وذكرت "سام" أن فريق البحث لديها تحصل على شهادات من مُعتقلات سابقات إضافة لإحدى النساء العاملات بسجون الحوثي والتي عكست حجم الجرائم والممارسات الخطيرة المرتكبة على يد تلك القوات دون مراعاة للحماية الخاصة التي أقرها القانون الدولي للمرأة في العديد من المواقف والمواثيق الدولية.
ولفتت المنظمة في بيانها إلى حجم المعاناة التي تكابدها آلاف النساء اليمنيات بسبب تضييق الميليشيات الحوثية الخناق عليهن وحرمانهن من حق الحياة والعيش الكريم ومضاعفة أعبائهن الأسرية. وأشارت المنظمة إلى أنها قامت بإصدار العديد من التقارير السابقة التي أثبتت بما لا يدع مجال للشك بأن مليشيات الحوثي قد ارتكبت انتهاكات ممنهجة بحق النساء من بينها الاعتقال القسري والتعذيب الذي يطال نحو 200 من النساء الموزعين على معتقلات الحوثي، لافتة إلى أن النساء اليمنيات ما زلن يتعرضن لمختلف أنواع القمع وأشكال الانتهاكات والإذلال، كما تحدثت عن وجود آلاف القصص المؤلمة التي تجسد حجم تلك المعاناة التي يعشنها في مناطق السيطرة الحوثية.
من جهته قال "توفيق الحميدي" رئيس منظمة سام للحقوق والحريات " بأن الشهادات التي جمعها فريق منظمته تعكس العقلية الإجرامية لدى قوات الحوثي، والتي تؤشر على ممارسات خطيرة موجهة ضد النساء دون مراعاة للحماية الخاصة التي أقرها القانون الدولي واليمني". وشدد "الحميدي" على أن " صمت المجتمع الدولي تجاه النداءات المتكررة بحق حالة الحقوق والحريات في اليمن لا سيما الممارسات الموجهة ضد المرأة أعطت غطاءًأ ضمنيًأ لقوات الحوثي للإمعان في إنتهاكاتها دون أي إعتبار لمخالفة القانون الدولي".
وفيما يلي بعض الشهادات التي تحصلت عليها سام عبر فريقها العامل في اليمن والتي تعكس بعضًا من الجرائم المرتكبة على يد قوات الحوثي والأفراد التابعين لهم :
سونيا صالح علي الغباش
ناشطة حقوقية ورئيس منظمة رغم الصعاب
فرت "سونيا" من اليمن الى القاهرة في مصر بعد خروجها من إحدى سجون الحوثي حيث أفادت بأنه " تم إعتقالي بتاريخ 06/03/2019 وإيداعي في سجن الأمن القومي بعد أن كنت متواجدة في إحدى محطات البنزين بمنطقة حدة حيث قامت عدد من الأطقم العسكرية والمدرعات بمحاصرة المحطة وإختطافي. ظللت اسبوع في مكتب الوكيل المعين من قبل مليشيات الحوثي ثم اقتادوني الى مكان مجهول بعد الفجر ووضعوني في غرفة مترين في متر بسمى " الضغاطة" في غرفة تحت الارض لمدة أربعة شهور، تعرضت خلالها لتعذيب قاسي حيث قاموا أظافري ، وقاموا بسلخ جلدي بأدوات حادة، بالإضافة لرشي بالماء البارد واستخدام الصاعق الكهربائي وربط يداي وأقادمي لفترة طويلة".
وتضيف "سونيا" في شهادتها " حققوا معي طيلة فترة السجن والتعذيب التي استمرت أربعة أشهر.حيث وجهوا لي أسئلة حول عملي وتعاملي مع شخصيات سياسية خارج البلاد كما تم اتهامي بالعمالة وإستعطاف الناس الذي نقوم بخدمتهم عبر مؤسستنا حتى نستفيد منهم سياسيًا . كانت أوقات التحقيق في فترات متأخرة من الليل كانت فترة التحقيق أصعب الفترات التي رأيتها في حياتي حيث تعرضت لشتى أنواع الممارسات حتى أني تمنيت الموت كي أتخلص من هذا العذاب. كنت أسمع أصوات وصراخ وبكاء السجينات يُعذبن فيزداد عذابي أكثر.
وتضيف "سونيا" هناك معتقلات يؤتى بهن بسرية تامة ولا يلعم أحد من هن أو ماهي تهمهن حيث يتم وضعهن في زنازين مُجهزة مُسبقًا ومعزولة عن قسم النساء حيث تتكون تلك الزنازين من أربع غرف يتراوح حجمها 6 أو 10 متر مربع.
زينب " اسم مستعار"
اعتقلت "زينب " 24 عام بتاريخ 18/8/2019 من بيتها الواقع في العاصمة صنعاء على يد أفراد البحث الجنائي حيث قالت في إفادتها لفريق سام " أبرزوا أمر تفتيش وقاموا بإقتحام المنزل بأعداد كبيرة حيث كان يتواجد داخل البيت أطفال ونساء وقاموا بإرعابهم أثناء تفتيش المنزل ثم قاموا بتغطية عيني وإقتيادي إلى مكان لم أعرف ماهيته ولم أعلم تهمتي على الإطلاق" .
وتضيف " تم اقتيادي للتحقيق الذي كان يستمر من الليل حتى صباح اليوم التالي وكانوا يستخدموا معي أساليب غير أخلاقية أثناء التحقيق ، إضافة للوحشية غير المبررة في التعامل معنا حيث كان يتم ضربي على وجهي مع علمهم المسبق بأني حامل. كما أنني ضُربت بسلك صاعق".
وأكدت "زينب" على أنها " المرأة الحامل الوحيدة بين النساء المعتقلات ومع ذلك لم يتم مراعاة الحالة الخاصة بي حيث أدى التعذيب الشديد إلى تعرضي للنزف أكثر من مرة وقت التحقيق طرشت دم من الضرب والصاعق . المعاناة التي رأيتها في السجن لم تتوقف علي بل امتد آثارها لإبنتي "ميرا" التي كانت معي في السجن والتي أصيبت بحالة نفسية حيث تبكي الآن عندما ترى أي عسكري. كما أنها كانت تُحرم من طعامها حتى الخبز كان يُمنع عنها".
وتضيف " لا زلت أذكر أكثر شخص كان يقوم بتعذيبي اسمه أحمد مطر الآن هو موجود في تعز كان يعذبني من المغرب إلى الصباح , حاولت الانتحار قلت الموت أهون من العذاب، قاموا بإسعافي وتهديدي بوضع مسدس مسدس على رأسي حتى لا أتحدث عما حصل معي في السجن. بعد ذلك تم تحويلي للمحكمة مع عدم علمي ماهية التهمة التي تم توقيفي عليها وصلت عند القاضي ولم أتحدث خوفًا من أن يتم إلصاق أي تهمة بي حيث تم تهديدي من المحققين بأنه سيتم إتهامي بالإتجار بالحشيش وجرائم أخرى في حال تحدثت الأمر الذي دفعني للصمت طوال فترة المحاكمة.
وتذكر "زينب " بأن السجن كان "مرحلة من الخوف الدائم من العذاب والجوع والرعب حتى النوم الخوف , كان زوجي يبحث عني لأشهر في كافة أماكن الإعتقال دون أن يخبروه بمكاني ، ومن ثم جائوني بشهادة وفاته وأنا داخل السجن الأمر الذي أدى إلى تدهور حالتي النفسية والصحية حتى بعد الإفراج عني من السجن المركزي".
غادة العاصي
تقول غادة 20 عام " اعتقلت بتاريخ 21 اكتوبر 2018 من بيتي في العاصمة صنعاء الساعة 7 مساء، طريقة الاعتقال بشعة ومخيفة أشبه بقصص الأفلام البوليسية تعرضت خلال فترة الإعتقال للتعذيب الجسدي والنفسي".
وتضيف " أساليب غريبة وممارسات وقحة وقحة ، أقل ما ما يمكن إطلاقه على الحياة داخل سجون الحوثي، كنا نموت كل يوم حتى مات فينا كل شيء ، مشرفات نساء قاسيات بلا رحمة , مثل الوحوش, كان هناك معتقلات كثير وكلهن تم اختطافهن من الاسواق ومن الحدائق واماكن عامة ، يتم التعذيب بالكهرباء والضرب والاستعباد , كان يوصل التعذيب حد الموت , سمعت أن إحدى المعتقلات فارقت الحياة خلال تعذيبها. حيث يمارس التعذيب رجال ونساء بالتناوب".
تقول غادة " لقد خسرت كل شيء بسبب الحوثي ، خسرت أهلي الذين تبرئوا مني وطردوني من البيت وأُجبرت على أن أخرج من بلدي لأنني لا أستيطع العيش في مكان لا آمن على نفسي فيه، تم إتهامي بعلاقتي بالنظام السابق وقضايا مخدرات ، الأمر الذي دفع عائلتي وعشيرتي إلى طردي وتمني موتي".
وتضيف غادة "حاكموني وصدر حكم ضد بالسجن سنتين صدر حكم سنتين خرجت بمعجزه من المقر المخفي. في شارع الخمسين , كان يتناوب على تعذيبنا خمسة أشخاص هم: أبو حسام وحسن بتران وسلطان زابل و ايضا سجانات هن: فاتن وأخرى اسمها تقية وفردوس وغيرهن من الذين استخدموا معنا التعذيب بالكهرباء والضرب بالأسلاك وحرماننا من دخول دورات المياه أو الأغطية أو الملابس في الشتاء البارد إضافة لوضعنا في زنازين إنفرادية. كما كان يتم ضربي في كافة أنحاء جسدي من قبل عدد كبير من الرجال المتواجدين في غرفة التحقيق". أما عن خدمات السجن فتقول غادة " لا يوجد أي مقومات داخل السجن حتى الطعام رديء جدًا وكنا نعيش على وجبة واحدة لمدة أشهر وكان يسمح لنا بدخول دورات المياه مرة واحدة فقط في اليوم وفي بعض الأحيان لا يسمح لنا بدخولها، إضافة لحرماننا من العلاج أو مراجعة الطبيب".
فوزية احمد على المحويتي
رئيسة قسم سجن سابق
أفادت "فوزية المحويتي" والتي كانت تعمل كرئيسة قسم سجن سابق لسنوات طويلة بأنها " بعد قيام قوات الحوثي بالإنقلاب على الحكومة الشرعية بقيت في مكاني بشكل صوري وتم نزع كافة الصلاحيات مني ، حيث عمدت قوات الحوثي منذ بداية قدومها إلى منع كل شيء داخل السجن سواء الإتصالات أو الطعام أو الخدمات الصحية أو حتى الأغطية والفراش ووصل الأمر إلى إبتزاز أمهات الأطفال المعتقلين بحرمانهم من الحليب والفوط الصحية الخاصة بهم، إلى جانب ممارسات التعذيب غير الآدمية والإعتداءات المتكررة على النساء المعتقلات من قبل آمري السجن".
تقول "فوزية" في تفصيل إفادتها "في مرة قام حراس السجن بتصويري وأنا أُعطي بعض الأمهات حليب وفوط صحية , وأخبروا المدير الذي وبخني وهددني في حال اقتربت من عنابر النساء ، مع إخباري له بأنه هناك أطفال يشعرون بالجوع الشديد , ثم تم اقتيادي للتحقيق بحضور مدير مصلحة السجون ونائب وزير الداخلية وتم تهديدي إلى أن تدخل أحد المسئولين ، لكنهم طلبوا مني أن أتجسس على السجينات ووضعوني بينهم وهددوني بأطفالي في المدرسة، واتهموني ببيع المخدرات وتهم أخرى . مكثت في السجن ثلاثة أسابيع وبعدها تم إخراجي ، وعلى الفور تقدمت بإستقالتي التي تم رفضها حتى أقوم بتدريب بعض السجانات العاملات هناك". وتضيف " مكثت أسبوعين أقوم بتدريب العاملات هناك وبعدها تم الإفراج عني، لكن بعد ستة أيام أرسلوا لي أطقم عسكرية دون أن أعلم حيث أخبرني أحد الزملاء بأن هناك قوة قادمة لإعتقالي . ذهبت إلى مدرسة أبنائي على الفور وأخذتهم من هناك وهربت ، ومنذ لك الحين لم أعد. سمعت بأنه تم اتهامي بتهريب أسرار الدولة والمشاركة في إحداث تفجيرات والتستر على المعتقلات، لكنني لا أفكر بالعودة أبدًا بعد ما رأيته من هول التعذيب والإضطهاد" وتضيف " فررت الى عدن حاولت الالتحاق بالعمل مع وزارة الداخلية , تقدمت بكافة المستندات ولكن رفض طلبي لاني شمالية , مما عقد وضعنا المادي وظروف معيشتنا دون مصدر دخل لي ولأبنائي .
أما عن ممارسات الحوثي في السجن تقول "فوزية" بأن "التعذيب النفسي الذي يمارسه أفراد الحوثي ضد السجينات لا يمكن تخيله، حيث قالت بأن أساليب التعذيب تنوعت تقييد الأيدي إلى السطح , واجبار السجينات الوقوف على علبة فاصوليا حتى تتفطر قدمها إضافة لذلك إجبار الجميع الاستيقاظ الساعة الثالثة فجرًا, كما كان يتم إجبارهم على حضور ندوات ودروس دينية وثقافية خاص بأفكار الحوثي". وتضيف " بأنه كان يصادر الحليب والحفاضات الخاصة بأطفال السجينات وكانوا يعتمدوا سياسة الجوع للضغط على أمهات الأطفال دون أي مراعاة لبكائهم المستمر لساعات".
اكدت " سام" تتفق شهادات الضحايا التي استعمت لها سام , على تناوب ضباط في الامن , ومسؤولين في الداخلية ومصلحة السجون , وزينبيات على اعتقال وتعذيب السجينات سواء السجن المركزي او ما يسمي بالدار , وسوف تتوسع سام في بيان كل التفاصيل في تقرير شامل عن وضع النساء في اليمن سوف يصدر قريبا
تشدد "سام" على أن ما ورد في الشهادات السابقة يثبت بما لا يدع مجالًا للشك استخدام قوات وأفراد جماعة الحوثي أساليب القوة المفرطة والتعذيب غير المبرر الذي تجرمه العديد من المواثيق والقوانين الدولية كميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية حيث تعتبر أساليب التعذيب والضرب والحرمان من ضمن الأفعال المشكلة لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية . كما أن تلك الممارسات تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز العنصري ضد المرأة ، التي كفلت مجتمعة مجموعة من الحقوق الأساسية كالحق في الحياة وفي مستوى معيشي لائق وتجريم الإعقال دون إبداء الأسباب القانونية وحظر التعذيب وغيرها من الحقوق التي تنتهكها قوات الحوثي بحق النساء والمدنيين اليمنيين.
تطالب سام في نهاية بيانها المجتمع الدولي بشكل عام ومجلس الأمن بشكل خاص إلى ضرورة التحرك ووقف سلسلة الجرائم الممتدة بحق المدنيين اليمنيين لا سيما النساء والأطفال منهم والعمل على إرسال لجان تقصي حقائق وتحقيق لمتابعة السجون السرية والعادية التي تدار من قبل قوات الحوثي والعمل على إغلاقها وتقديم مرتكبي الإنتهاكات للمحاكمة على جرائمهم المخالفة للقانون الدولي