هذا الرجل، الذي يُفترض أنه واعظ أو خطيب جامع، لا يصلح للحديث في أمور الدِّين، ناهيك عن صعود المنبر، ببساطة لأنه لا يتوانى عن إطلاق الاتهامات وقذف الناس بأقذع الألفاظ عبر صفحته في "فيسبوك"، وفي المنبر؛ لكأننا أمام "مقوت" وليس أمام واعظ على منبر جامع.
لا يكف العديني عن إقلاق الناس، ولقد أساء لتعز مراراً، وظل يواظب على وضعها في صورتين: إما ماخور أو قندهار!
لقد نال من أعراض سكانها، حتى إنه يمكن أن يُخصص خطبة كاملة لملبوسات طفلة صغيرة في سن أصغر حفيداته، باعتبارها مثيرة للشهوة!
هو ليس واعظاً حتى، ولا خطيب جامع في الشروط الدّنيا للخطابة، مجرد شخص مهووس بالصراخ، يدور حول نفسه، يبحث عن مريدين، ولو أردت أن تبحث عن موضوعات مهمة تناولها منذ صعد منبر الخطابة، فإنها لا تبرح المنطقة الحساسة، حيث مطاف وسعي الشيخ!
بالنسبة له، فإن الأصل في المجتمع الفساد، وقد منح نفسه حق الوصاية عليه، وممارسة ما يعتقد أنها وظيفته كشرطي فضيلة، إن لم "يُهزْوِر" الناس في الشارع فهو يفعل في المنبر، وفي صفحته على "فيسبوك".
لقد خرق تقاليد وقواعد الخطابة، فهو لا يتحدث بعمومية إن كان مُصراً على اعتبار المجتمع فاسداً، بل يذهب لقذف الناس، وتسميتهم على منبر الجامع، وكأنه يوشك على سوقهم إلى جهنم، متطاولاً على الله قبل خلقه.
من منحك هذا الحق؟ كيف تسمح لنفسك بالتجاوز على الناس والإدعاء بأنك تفعل ذلك بدافع الدين؟ أيًّ دين هذا الذي يمنحك الحصانة لشتم وقذف الناس؟
المفارقة أن الخطيب، الذي يجلجل بالصراخ على المنبر في كل مناسبة وغير مناسبة عن "الفساد الأخلاقي"، لا يكترث للفساد الفعلي المضر بالناس، ذلك الذي يمارسه شخصياً وهو يبتعد عن ممارسة واجباته، ليصنع لنفسه وظيفة أخرى متدثراً باسم الله والدين!
العديني انتخبه أبناء دائرته عضواً في مجلس نواب منذ أزيَد من 20 عاماً، وقد هوت البلاد إلى كارثة الحرب، تتحسس قاعاً ولا تجده، مع ذلك لا ينصرف تعففاً، ولا يفعل الرجل شيئاً من واجباته غير إثارة قلق مدينة تعرضت لأكثر أوجه الحرب فظاعة في البلاد، وظل عبئاً عليها، وعلى معاناة ناسها حتى اليوم.
لو كان يحترم ما تلزمه به الشريعة التي يتشدّق بها، فلن يقبل أن يتقاضى أموالاً بالعملة الصعبة، كعاطل عن العمل، باسم الشعب الذي يقتات بعضه من المزبلة.
من منكم سمع للنائب العديني صوتاً، طيلة عشر سنوات من الحرب، يتعلق بمسؤوليته كعضو في مجلس النواب؟
تابعنا وشاهدنا بعض زملائه يمارسون قليلاً من واجباتهم، أو ما يقدرون عليه، فوجهوا أسئلة للحكومة عن ملفات كثيرة حتى من باب براءة الذِّمة، لكن العديني ظل، طوال هذه الفترة، بعيداً بصورة كاملة عن مسؤولياته، يمارس حرباً بشعة على المجتمع.
لا يقوم عضو مجلس النواب المفترض بأيّ من واجباته، التي أقسم عليها، مع ذلك فقد صنع لنفسه وظيفة جانبية، ويتقاضى أموالاً طائلة بالعملة الصعبة مقابل الصراخ والجلبة في المنبر!
أراد أن يكون خطيباً مؤذياً كوظيفة سهلة، بينما يتخلى عن واجبه الذي يقترض أنه يتقاضى عليه راتباً دون أن يكلف نفسه به!
لا تقلقه الأمراض والأوبئة، التي تعصف بمدينته ومحافظته، ولا المجازر التي يتعرض لها سكانها بين الحين والآخر على يد المليشيات الحوثية.
وهو ليس مهتماً، حتى في حدوده الجغرافية، بفساد ذمة السلطة المحلية المرئي في المشاريع القليلة المغشوشة، التي تنفذ بها شوارع وطرقات المدينة، ولا في الأموال التي تسرقها جبايات وإتاوات النافذين.
ما يستفزه حصرياً فرحة الناس، ومحاولة الحصول على بعض التسلية بحفلة هنا، أو بهجة هناك، في مجتمع عانى ويلات الحرب، ولم يتخلص منها.
المجتمع التعزِّي، واليمني عموماً، لو وُضع في مقارنة مع بلدان أخرى لبدا أن أكثر اليمنيين انفتاحاً فيه متشددون أكثر في الملبس، والسلوك والتصرفات.
لكن عبدالله العديني لديه تصوّرات مريضة يتخيّلها من شدة ملازمته للفيسبوك، وعالم الشبكات الاجتماعية، فيبُدي حرصاً متكلفاً على أخلاق المجتمع؛ ليحصد من خلاله الإعجابات، أو يثير الجلبة لا أكثر.
من الواضح أن الرجل يقضي معظم وقته على "فيسبوك"، ويمكنك أن ترصد حالته المتفاقمة وعجبه بنفسه من خلال المنشورات التي يعيد نشرها لمريديه، وهم يمتدحونه، أو يشتمون خصومه، كما لا يتردد عن خلع صفة شيخ على بعض دراويشه الصغار بمن فيهم ابنه، وكأنّ شهادات المشيخة تحت إبطه!
يبدو أن الرجل، أو لو لنقل "الذَكر" العديني، لا يفوتُ مسلسلاً أو عملاً فنياً دون أن يفحصه بدقة، خالعاً عن الممثلات طبقات الثياب، لذلك، مع نهاية كل أسبوع، يحيل خطبة الجمعة إلى مسلخ أخلاقي يعيد فيه محاكمة القنوات والفنانين والكُتاب، محرضاً ضدهم، وكأنّ "هوليوود" أخرى قد اختطفت أخلاق اليمنيين، وحوّلتهم إلى عراة!
هذا السلوك يمكنه أن يخبرك عن نوعية الشخص الذي نحن بصدده، فهو يتحدث عن انهيار أخلاقي، منشغلاً بصورة امرأة محتشمة رفقة زوجها على "فيسبوك"، أو طفلة تلبس "ميني جيب" استثارت شهوته في مجتمع ينام الغالبية منه جوعى!
أما كراهيته لثورة 26 سبتمبر، فقصة أخرى تُوجب شطب عضويته من مجلس النواب؛ باعتباره إمامياً مناهضاً لأحلام اليمنيين، مصطفاً مع المليشيا، ساخراً من تضحياتهم الجسيمة من أجل الحرية.
إن العديني لا يقل خطراً عن الحوثية، فإذا كانت هي تقتل اليمنيين بأسلحتها فهو يساندها من وسطهم بتشتيت انتباههم، وصناعة معارك تدخل ضمن إستراتيجيات الإلهاء في أوقات الحرب.
في هذا المضمار، لم ينجح أحد من أنصار الحوثيين في أي مكان آخر كما نحج العديني في تعز.
لا يحتاج فنان الشعب، خالد الذكر أيوب، أحداً للدفاع عنه في وجه خطيب تعيس.
أيوب، القيمة الفنية العظيمة، ظل على الدوام ضمير الشعب، ووعداً لليمنيين بوطن أفضل وأجمل، على الأقل في الأغاني حين كان يخذلهم الواقع.
في الجبهات والمتارس، يرافق صوت أيوب المقاتلين شاحذاً هممهم، بينما كان هذا الواعظ المتجرئ على الناس يلعب دوراً في تثبيط العزائم، وصناعة معارك تافهة يندفع خلفها بإصرار عجيب.
إن الكتابة عن عبدالله العديني، مهما كانت قاسية، تطربه على الأرجح، فالنرجسي الذي يتضخّم أكثر بصورة واضحة مستعيراً جلباب "الشيخ" يريد أن يكون حديث الناس، وهو مهووس بصناعة "تريندات" تعز، أو خاطفاً الناس إلى معاركه البلهاء.
لقد وقعتُ شخصياً في ما تجنّبته كثيراً؟ وطالما نصحتُ آخرين بتجنّبه، حرصاً على حرمانه من المتعة، غيرأن حالة العديني تتطوَّر على نحو خطير، وكأنه أدمن التفاهة ولن يُشفى منها!