أحد أبرز هذه المواضيع الصعبة التي يصعب على الأهل مناقشتها مع أطفالهم هي التربية الجنسية لعدم فهمهم لما يعنيه المصطلح واعتقادهم أنه لا حاجة للطفل بمعرفة هذا النوع من المعلومات في سن صغيرة أو لاعتبار الحديث عن الموضوع بأكمله من الأمور المعيبة أو المخجلة.
لكنّ تجنب الحديث عن هذا الموضوع أو عدم إجابة تساؤلات الطفل عنه قد يكون له نتيجة سلبية. فقد يدفع الفضول الأطفال للبحث عن إجابات على أسئلتهم من مصادر خاطئة وغير آمنة وقد يعرضهم للتحرش لجهلهم به.
في هذا التقرير نتناول طريقة التحدث مع الأطفال الصغار عن التربية الجنسية وكيف تجيب اسئلتهم الفضولية بخصوصها.
أولاً: ما هي التربية الجنسية؟ وكيف تختلف عن "الثقافة الجنسية"؟
يجهل الكثير من الآباء المعنى الحقيقي لمصطلح "التربية الجنسية" وغالباً ما يتم الخلط بينه وبين مصطلح "الثقافة الجنسية".
ففي حين أن "الثقافة الجنسية" تعني العلاقة الجنسية وطرق إشباع الرغبات الغريزية وغير ذلك مما يهم الزوجين. إلا أن " التربية الجنسية" للأطفال هي عملية تربوية مستمرة منذ ولادة الطفل وحتى البلوغ.
تهتم التربية الجنسية بتعليم الطفل عن نفسه وحدود جسمه لحمايته عن طريق إمداده بالمعلومات العلمية والصحيحة المناسبة لعمره وتطوره وإدراكه.
وعلى عكس الفهم المغلوط، التربية الجنسية لا تشجع الطفل على الممارسة أو الاستكشاف الجنسي قبل أوانه، لكنها تؤسس علاقة مبنية على الحوار والثقة حتى يلجأ الأطفال لوالديهم عند سماع معلومة خاطئة أو عند التعرض لموقف سيئ لحمايتهم من الاعتداء والابتزاز.
لماذا تعتبر التربية الجنسية مهمة؟
يبدأ الأطفال بعمر سنتين إلى ثلاث تقريباً بتمييز أعضائهم التناسلية عند التدريب على استخدام الحمام وفي عمر الثالثة قد يظهرون اهتماماً أكبر باكتشاف أعضاء أجسامهم ومسمياتها.
أما بين الرابعة والخامسة تقريباً فقد يبدأون بفهم الفرق بين أعضاء الصبي والبنت ويسألون عن سبب الاختلاف. كما قد يبدأون أيضاً بالسؤال عن كيفية ولادتهم وكيف خرجوا من بطون أمهاتهم، كما يشير موقع Baby Center المختص بالأمور التربوية.
تكمن أهمية الإجابة عن أسئلة الطفل في إنشاء علاقة ثقة بينك وبينه يعرف من خلالها أنه يستطيع التوجه لك في حال كان لديه تساؤل دون أن يشعر بالخوف أو الإحراج لسؤالك. إعطاء إجابة بسيطة ولكن صحيحة قد يكون كافياً لإشباع فضول طفلك.
كما يمكن للمحادثات عندما يكون طفلك صغيراً أن تزيد من وعي طفلك بحدود جسده وحمايته من التحرش الجنسي الذي قد يتعرض له وتشجيعه على التحدث أو طلب المساعدة في حال حاول أحد ما إيذاءه.
من أين أبدأ الحديث مع الطفل؟
يمكن أن تساعدك الخطوتان التاليتان في البدء في التحدث مع طفلك عن الأمور الجنسية.
أولاً، اكتشف ما يعرفه طفلك وما لديه من معلومات قبل مناقشته أو الإجابة على أسئلته. على سبيل المثال، يمكنك أن تبدأ الحوار مع الطفل بأسئلة من نوعيّة "من أين تعتقد أن الأطفال يأتون؟" أو "ماذا سمعت عن ذلك؟"
ثانياً، قم بتصحيح أي معلومات خاطئة وزودهم بالحقائق المحدودة. على سبيل المثال، "لا ينمو الأطفال في بطن أمهاتهم أو معدتهم. تنمو في مكان خاص داخل البطن، يسمى الرحم".
اشرح الأمور ببساطة وقدم معلومات صحيحة
اشرح الأشياء لطفلك بحسب مستوى فهمه، من الأفضل إبقاء شرحك موجزاً وواقعياً وإيجابياً. ويجب بعد الشرح أن تعطي طفلك شعوراً بالراحة، وتؤكد عليه أنّه يمكن أن يعود لك دائماً بالأسئلة أو إذا كان يرغب بالمزيد من المعلومات.
من المهم أيضاً استخدام الأسماء الصحيحة عندما تتحدث عن أعضاء جسمه بما فيها أعضاؤه التناسلية.
يشير موقع Today's Parent إلى أن استخدام الأسماء الصحيحة يساعد في إيصال رسالة للطفل مفادها أن الحديث عن هذه الأجزاء من الجسم مع والديهم أمر طبيعي وعادي وليس معيباً.
وإذا كان الطفل يعرف الأسماء الصحيحة لأجزاء الجسم، فسيكون قادراً على التواصل بوضوح في حال تعرضه لأي مشكلة أو تعدٍّ وطلب المساعدة من شخص آخر دون خجل إذا احتاج إلى ذلك في حال غيابك.
استغل الفرص لتبادر بتقديم المعلومات
تذكر دائماً أنه ليس عليك الانتظار حتى يسألك طفلك سؤالاً لكي تزيد من وعي طفلك اتجاه حدود جسمه ووظائفه وتزويده بالمعلومات المناسبة لمرحلته العمرية.
على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يتحدث عن الحمل أو الولادة أمام طفلك أو على التلفاز، أو كان هناك مشهد يتحدث عن قدوم طفل جديد في فيلم كرتوني، يمكنك أن تسأل طفلك إن كان يعلم ما معنى كلمة حمل أو ولادة وشرحها بشكل مبسط يتوافق مع عمره ومعلوماته.
المعلومات التي يمكن أن تقدمها للطفل وفق المرحلة العمرية
0-2 سنة:
يمكنك استخدام الفرص اليومية لمساعدة طفلك على التعرف على جسمه. على سبيل المثال، يعتبر وقت الاستحمام أو قضاء الحاجة وأثناء مساعدة طفلك في ارتداء الملابس أوقاتاً جيدة لتسمية أعضاء الجسم بمسمياتها الصحيحة.
2- 3 سنوات:
يشعر معظم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و3 سنوات بالفضول الشديد بشأن أجسادهم وأجساد الأطفال الآخرين.
قد يلاحظون أيضاً أن أجساد الأولاد والبنات مختلفة بين عمر الثالثة والرابعة وقد يسألون عن السبب. لذا، من المهم تعليم الطفل في هذه المرحلة الفروقات بين الولد والبنت عن طريق استخدام الألعاب المجسمة أو الكتب التعليمية الخاصة بالأطفال.
ومن مسؤولية الوالدين تعليم الطفل في هذه المرحلة مفهوم "عورة الجسد" وكيف يجب أن يسترها وألا تظهر أمام أي شخص غريب.
4- 5 سنوات:
غالباً ما يسأل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات من أين يأتي الأطفال؟ لإجابة هذا السؤال في هذه المرحلة العمرية، يمكنك أن تكتفي بالإجابة بأن الطفل ينمو في رحم الأم.
ولكن إن سأل الطفل سؤالاً آخر مثل: "كيف يأتي الطفل إلى الرحم؟" أو "كيف يتشكل؟"، يمكن أن تجيب بأن الحمل يحتاج إلى شيء مثل بذرة صغيرة من الرجل وبويضة صغيرة من امرأة.
من المهم في هذه المرحلة العمرية أيضاً شرح معنى اللمسة الآمنة وغير الآمنة للطفل وحدود الجسد التي لا يجب للغرباء تعديها والمناطق التي يجب أن نمنع الآخرين من لمسها.
يمكن الاستعانة بالقصص التعبيرية والمصورة لمساعدة الطفل على فهم هذه الأمور بشكل مبسط وبدون اخافته.
6- 8 سنوات:
في سن السادسة، يهتم العديد من الأطفال بكيفية إنجاب الأطفال وقد يطرحون أسئلة تتعلق بذلك مثل، "كيف يصل الطفل إلى الرحم؟" أو "كيف يخرج الطفل من بطن الأم؟".
عند سؤال طفلك أسئلة مشابهة، من الأفضل ألا تتسرع بالإجابة وأن تسأله أولاً عن توقعاته أو ما يعتقده، كما ينصح موقع Very Well Family المهتم بالأمور التربوية.
وبعد أن تعرف المعلومات التي لديه مسبقاً، يمكنك إعطاء إجابة بسيطة ولكنها دقيقة مثل "أختك الصغيرة تنمو في رحم أمك، وعندما تنتهي من النمو، سوف تخرج من قناة الولادة".
أما إن سأل طفلك عن الطريقة التي يقوم بها الأب والأم بتشكيل الطفل، يمكن أن تجيب بأن ذلك يتم عن طريق علاقة خاصة تناسب الكبار فقط، وأنها ليست للأطفال.
ويمكن أن تضيف أنك ستقوم بشرح ذلك عندما يصبح كبيراً مثلك لكي لا يشعر بأنه لن يحصل على إجابة منك.