وجاء في قرار اطلعت عليه وكالة فرانس برس، "بعد النظر في أهلية الطعن (الذي تقدمت به الجهة التي رفعت الشكوى) وكذلك المستندات الإجرائية" لحظت محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية في فرنسا، أن "ليس هناك في هذه القضية، أي وسيلة ذات طبيعة تسمح بقبول الطعن"، مؤكدةً بذلك قرار محكمة الاستئناف في كانون الثاني/يناير القاضي بإسقاط الدعوى.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قدّم ستة يمنيين و"التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات"، وهو منظمة فرنسية غير حكومية، دعوى عبر الادعاء بالحق المدني أمام قطب الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، وذلك أثناء زيارة لمحمد بين زايد عندما كان وليًا للعهد، إلى باريس.
وبموجب "اختصاصه العالمي" بأكثر الجرائم خطورةً، يمكن للقضاء الفرنسي ملاحقة وإدانة مرتكبي هذه الجرائم والمتواطئين فيها عندما يتواجدون على الأراضي الفرنسية.
واشتكى أصحاب الدعوى خصوصًا من أعمال تعذيب ارتُكبت في مراكز احتجاز في اليمن تسيطر عليها القوات المسلحة الإماراتية، إضافة إلى إصابة أو مقتل أقرباء لهم جراء عمليات قصف نُفّذت أثناء مراسم دفن في صنعاء أواخر عام 2016، نُسبت إلى قوات التحالف العسكري بقيادة السعودية. والإمارات جزء من التحالف الذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في حربها ضد المتمردين الحوثيين منذ عام 2015.
وروى أحد المتقدمين بالدعوى أنّه سُجن بينما كان يعمل على الإفراج عن معتقلين يمنيين أوقفتهم قوات إماراتية. وقال إنّه وضع في "حفرة بحجم برميل طيلة 48 ساعة، فيما كانت يداه ورجلاه مقيدة بسلاسل حديدية". وأضاف أنّه بعد ذلك، "عُرّي وعُلّق من يديه في سقف لعدة ساعات" وتعرّض إلى صعقات كهربائية وإطفاء أعقاب سجائر في جسده، وفق نص الدعوى.
وجاء في النص أن محمد بن زايد، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة للإمارات العربية المتحدة، "من المحتمل أن يكون قد وفّر الوسائل وأعطى الأوامر لارتكاب هذه الانتهاكات".
•نحو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟
فُتح تحقيق قضائي في باريس في تشرين الأول/أكتوبر 2019، طُرحت خلاله على الفور مسألة حصانة محمد بن زايد.
في مذكرة صادرة في شباط/فبراير 2020، اعتبرت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية بعدما طُلب رأيها للمشورة، أن محمد بن زايد كان بحكم الأمر الواقع رئيس دولة الإمارات، ما يعطيه الحصانة المطلقة مقابل الولاية القضائية الجنائية الأجنبية.
بعد عام، طلبت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب التي تتمتع بالاختصاص القضائي في الجرائم ضد الإنسانية، من قاضي التحقيق ردّ الدعوى بناء على هذه الحصانة. وتلا ذلك في تموز/يوليو 2021 أمر بردّ الدعوى، أكّدته محكمة الاستئناف في كانون الثاني/يناير الماضي.
وقدّم أصحاب الدعوى طعنًا وجرى النظر فيه في 12 تشرين الأول/أكتوبر. واعتبروا أن محمد بن زايد لا يمكن أن يعتمد على هذه الحصانة في هذا القضية، لأنّ الشكوى رُفعت عندما كان لا يزال وليًا للعهد والقائد الأعلى للجيش، وأن حتى لو كان يتمتع بهذه الحصانة، فإن ذلك لا يمنع القضاة من التحقيق في الاتهامات في هذا القضية للعثور على مسؤولين آخرين محتملين.