وذكر المركز في تقريرٍ له صدر أمس الجمعة، إنه من المُهم الترحيب بهذه المحادثات كخطوة قد تفضي إلى إنهاء الحرب المأساوية التي مزقت أوصال اليمن، إلا أن إرساء سلام دائم سيتطلب توسيع دائرة المحادثات لتشمل جميع الأطراف اليمنية.
ووفق التقرير لم تتضح بعد المرحلة التي توصلت إليها المفاوضات السعودية الحوثية، لكنها تطرقت إلى قضايا طُرحت على الطاولة منذ إبرام الهدنة العام الماضي، بما في ذلك مسألة سداد رواتب موظفي القطاع العام، وتخفيف القيود المفروضة على الموانئ التي يضع الحوثيون أيديهم عليها، ومسألة تقديم ضمانات تكفل أمن الحدود.
وجاء في التقرير إن الملفت هو أن المحادثات منحصرة بين الطرفين فقط، ورغم إعراب الحكومة اليمنية عن ثقتها بانضمامها قريبًا إلى طاولة المفاوضات (وفق ما جاء على لسان الرئيس رشاد العليمي مؤخرًا)، صرّحت قيادات حوثية علنًا أنها لن توقع اتفاقًا مع مجلس القيادة الرئاسي المُمثّل للحكومة اليمنية.
وقال تقرير مركز صنعاء للدراسات، إنه في الوقت الراهن، لا تخدم هذه المحادثات سوى مصالح الطرفين المنخرطين فيها، مع تطلع الجانب السعودي إلى إنهاء تدخله الكارثي في اليمن.
وأشار التقرير إلى أن عجز السعوديين عن الإطاحة بالحوثيين أقنعهم بتقديم أنفسهم كنُصراء للسلام ووضع حد للحرب المكلفة التي أصبحت كابوس علاقات عامة لنحو عقد من الزمن. بالنسبة للحوثيين، تأتي المحادثات كفرصة لانتزاع اعتراف دولي بتفوقهم العسكري منذ فترة طويلة وخطوة نحو إضفاء الشرعية الدولية على حُكم الجماعة.
من هذا المنطلق، يرى مركز دراسات صنعاء إنه سيُتيح أي اتفاق ثنائي فرصة للطرفين بنفض أيديهما من حالة الموت والدمار التي ألحقاها بمعظم مناطق البلاد.
وتابع تقرير المركز، "لعل أبرز ما يميز هذه المحادثات هي ضمّها طرفًا واحدًا فقط على الجانب اليمني، أي سلطات الحوثيين التي -رغم هيمنتها العسكرية -لا تمثل كافة اليمنيين ممن يعيشون الآن في المناطق الخاضعة لسيطرتها".
وأضاف، "يمكن التنبؤ بسيناريوهين شبه مؤكدين لهذه المفاوضات المفتقرة للشمول: أولا، سيعاني المفاوضون من نقص المعلومات المُساعدة على استكمال الصورة، مما يعني فشلهم في فهم أو معالجة أوجه المظالم العديدة للأطراف غير المشاركة في الحوار؛ وثانيًا، من المستبعد أن تحظى نتائج المفاوضات بتأييد الأطراف التي حُرمت من الجلوس على الطاولة".
وبحسب التقرير، تبرز مسألة أخرى يجب أن تؤخذ في الحسبان وهي أن هذه المحادثات تنزع الشرعية علنًا عن الحكومة المعترف بها دوليًا، فرغم أن السلطة التنفيذية الحالية لا تُعد هيئة تمثيلية بالمعنى الصحيح، إلا أن إضعاف هذا الائتلاف المحلي الهش يرقى إلى الدعوة لحلّه الأمر الذي سيَترتب عليه تداعيات لا تُحمد عقباها.