وكان من المفترض أن يعرض مشروع القرار للتصويت، إلا أن مجلس الشيوخ أعلن سحب التصويت لإجراء مباحثات مع البيت الأبيض، مساء الثلاثاء.
الصحيفة الأميركية لفتت إلى أن إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، عارضت المسعى الذي يقوده السيناتور، بيرني ساندرز، "ما وضع الرئيس في موقف غير عادي، متمثلا في الوقوف ضد محاولة معاقبة النظام السعودي الذي لم يكن صديقا له".
وشهدت العلاقة بين واشنطن والرياض توترا بسبب قرارها في إطار أوبك بلاس (تحالف يضمّ 23 دولة هي الدول الـ13 الأعضاء في منظمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك" وفي مقدّمها السعودية، بالإضافة إلى عشر دول أخرى مصدّرة تقودها روسيا) خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً في محاولة لزيادة أسعار النفط.
وأدى هذا الخفض الكبير في الإنتاج إلى ارتفاع أسعار النفط الخام لصالح الدول المنتجة وبينها روسيا التي تحتاج إلى مبيعات الطاقة لتمويل غزوها لأوكرانيا، ومع ذلك عارضت إدارة بايدن مسعى ساندرز.
عواقب وخيمة"
مساعدو بايدن قالوا للصحيفة إن الرئيس الأميركي عارض قرار "سلطات الحرب" لأسباب مختلفة عما فعله الرئيس السابق، دونالد ترامب، إذ يختلف نص المشروع الحالي الذي طرحه ساندرز عن الإصدارات السابقة من المشروع، لا سيما في تعريف تبادل المعلومات الاستخبارية وعمليات الدعم على أنها "أعمال عدائية".
وكان مجلس الشيوخ أقر قرارا مماثلا في 2018 و2019، خلال إدارة ترامب، وحظي بدعم من جميع أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، لكن ترامب عارض المسعى واستخدم حق النقض (سنة 2019) الذي يتيحه له القانون الأميركي.
ويقول بعض مساعدي أعضاء الكونغرس للصحيفة الأميركية إن تعريف تبادل المعلومات الاستخبارية وعمليات الدعم على أنها "أعمال عدائية" قد تكون له "عواقب وخيمة على العمليات الأميركية على مستوى العالم، بما في ذلك في مناطق ساخنة مثل أوكرانيا".
المحلل السياسي الأميركي، باولو فان شيراك، يرى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين مشروع قرار ساندرز المناوئ للسعودية، والحرب في أوكرانيا، إلا أن للقرار تبعات غير مباشرة ليس فقط في أوكرانيا ولكن في باقي أنحاء العالم حيث تعمل واشنطن على دعم هذه الدولة أو تلك منذ عقود.
وفي حديث لموقع "الحرة"، أشار شيراك إلى أن النتائج غير المباشرة لمثل هذه القوانين التي تدين "حليفا للولايات المتحدة" من شأنها أن تثير الشكوك في قدرة واشنطن على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها، بمن فيهم أوكرانيا.
وقال: "نعم هناك تبعات غير مباشرة، كأن يقول الأوكرانيون: 'انظروا كيف أدارت أميركا ظهرها للرياض'، هذا يمكن أن يحصل معنا كذلك".
من جانبه، قال أحد كبار المساعدين الديمقراطيين، الذي تحدث لواشنطن بوست بخصوص "قرار ساندرز" بشرط عدم الكشف عن هويته: "لقد جعلنا ذلك قلقين حقا"
وأضاف أن تلك الصياغة "يمكن أن يكون لها تداعيات حقيقية على دعمنا لأوكرانيا في الوقت الحالي، أو دعمنا لإسرائيل" ثم أردف "هذه هي المرة الأولى التي يُطلب فيها من الكونغرس التصويت على تعريف العداء بأنه تبادل معلومات استخباراتية، وهذا أمر خطير".
فان شيراك أيّد هذا الطرح في حديثه لموقع "الحرة"، وقال: "لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار تبادل المعلومات مساعدة لأعمال عدائية".
ثم أضاف متسائلا: "هل يوجد نظام متكامل لا توجد فيه أي نقائص أو أخطاء؟ لا بالطبع، والسعودية وأغلب أنظمة العالم لا تخرج عن هذه القاعدة".
يذكر أن تقرير الصحيفة الأميركية كشف أن البيت الأبيض وزع نقاط حوار على أعضاء مجلس الشيوخ قبل التصويت، ليل الثلاثاء، قال فيها إن القرار من شأنه أن يعرض للخطر الهدنة الهشة بين الفصيل الذي تقوده السعودية في اليمن والمتمردين الحوثيين.
وجاء في تلك النقاط وفق ما نقلته "واشنطن بوست" :"نحن نعلم أنه قرار صعب بتغيير التصويت، لكن الظروف تختلف اختلافا جوهريا عما كانت عليه في عام 2019.. سيؤدي التصويت إلى تقويض إمكانية أن نتمكن أخيرا من إنهاء هذه الحرب والمعاناة الإنسانية للشعب.. إذا تم عرض هذا القرار على الرئيس، فإن موظفيه سيوصون الرئيس باستخدام حق النقض ضده".
واستشهد البيت الأبيض بوقف القتال لمدة تسعة أشهر وأشار إلى الدبلوماسية الأميركية المستمرة التي قال إنها لم تكن موجودة قبل ثلاث سنوات، أي خلال رئاسة ترامب.
وذكر البيت الأبيض في نقاط الحوار التي نقلتها الصحيفة الأميركية أن"خلاصة القول: هذا القرار غير ضروري وسوف يعقّد إلى حد كبير الدبلوماسية المكثفة والمستمرة لإنهاء الصراع".
هدنة هشة
إلى ذلك، يشير البيت الأبيض إلى الهدنة في اليمن، ويعزو ذلك الهدوءَ النسبي إلى "جهوده الدبلوماسية القوية"، وفقا لنقاط الحوار ذاتها.
وقال بعض المدافعين عن مشروع قرار "سلطات الحرب" إن الضغط المستمر من الكونغرس لعب دورا رئيسيا في إجبار السعودية على التراجع عن الضربات الجوية.
انتخابات التجديد النصفي، أنه سيخفض إنتاج النفط، رأى البعض في دائرة بايدن ذلك بمثابة "حركة ضد الرئيس".
وفي أكتوبر الماضي، دعا السناتور بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الولايات المتحدة إلى تجميد التعاون مع السعودية، بعد دعم المملكة لخفض أسعار النفط.
وقال منينديز في بيان إنّه "ببساطة، لا مجال للعب على الحبلين في هذا الصراع: إمّا أنّك تدعم بقية دول العالم الحرّ في سعيها لمنع مجرم حرب من محو بلد بأكمله (أي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين) من الخريطة، أو أنّك تدعمه".