ركود كبير لأسواق اليمن خلال رمضان بسبب الغلاء وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين

آذار/مارس 01, 2025
ركود كبير لأسواق اليمن خلال رمضان بسبب الغلاء وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين اسواق اليمن

على الرغم من إصرار اليمنيين على الاستعداد والتحضير لطقوس وعادات شهر رمضان ككل عام خلال سني الحرب التي تجاوزت العشر، فإن الكساد يتكرس عامًا بعد آخر في أسواق المدن اليمنية، بما فيها أسواق العاصمة صنعاء جراء تراجع القدرة الشرائية وغلاء الأسعار مقارنة بمداخيل الناس، وهو وضع قد يبدو قاسيًا في عدن.

عارف السامعي (62 عاما)، تاجر بهارات وتمور، في شارع تعز بالعاصمة صنعاء، اضطر إلى تقليص حجم محله من ثلاثة دكاكين العام الماضي إلى دكانين هذا العام لتراجع مبيعاته مقارنة بما كان عليه الوضع في رمضان العام الماضي: «كان لدي قبل الحرب خمسة فروع، بينما تراجعت إلى فرع واحد جراء الكساد التي تجده واضحًا أمامك». وتابع: «كنت أستورد التمور حتى قبل ثلاث سنوات وأوزع للأسواق، لكن حاليًا صرت أشارك مع تاجر آخر على استيراد كمية من السعودية تغطي حاجتنا، وهي كمية لا تقارن بما كنت أستورده».
وأضاف: «لم تعد مبيعاتي تحقق وفرًا مقارنة برأس المال، فكل سنة تتراجع المبيعات مع تراجع القدرة الشرائية لدى الناس». واستطرد: «كان معظم اليمنيين يستعدون لرمضان من بداية شعبان، وبعضهم من منتصف رجب، من خلال توفير وطحن الحبوب الخاصة باللحوح وغيرها من المخبوزات التي تختلف من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى توفير السمن البلدي وصولًا إلى العشر الآواخر من شعبان، حيث تزدحم الأسواق بالعائلات التي تشتري متطلبات رمضان من التمور والبهارات الخاصة، وغيرها من الاحتياجات التي تقتصر على شهر رمضان». ويوضح السامعي: «مازال اليمنيون على علاقتهم برمضان إلا أن الأمر يتراجع في كل عام عما كان عليه الوضع في العام السابق، فالموظفون الحكوميون بدأوا باستلام نصف راتب، لكنه مقارنة بالوضع الذي صارت إليه أحوال الناس لا يغطي إلا الشيء اليسير جدًا من متطلبات رمضان بسبب الغلاء ووضعهم الاقتصادي السيئ».

عدنان، وهو اسم مستعار لصحافي يمني، قال إن رمضان بالنسبة لعائلته مازال يحتل أهمية ويحرصون على إحيائه بما هو متاح، لكن لا يفوتهم إحياءه من حيث التزام طقوسه التعبدية، والحرص على الاستعداد له وتوفير متطلباته، لكنه «لم يعد كما كان عليه الوضع قبل الحرب، فالحرب سلبت من الكثير طعم بهجة هذه المناسبات؛ التي صارت تثقل كاهل رب الأسرة، وفي ذات الوقت دفعت الأوضاع الناس للتخلي عن كثير من مظاهر هذه البهجة، وهم مجبرون على ذلك».
يقول مختار الدعيس (58 عاما)، إن بقالته الواقعة في الدائري الغربي بصنعاء، لم تعد تعوّل على رمضان، باعتباره موسماً يعود عليه بعائد ينتظره كالذي كان ينتظره قبل الحرب طوال العام؛ فالأسواق كلها تعاني من كساد لدرجة أن الفارق العائد في رمضان عن بقية الشهور صار بسيطا؛ معتبرا ذلك أمرًا طبيعيًا؛ فلم تعد هناك رواتب، وفرص العمل تراجعت، وبالتالي القدرة الشرائية تراجعت كثيرا، حد تعبيره.
ويضيف: «البقالات تعتمد بدرجة رئيسية على محدودي الدخل، وهؤلاء تأثروا كثيرا بالحرب؛ لأنهم فقدوا مصادر دخلهم». لكنه قال: «على الرغم من كساد الأسواق إلا أن اليمنيين يعيشون أجواء رمضان معتمدين في ذلك على تفاصيل لا تتطلب مالاً كثيرًا، كتوفير الحبوب من أريافهم، ومن خلالها يوفرون الاحتياجات الرمضانية من الخبز والشوربة، علاوة على تعلم كثير من الأسر صناعة الزبادي وغيرها من الاحتياجات في المنازل».
لم تنعكس تراجع القدرة الشرائية على سوق الاحتياجات الرمضانية، وإن كان يظهر بوضوح خلال شهر رمضان، إلا أن ذلك يتجلى واضحًا في كل مجالات العمل التجاري؛ فنشاط كل مشاريع التجارة تراجع كثيرًا، ونتيجة لذلك توقف كثير منها، ويتوقف بعضها بين فترة وأخرى.
في المراكز التجارية الكبيرة كالسنتر والهايبر ماركت والسوبرماركت تتغير الصورة نسبيًا؛ فثمة نشاط وازدحام معقول على شراء متطلبات رمضان؛ فهذه المراكز في الغالب يرتادها ميسورو الحال، وهناك يظهر تغير في النشاط التجاري الرمضاني؛ لكنه يبقى محدودا.

عبد الرؤوف، اسم مستعار لموظف حكومي يعمل معلمًا في عدن، قال إن راتبه الشهري بالكاد يعطيه القدرة على شراء قنينة زيت الطبخ وقطمة (كيس عبوة عشرة كيلو جرام) رز ومثلها سكر، لأن الراتب في حال انتظم صرفه لا يساوي خمسين دولارا أمريكيا.
يقول الصحافي الاقتصادي رئيس تحرير موقع مراقبون برس، ماجد الداعري، لـ «القدس العربي»: «الحرب ألقت بظلالها وويلاتها على مختلف مناحي الحياة المعيشية والتجارية والتعليمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية… إلخ، ومنها كساد الأسواق نتيجة انعدام القدرات الشرائية لدى المواطنين بفعل تأثيرات انهيار العملة والغلاء المتوحش وغياب أي رقابة حكومية على الأسعار والأسواق وفقدان الرواتب لـ 80 إلى 90 بالمائة من قدرتها الشرائية، وعدم وجود أي استراتيجية أجور أو تحسين للدخل، مع تراجع موارد الدولة، وعجزها عن صرف المرتبات من خزينة الدولة، ولجوئها لتسول مرتبات من الدول المجاورة لأول مرة في تاريخها».
الجدير بالذكر أن الحرب المستمرة في اليمن منذ عام 2015، أدت، وفق مصادر حكومية، إلى خسارة البلاد أكثر من نصف دخلها القومي، وبما يصل إلى 250 مليار دولار أمريكي، كما تسببت بتدهور قيمة العملة الوطنية بحوالي 700%، ووصول معدل التضخم التراكمي إلى 183، وارتفاع نسبة البطالة إلى 80%.

Additional Info

  • المصدر: أحمد الاغبري - القدس العربي
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro