إيران تجند أطفالا سوريين للقتال في اليمن

حزيران/يونيو 10, 2022

في نهاية آذار الماضي وصل إلى محافظة دير الزور في شرق سوريا وفد من ميليشيا الحوثيين يضمّ كلّاً من عبد العزيز اليباس وعلي محمد الخدروش ومحمد جحاف بديل وعبدالله ثابت الصبحي وحيدر علي الضالعي، وذلك لمتابعة تجنيد الأطفال.

جاءت هذه الزيارة قبل أسبوع من توقيع جماعة الحوثيين التابعة لإيران في اليمن خطة عمل مع الأمم المتحدة تعهّدت بموجبها بإنهاء تجنيد الأطفال والتوقّف عن استخدامهم جنوداً وقتلهم وتشويههم وشنّ هجمات جديدة على المدارس والمستشفيات، وهو ما يشير بشكل واضح إلى استمرار ميليشيا الحوثيين في التجنيد وعدم جدّيّة والتزام هذه الميليشيات بتعهّداتها.

في البداية، يجب التذكير بتاريخ إيران وجماعاتها الطويل في تجنيد الأطفال. إذ كان الحوثيون السبّاقين في هذا المجال حين نّدوا آلاف الأطفال ثمّ أرسلوهم إلى المعارك. وقد قال أحد الأطفال لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" إنّه جُنّد في سنّ الـ13، وأُصيب برصاصة في صدره أثناء قتاله ضد الجيش اليمني.

وأفاد شهود عيان أنّهم رأوا أطفالاً مسلّحين لا تتجاوز أعمارهم السابعة عند نقاط تفتيش. وأفادت الأمم المتحدة في كانون الثاني أنّه بين كانون الثاني 2020 وأيار 2021، لقي نحو ألفَيْ طفل جنّدهم الحوثيون مصرعهم في المعارك.

تمثّل البوكمال المدينة الأبرز للنفوذ الإيراني في سوريا، وتُعدّ معبراً استراتيجيّاً لطهران، التي سعت إلى إنشاء "جسر برّي" من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان

اغتصاب وإصابات

تشير المحامية زعفران زايد، رئيسة "مؤسسة تمكين المرأة اليمنية"، إلى "تعرّض المجنّدين الأطفال لدى جماعة الحوثي لانتهاكات مروّعة بما فيها الاغتصاب والضرب والإهانة والتجويع"، وذلك لدى سؤالها عن مصير المجنّدين الأطفال عند الميليشيات الإيرانية في اليمن.

الجديد اليوم أنّه وسط مدينة البوكمال الواقعة على طول نهر الفرات على الحدود السورية-العراقية، في ريف دير الزور شرقي سوريا، تُواصل ميليشيا الحرس الثوري الإيراني تجنيد الأطفال السوريين في سوريا، وضمّهم إلى صفوف الحرس، مقابل إغراءات مادّية وامتيازات لذوي الأطفال.

على الرغم من أنّها ليست المرّة الأولى التي يُجنِّد فيها الحرس الثوري الإيراني أطفالاً في سوريا، إذ كانت إيران قد جنَّدت خلال العام الماضي أكثر من 700 طفل أعمارهم دون 15 عاماً، إلا أنّ عمليات التجنيد الأخيرة تأتي بهدف تعميق جذور إيران في البلدان والمدن التي تهيمن عليها.

تمثّل البوكمال المدينة الأبرز للنفوذ الإيراني في سوريا، وتُعدّ معبراً استراتيجيّاً لطهران، التي سعت إلى إنشاء "جسر برّي" من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وهو ما يسمح بنقل المعدّات العسكرية إلى حلفاء طهران، وعلى الأخصّ حزب الله في لبنان.

وشهدت المدينة في الأسابيع الماضية نشاطاً غير مسبوق من أجل التجنيد قامت به 10 ميليشيات تعود في ولائها إلى طهران، ومن أبرزها: "لواء القدس"، "الحرس الثوري"، "حزب الله العراقي"، "القوى العشائرية"، و"الدفاع الوطني".

تسعى إيران من وراء عمليات التجنيد تلك إلى تعزيز النفوذ الإيراني، وتحقيق مصالح طهران في الهيمنة على بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء.

مصالح طهران الإقليميّة

في مقابلة مع "أساس" يشير عضو مجلس محافظة دير الزور السابق مهند نور العلو إلى أنّ إيران تتبع في عمليات التجنيد "سياسة ناعمة موحّدة ومباشرة" ترتكز على تقديم المغريات المالية للعائلات والأطفال وبناء مدارس وتوزيع سلال غذائية.

ويضيف: "خلال الأشهر الأخيرة رصدنا تحويل مساجد سنّيّة إلى شيعية بدأت تُقدَّم فيها الدروس للأطفال من أجل تلقينهم المذهب الشيعي بهدف زرع الولاء لطهران في عقول هؤلاء".

تسعى إيران من وراء عمليات التجنيد تلك إلى تعزيز النفوذ الإيراني، وتحقيق مصالح طهران في الهيمنة على بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء

غير أنّ طريقة الممارسة الإيرانية في تجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم تتمّ من خلال التعليم الديني، ويتمّ إرسال هؤلاء الأطفال إلى جبهات القتال بعد تلقّيهم دورات تدريبية في إيران، بإشراف ضبّاط وقياديين من فيلق القدس.

وفق موقع "نداء بوست"، سوف يتولّى الحرس الثوري الإيراني الإشراف على الأطفال الذين يتمّ تجنيدهم وتدريبهم في طهران، ثمّ نقلهم إلى اليمن، إضافة إلى الإشراف على انخراطهم في مهامّ قتالية إلى جانب الحوثيين هناك.

التشيُّع والمال

مثل كثير من الشبّان السوريين الذين انضمّوا إلى الميليشيات الإيرانية بعد انتشار "التشيُّع" في سوريا أو مقابل مبالغ مالية، انضمّ أبو مريم إلى ميليشيا مدعومة من إيران قبل ثلاث سنوات.

تحدّث الشاب مع "أساس" شريطة عدم ذكر اسمه كاملاً خوفاً من الانتقام والتنكيل المحتمل بعائلته على يد الميليشيات الإيرانية المسلّحة، بعد هروبه منها.

يقول أبو مريم، البالغ من العمر 18 عاماً، إنّه انضمّ إلى لواء القدس عندما كان في الخامسة عشرة من عمره مقابل 200 دولار شهريّاً، مع بطاقة هويّة تسمح للمقاتلين بالحصول على سلّة طعام شهريّة تشمل السكّر وزيت الطهي والأرزّ والعدس موضوعة في صناديق كرتونية عليها صورة قاسم سليماني وعبارة "هدية المقاومة الإسلامية" مكتوبة باللغتين العربية والفارسية.

عن مراحل التجنيد، يضيف الشاب أنّه قبل أن يصبح جاهزاً للقتال ضمن صفوف الميليشيات الإيرانية تلقّى عدّة دورات تمهيدية وتعليمية وبدنية وقتالية تزرع خلالها إيران أفكارها في رأس المجنّدين، ثمّ خضع لتدريبات قتالية في مراكز خاصة تمّ إنشاؤها لهذا الهدف.

يقول أبو مريم لـ"أساس": "تركت المدرسة وانضممت إليهم وبعض المتطوّعين معي كانت أعمارهم 12 سنة".

يضيف: "بعد انتهاء التدريب في سوريا عرضوا علينا الانتقال مع الميليشيات التابعة لإيران لتلقّي مزيد من التدريب في طهران براتب 160 دولاراً".

يشير أيمن محمد المتخصّص بالشأن الإيراني في اتصال مع "أساس" إلى أنّه بالإضافة إلى مراكز التجنيد في مدينة البوكمال في شرق سوريا، ينتشر في مدينة الميادين اليوم عدد من المراكز التي تتبع لإيران وتتولّى إدارتها الميليشيات الموالية أو التابعة لإيران، وأوّلها يحمل اسم "مركز النور الساطع" ويضمّ نحو 250 طفلاً تبدأ أعمارهم من 13 عاماً ويتمّ إعطاؤهم دروساً تتعلّق بالمذهب الشيعي.

أمّا المركزان الثاني والثالث في المدينة، وبحسب شهادات متقاطعة للأهالي، فيحملان اسمَيْ مركز "الشدّوحي" ومركز "البصيرة". وتتبع هذه المراكز لجمعية الجهاد والبناء التابعة للحرس الثوري الإيراني. ويضمّ كلّ مركز نحو 100 طفل، تراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً، ويعمل على تجهيز الأطفال بدنيّاً وتأهيلهم للقتال.

يعتبر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أنّ تجنيد الأطفال دون الـ 15 من العمر في القوات المسلّحة أو استخدامهم للمشاركة فعليّاً في الأعمال الحربية "جريمة حرب". وعلى الرغم من أنّ إيران ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، لكنّها ملزمة بالقانون الدولي العرفي الذي ينصّ أيضاً على أنّ تجنيد الأطفال دون سن الـ15 "جريمة حرب".

 

نقلا عن ساس ميديا

Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro