وتشهد المدينة الواقعة جنوب غرب البلاد إزدياداً ملحوظاً في الإيجارات في الوقت الذي يعجز فيه المستأجرين عن سدادها في ظل إنقطاع الرواتب وندرة الأعمال وغلاء المعيشة وغياب مصادر الدخل وتدهور أوضاعهم المادية والمعيشية والإنسانية .
وشكا مواطنون في هذه المدينة المحاصرة من قبل مليشيا الحوثيين للعام السابع على التوالي لتعز تايم من جشع مالكي المباني السكنية ورفعهم لإيجارات السكن والتي تبقى رهن مزاجهم وتلاعبهم وعبثهم ولا يتم فيها مراعات أوضاع المواطنين المأساوية في مدينة تتزايد فيها معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير.
ويتزامن رفع الإيجارات مع غلاء فاحش وجنوني للأسعار وانهيار متسارع ومرعب للعملة الوطنية وتراجع قيمتها مقابل العملات الأجنبية الآخرى الأمر الذي جعل المؤجرين يرفعون الإيجارات حسب إرتفاع سعر صرف الريال السعودي والدولار الأمريكي مقابل الريال المحلي.
ويؤكد تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الإقتصادي في العام 2019 على تضاعف الإيجارات في تعز بنسبة 50 % في حين تزايدت في عموم محافظات البلاد بنسبة 67% .
وتشهد تعز أزمة مساكن وإرتفاع إيجارها بشكل يفوق قدرة المواطنين على الإحتمال ويرجع مهتمون وناشطون في أحاديث متفرقة لتعز تايم ذلك إلى تباطؤ النشاط الإستثماري في هذا المجال وتضاعف حركة النزوح إلى داخل المدينة.
وتراجع قيمة الريال الوطني وضعف السلطات المحلية وغيابها وتقاعسها عن القيام بدورها القانوني والمسؤول.
تعسف
ويتعرض المستأجر لإجراءات تعسفية من قبل المؤجر والذي يمارس ضد الأول التهديدات والمضايقات والإبتزاز والإستغلال والطرد والإقتياد إلى أقسام الشرطة والسجون والمقاضات في المحاكم والتي تزايدت فيها قضايا إيجارات السكن بشكل ملحوظ.
المستأجر مختار سعيد (42 عاماً) يقيم في شقة متواضعة ومتهالكة وتعاني من أضرار الحرب والتي لم يكلف مالكها نفسه لإصلاحها في الوقت الذي رفع إيجارها إلى 60 ألف ريال.
يقول سعيد رفضت دفع الزيادة فزادت مضايقات المؤجر والذي إستعان بمسلحين لطردي بالقوة حيث قاموا بالإتصال بي وقالوا لي بالحرف إذا لم تدفع الزيادة سنأتي ونسحبك بالقوة مع أطفالك ونرميكم في الشارع".
لم يذعن سعيد لغطرسة المسلحين ومالك الشقة والذي رفع ضده دعوى إخلاء في المحكمة وهي قضية لم يبت فيها بعد رغم مرور عدة أشهر على بدئها.
تعد إيجارات المنازل معضلة حقيقية بالنسبة للكثير من المستأجرين والذين يعجزون عن دفعها سواء قبل فرض الزيادة أو بعدها كما يقول مستأجرون لتعز تايم.
ويذكر عيسى قاسم (38 عاماً) وهو عامل بناء يسكن مع عائلته في شقة مكونة من غرفتين وحمام ومطبخ لتعز تايم " طلب مني المؤجر دفع 50 ألف وفرض علي زيادة قدرها 25 ألف ريال وذلك على الإيجار السابق والمقدر ب25 ألف".
عجز
ويضيف " لا أستطيع دفع هذا المبلغ والذي يكسر لي ظهري ويجبرني على حرمان أطفالي من الكثير من الأشياء كالحلويات والعصائر وغيرها من الأطعمة وذلك من أجل دفع الإيجار وتفادي طردي وتشردي مع أولادي".
يتجاهل ملاك العقارات معانات المستأجرين وأوضاعهم المادية ويفرضون عليه زيادة كبيرة في الإيجار ويضعونهم بين خيارين إما الدفع وإما الطرد .
تضيق خيارات المستأجرين بما فيهم عبد المجيد غالب(52 عاماً) والذي لم يجد حلاً سوى إخلاء الشقة التي يقيم فيها مع أسرته الكبيرة وإستئجار دكان ضيق وعديم التهوية وحشرها فيه وهو أمر لم يعد ممكناً بالنسبة للمستأجر الخمسيني علي قائد والذي يفكر بنصب خيمة في الشوارع والإقامة فيها مع عائلته كما يقول لتعز تايم.
ترتفع أصوات المواطنين يوماً بعد آخر وتتواتر مطالباتهم للحكومة الشرعية والسلطات المحلية بالتدخل لإنقاذهم من جور مالكي العقارات وهي نداءات تقابل بقرارات تخديرية ولا تجد طريقها للتفيذ حسب روايات متطابقة.
واصدرت السلطة المحلية بتعز في سبتمبر من العام الماضي قرارا بشأن ضبط الإيجارات وتحديد نسبة الزيادة للمساكن ونص القرار على إيقاف الزيادة والترفيع لمبلغ الإيجارات حتى للعقود المنتهية إلى نهاية ديسمبر من عام 2021، نظرًا لتدهور الوضع المعيشي كما نص على تحديد نسبة الزيادة بعد نهاية فترة الإيقاف بـ10% كحد أقصى، وإستثنى من ذلك المساكن القريبة من خطوط التماس.
ويثير إرتفاع الإيجارات غضب الشارع والذي نفذ خلال الأشهر الماضية وقفات إحتجاجية طالب فيها السلطة المحلية بإيقاف جشع المؤجرين وإلزامهم بعدم رفع الإيجارات في الظروف الحالية.
سخط الشارع
في السياق شارك العشرات الأربعاء الماضي بتنظيم من تكتل الأحزاب السياسية في وقفة احتجاجية أمام محكمة الاستئناف في محافظة تعز، تنديدا بإرتفاع الإيجارات بشكل غير مسبوق ما فاقم معانات المواطنين.
و طالب المحتجون السلطة المحلية بوضع حلول لإرتفاع إيجارات المساكن وتحديد سعر معقول لها ويتناسب مع مستوى دخل المستأجر ، ورفضوا طمع وجشع المؤجرين.
عقب تلك الاحتجاجات اصدر محافظ محافظة تعز نبيل شمسان أمرا اداريا مضمونه بقاء عقود الإيجارات المؤجرة للسكن سارية المفعول كما هي عليه وتمدد تلقائيا بنفس القيمة الإيجارية وشروط العقد خلال فترة الظروف الاستثنائية (الحرب والحصار) وايقاف اي زيادة او إخلاء حتى زوال الأسباب.