في السياق نفسه، أكد المتحدث باسم مقاومة آل حميقان عامر الحميقاني في تغريدات على «تويتر» مقتل القيادي الحوثي أبو يحيى الحنمي، وهو قائد الحمله الحوثية وقائد التدخل السريع للجماعة مع العشرات من أتباعه. وأكد الحميقاني أن عناصر المقاومة في مواقعهم وأن المعارك على أشدها، حيث تمت استعادة عدة مواقع، ومنها منطقة لجردي التي كان الحوثيون سيطروا عليها ليل الجمعة.
وأضاف أن عناصر المقاومة «سطروا على مدى يومين وبكل شجاعة وبالإمكانات المحدودة أروع الملاحم البطولية ووقفوا بوجه ترسانة من الأسلحة، بينها دبابات وعربات وقوة بشرية تعد بأكثر من 1500 عنصر حوثي».
وأشار متحدث المقاومة القبلية إلى أن عشرات الحوثيين قتلوا مع احتراق عرباتهم ومدرعاتهم مع استعادة بعض المواقع، وأن المعارك يسودها الكر والفر في مناطق «وادي ذي مريب وبطن امضي وقرض»، حيث يحاول الحوثي الاستيلاء على ما تم تحريره.
وأكد الحميقاني أن الميليشيات الحوثية هاجمت بعدة أنساق جبهة الحازمية الواقعة غرب مديرية الصومعة، غير أن قوات المقاومة تصدت لهذه الهجمات.
خطاب حوثي
على الرغم من الحشود الكبيرة التي دفعت بها الميليشيات الحوثية من قوات النخبة التابعة لها (كتائب الحسين) خلال أسبوع للرد على العمليات التي أطلقتها المقاومة القبلية ووحدات الجيش اليمني في مديريات الزاهر والصومعة بمحافظة البيضاء، فإنها فشلت في حسم المواجهات التي تحولت في اليومين الأخيرين إلى معارك كر وفر كبدت الجماعة أكثر من 200 قتيل على الأقل، وفق تقديرات مصادر في الإعلام العسكري التابع للشرعية.
وفي حين أفادت مصادر حكومية بأن معركة تحرير البيضاء من قبضة الميليشيا الحوثية ستستمر، لما يمثله تحرير هذه المحافظة الاستراتيجية من نقطة تحول في مسار مواجهة الانقلاب الحوثي، تراهن الميليشيات الحوثية على حشد مزيد من العتاد والآليات والمجندين للزج بهم في المعركة، بالتوازي مع حملات ترهيب لقبائل المحافظة وقطع للاتصالات وبث للإشاعات.
وكانت قوات المقاومة الشعبية المتمثلة في قبائل آل حميقان ومن معها من قبائل يافع المجاورة، إضافة إلى وحدات من قوات ألوية العمالقة (حكومية)، أطلقت قبل نحو أسبوع، معركة سمّتها «النجم الثاقب» وتمكنت في غضون ساعات بإسناد جوي من طيران تحالف دعم الشرعية من انتزاع مركز مديرية الزاهر غرب مدينة البيضاء (مركز المحافظة)، إلى جانب استعادة مناطق واسعة في مديرية الصومعة، وصولاً إلى وضع المدينة بين فكي كماشة من جهتي الشرق والغرب، قبل أن تدفع الميليشيات الحوثية بنحو 3 آلاف عنصر على الأقل رفقة عتاد عسكري ثقيل وطائرات مسيرة لاستعادة ما خسرته.
استراتيجية الحوثيين
ومع الانتقادات التي سادت في أوساط معسكر الموالين للحكومة الشرعية لجهة التباطؤ في إسناد المقاومة القبلية والوحدات العسكرية، لجأت الميليشيا الحوثية إلى تبني خطابها المألوف للتغطية على خسارتها السريعة، إذ عد قادتها هذه العمليات العسكرية المباغتة رسالة أميركية، مع زعمهم أن هذه القوات هي لمقاتلين من «القاعدة» و«داعش»، في محاولة منهم لاستدرار عطف الأميركيين أنفسهم والمجتمع الغربي، وهذا ما كان واضحاً على الأقل في التغريدات التي دونها المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام فليتة.
وإلى جانب هذا الخطاب الحوثي، لجأت الميليشيا إلى التعزيز بكتائبها الخاصة التي تطلق عليها «كتائب الحسين»، وهي من الوحدات العقائدية الأكثر تدريباً وتسليحاً، في محاولة لتحاشي هزيمة قاسية كان يمكن أن تنجم عن سقوط مدينة البيضاء في يد المقاومة القبلية، وهو ما سيعني انهياراً مدوياً بالنسبة لها، ربما لن يتوقف إلا على حدود محافظة ذمار المجاورة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي حرص بشكل شخصي على متابعة حشد القوات إلى جانب تكليفه كبار قادته من صعدة للضغط على شيوخ القبائل في محافظة البيضاء، لتحذيرهم من مغبة مساندة المقاومة والقوات الموالية للشرعية مع وعود لهم بتقديم أموال وأسلحة، إذ أفادت المصادر بأن أغلب الأموال التي كانت في البنوك الحكومية في مدينة البيضاء قامت الجماعة بنهبها وتوزيعها على الموالين لها للمشاركة في التصدي لهجوم الشرعية.
الجماعة الانقلابية أيضاً استثمرت سيطرتها على قطاع الاتصالات، حيث قامت بقطعها عن مناطق واسعة في البيضاء لإرباك الموالين لقوات القبائل وألوية العمالقة، ومن ثم التحكم بالإشاعات حول طبيعة المعارك والمواجهات، وهو أسلوب دائماً ما تلجأ له الجماعة في معاركها، كما حدث من قبل عندما قمعت انتفاضة قبائل آل عواض في البيضاء نفسها، أو عند وأد انتفاضة قبائل حجور في محافظة حجة.
الموقف الحكومي مع اشتداد المعارك التي تحاول الميليشيات الحوثية أن تكسبها بعيداً عن حجم الخسائر التي تتعرض لها جراء ضربات المقاومة ووحدات قوات العمالقة وبسبب ضربات طيران تحالف دعم الشرعية، أكدت الحكومة اليمنية أنها مستمرة في دعم هذه العمليات لتحرير البيضاء، ورأت في التقدم السريع للمقاومة دلالة على هشاشة الميليشيات الانقلابية.
إلا أن منتقدي الشرعية يقولون إن غياب التنسيق كان واضحاً، حيث كان من المفترض أن يتم إسناد هذه القوات بتعزيزات إضافية، إلى جانب إطلاق المعارك في كل الجبهات، وبخاصة في جبهات مديرية ناطع حيث ترابط قوات محور بيحان، وفي مديرية لودر حيث يرابط كثير من الألوية الحكومية، وذلك لتشتيت القوات الحوثية وإرباكها.
البعد الاستراتيجي
وفي الوقت الذي بعثت فيه المعارك في البيضاء الأمل في نفوس المناهضين للانقلاب الحوثي، وذلك بأن يؤدي تحريرها إلى الاستفادة القصوى من أهمية المحافظة الاستراتجية، يرجح المراقبون أن حدوث تحرير المحافظة لن يكون كما قبله، وهي النقطة التي يدركها الحوثيون جيداً، لذلك فهم يستميتون في عدم خسارتها.
هذه الأهمية الاستراتيجية للمحافظة تنبع من كونها تمتلك حدوداً إدارية مع ثماني محافظات، هي: أبين وشبوة ومأرب ولحج وإب وذمار وصنعاء والضالع، حيث يعني تحريرها تأمين محافظات شبوة وأبين ولحج واستكمال تحرير الضالع ومأرب، والإعداد لتحرير ذمار وإب وصولاً إلى صنعاء.
وإلى جانب هذا البعد الاستراتيجي الميداني للمحافظة، فإن سكانها أيضاً لا يشكلون حاضنة فعلية للميليشيات الحوثية، ما عدا بعض المديريات التي تحظى فيها الجماعة بإسناد قائم على الانتماء السلالي لزعيم الجماعة، وذلك يعني أن الكتلة السكانية في أغلبها ستتحول إلى حاضنة شعبية لإسناد القوات الشرعية، ما سيسهل أي تحركات عسكرية باتجاه ذمار المجاورة التي تعد واحدة من المناطق التي يعتمد عليها الحوثيون في استقطاب المجندين الجدد.