فقد جازف بحياته على خطوط النار حاملاً عدسته، واختار الخط الإنساني في مجال التصوير لإظهار معاناة سكان مدينة تعز المحاصرة تحت أهوال الرعب والنار.
ورصد الحاج أوجاع النازحين والفارين من ديارهم جراء ما أصابهم من هلع وتهجير وجوع وتشرد، كما نقل ما يتعرض له المدنيون من ظلم فادح سواء بالسجن والاعتقال أو القنص والألغام وجرائم حرب أخرى لا تطالها عين الكاميرا.
توثيق جرائم حرب
واضطر أنس المنحدر من أبناء مديرية جبل حبشي بتعز، للعمل مصوراً لدى إحدى القنوات المحلية، كما تعاون لصالح قنوات غربية وعربية، وعدة منظمات دولية، ساعياً إلى توثيق قصص إنسانية من ملاحم المعارك وجرائم الحرب منذ 2015.
ووثق نحو 220 قصة إنسانية من حالات قنص وألغام ومقذوفات تساقطت على ضحايا أبرياء، راصداً بعدسته معظم الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في مدينة تعز اليمنية.
ويروي أنس متحدثاً في حوار خاص لـ "العربية.نت"، فصول الخطر الميداني أثناء عمليات التصوير، وسط الرصاص والقصف داخل المناطق الملتهبة.
وقال "بدأت قصتي مع العدسة عام 2012، تجاوزت عدة مناطق خطرة شرق المدينة وجنوبها وغربها، وعبرت الأنفاق".
كما تابع "مررت في إحدى خطوط النار لكي أوصل رسالة سكان المنطقة، وأنقل قصة لشخص ما تعرض لقنص أو غيره، وكذلك أرصد بعدستي ما يعيشه الناس في تلك المناطق التي تحاصرها نيران الصراع من كل الجهات".
ورصد أنس قصصاً إنسانية أبطالها مدنيون عزل من سكان مدينة تعز، يستعرض منها قصة صاحب شاحنة تم قنصه وهو عابر لحال سبيله على خط جبل صبر. بالإضافة لمشهد مؤلم آخر، لطفلة نازحة تجلب الماء في إحدى الأزقة بالمدينة، تسكن مع عائلتها في إحدى دور الصفيح التي لا تصلح للسكن الآدمي، يعيش فيها أب وزوجته و8 من أبنائه.
قصة الطفلة غفران
وأضاف "كنت ذات يوم في جبهة الدفاع الجوي بتعز، أبحث عن أسر تعيش في خطوط النار، فوصلت طفلة في الخامسة من عمرها إلى أحد المستشفيات وقد فارقت الحياة نتيجة قنص تعرضت له من قبل الميليشيات الحوثية المتمركزة على تباب السلال".
كما، تابع "لم أستطع الحديث مع والد الطفلة الذي كان قلبه مفطوراً من الحزن والقهر لفراق وحيدته، وعندما تواصلت معهم بعد أيام لأزور المكان الذي تعرضت فيه الطفلة غفران للقنص، ذهبنا إلى منطقة النجد بمديرية صالة شرق المدينة التي تمر عبرها أنفاق طويلة، وبجانب الطريق متاريس إسمنتية، حدثني والد غفران فقال إن طفلته التي رحلت ظل 7 سنوات ينتظر وصولها، لأن زوجته لم تعد تنجب، ثم حملت في أول سنة حرب لتأخذها رصاصة قناص بعد 4 سنوات من مجيئها لهذا العالم".
هلع داخل خيام ممزقة
ويروي أنس من مشاهداته بعض فصول الوجع التي يعيشها نازحو الحرب من المدنيين، وقال "ذات يوم أثناء سفرنا خارج مدينة تعز تساقطت الأمطار، ورأينا بجانب الطريق نازحين على خيام ممزقة يحاولون تغطية أطفالهم من المطر".
كذلك، يتذكر أنس قصص تحد وصمود أبطالها صغار بعمر الورود، فقال "قصة الطفلة ملاك جميل، تبلغ من العمر 10 سنوات، فقدت يدها اليمنى بسبب مقذوف صاروخي أطلقته ميليشيات الحوثي على حي الضبوعة وسط مدينة تعز في يوم 23/5/2017".
وتابع "حدثت بهذا التاريخ مجزرة فادحة، حيث وصلت بعد وقوع القذيفة بأقل من دقيقة، وفي طريقي سقط 4 ضحايا منهم الطفلة ملاك التي خرجت لشراء بعض الحلوى أمام منزلهم وفقدت يدها اليمنى".