاع قصيرة بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وقالت الصحيفة إن المعلومات المتوفرة لديها تشير إلى أن المملكة العربية السعودية تعاملت مع حركة عبور المهاجرين غير القانونيين عبر حدودها باعتبارها مسألة مكافحة إرهاب، مما يسمح لها باستخدام القوة المميتة.
وبينت الصحيفة إن السعودية تستخدم تقنيات مراقبة إلكترونية مركزية واسعة النطاق للمنطقة الحدودية، مما يعني أنها يجب أن تكون قادرة على التمييز بين مجموعات المدنيين الذين يتم الاتجار بهم وبين الأفراد المسلحين على حدود اليمن أو مهربي المخدرات.
وقالت الصحيفة إن الرياض تسعى لإنشاء شبكة مراقبة متطورة ومركزية لحدودها، تشمل دوائر تلفزيونية مغلقة وكاميرات حرارية وأجهزة استشعار.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح حتى الآن عدد الأنظمة التي تم نشرها، إلا أن المعلومات المتوفرة تؤكد أنه تم تركيبها في المناطق الحدودية مع القدرة على مراقبة الحدود من غرف تحكم محلية وأيضا من الرياض.
وكانت منظمة "هيومن رايتش ووتش" أشارت إلى تقريرها، المؤلف من 73 صفحة، استند إلى مقابلات أجريت مع 38 مهاجرا إثيوبيا حاولوا العبور إلى السعودية من اليمن، وكذلك إلى صور التقطتها أقمار اصطناعية وصور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أو "جمعت من مصادر أخرى".
ونقل التقرير عن بعض الناجين القول إن النار أطلقت أحيانا من مسافة قريبة، وروى آخرون أن عناصر من حرس الحدود السعوديين كانوا يطرحون سؤالا على إثيوبيين مفاده "في أي طرف من أجسادهم يفضلون إطلاق النار عليهم".
وتحدث 28 شخصا قابلتهم المنظمة عن استخدام "أسلحة متفجرة" بما في ذلك قذائف الهاون.
وأضافت المنظمة "وصف جميع من تمّت مقابلتهم مشاهد مروعة: نساء ورجال وأطفال متناثرون عبر المنطقة الجبلية (سواء) أصيبوا بجروح بالغة أو قطعت أوصالهم أو ماتوا بالفعل".
وبعد ظهور التقرير، أبدت الولايات المتحدة قلقها حيال التقرير مطالبة الرياض بتحقيق شامل.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية "أبلغنا الحكومة السعودية قلقنا حيال هذه الاتهامات. نطالب السلطات السعودية بإجراء تحقيق معمق وشفاف، وبأن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي".
وأعلن متحدث باسم الأمم المتحدة في حينه أن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش يثير "قلقا كبيرا"، لكنه تدارك أن من الصعب "تأكيد" هذه الاتهامات.
واستنكرت المملكة العربية السعودية، الخميس، الماضي تقريرا هيومن رايتس ووتش ووصفته بأنه "مسيّس ومضلّل".
وقال بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية إن مصدرا حكوميا استنكر "إثارة بعض المنظمات الادعاءات الكاذبة عن المملكة وما وصلت إليه من نشر تقارير مُسيّسة ومضلّلة والترويج لها في سياق حملات إعلامية مغرضة يتم إثارتها بشكل متكرر لأهداف وغايات مشبوهة".
وأضاف المصدر الذي لم يذكر اسمه، أن السلطات السعودية ملتزمة احترام مبادئ حقوق الإنسان وسبق أن قدمت "الرعاية الطبية اللازمة لمجاميع بشرية تعرضت لإصابات نارية من قبل جماعات مسلحة لدفعها إلى دخول المملكة بالقوة الجبرية عبر الحدود".