وأوضح الكاتب في مقاله أن تعز، رغم ثقلها السكاني والثقافي، فشلت في التحول من مركزٍ للوعي إلى مركزٍ للسلطة بسبب اختلالات بنيوية في الجغرافيا والسياسة والبنية الاجتماعية. وأشار إلى أن موقع المدينة الوسيط بين الشمال الزيدي والجنوب ذي النزعة الانفصالية جعلها ذات رمزية وطنية لكنها محرومة من عمق جيوسياسي واضح.
وبيّن أن تعز "مدينةٌ مثقفة أكثر مما هي مسيّسة"، إذ أنتجت النخبة الفكرية اليمنية لكنها لم تنتج النخبة الحاكمة، مؤكدًا أن الشرعية في النظام اليمني تُكتسب من القدرة على الردع لا من القدرة على الإقناع.
واستشهد الكاتب بتقرير لمجموعة الأزمات الدولية بعنوان "تعز اليمنية: الجبهة المنسية لحرب منسية"، الذي أشار إلى أن المدينة تعيش حالة تشرذم داخلي متسارع منذ عام 2015، نتيجة تعدد الولاءات وتراجع سلطة الدولة، ما جعلها نموذجًا لـ"المدن المجزأة داخليًا".
كما تناول المقال تحوّل الذاكرة الثورية في تعز من مصدر تعبئة إلى عائق أمام التحول السياسي، موضحًا أن المدينة تملك الوعي الأخلاقي الأعلى لكنها الأضعف في ميزان النفوذ.
وأشار الكاتب إلى أن تعز تمثل اليوم عقدة استراتيجية بين ثلاث خرائط: الشرعية التي تراها رمزًا للجمهورية، والحوثيين الذين يعدّونها تهديدًا لسلطتهم، والتحالف الإقليمي الذي ينظر إليها بوصفها منطقة نفوذ رمزي.
واختتم الجزء الأول من مقاله بثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل المدينة: الانكماش، أو التوازن، أو النهوض، معتبرًا أن السيناريو الثالث –النهوض– هو الأقل احتمالًا لكنه الأكثر ضرورة.
وقال في ختام مقاله: "مأساة تعز لا تكمن في الحرب التي دمّرتها، بل في المعنى الذي تاه عنها. لقد أرادت أن تُنقذ اليمن، فغرقت معه، لأنها تحدثت بلغة الأخلاق في عالمٍ لا يسمع إلا لغة المصالح."