وتعد مجزرة الكرامة إحدى أفظع المجازر التي شهدتها الثورة اليمنية
وأكدت سام، أنَّ سياسة "الإفلات من العقاب" المتبعة ساهمت في تعميق آثار الانتهاكات طوال سنوات الصراع الدائر في اليمن.
وبيَّنت المنظمة في بيان صدر عنها تزامنًا مع مرور الذكرى الثانية عشر لإحدى أفظع المجازر دموية أن أحداث ذلك اليوم الدموي وقعت عندما قام مسلحون يتبعون الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" بتاريخ 18 مارس/آذار 2011، بقتل ما لا يقل عن 45 مدنيًا وإصابة أكثر من 200 آخرين، دون أن يتم تقديم مرتكبي تلك الجرائم للعدالة إلى هذا اليوم.
وأشارت "سام" في بيانها إلى أن التحقيقات الحقوقية والميدانية أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك تورط أكثر من 11 مسؤولًا حكوميًا من أركان النظام السابق بشكل مباشر في هذه المجزرة، إضافة إلى 78 شخصا آخرين من أفراد الأمن دون أن يتم اقتضاء العدالة من أولئك الأشخاص.
وقالت، إنّ "علي عبد الله صالح" قام خلال فترة تواجده كرئيس على تعطيل كل الجهود الرامية لتقديم المخالفين للجهاز القضائي، فقد قام بإقالة المدعي العام "عبد الله العلفي" الذي كان وقتها مكلفًا بالتحقيق في الجريمة بعد أن أمر بإحالة المتهمين – من بينهم مسؤولون حكوميون- للاستجواب، مشددة على أن الجناة لم يخضعوا للاحتجاز أو التحقيق.
وذكرت المنظمة أن من بين المسؤولين السابقين عن تلك الجرائم عضو المجلس الرئاسي الحالي "طارق صالح" والذي كان قائدًا للقوات الخاصة في ذلك الوقت، حيث يعد من أبرز المسؤولين عن الكثير من الانتهاكات لا سيما عمليات القنص التي أودت بحياة عشرات الأفراد.
وأوضحت، بأن الخطاب الشهير للرئيس السابق "علي صالح" وهو يحث "طارق" على قتل المدنيين دون تفرقة مستخدمًا عبارته الشهيرة "دقوهم بالقناصين"، فقد تولى "طارق" خلال تلك الفترة تدريب القناصين وتلقينهم أوامر القتل التي أدت إلى إزهاق أرواح مئات المدنيين بينهم النساء والأطفال.
ولفتت إلى المنظمة من جهتها إلى وجود عوامل عدة ساعدت في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب، أولها كان عبر البرلمان اليمني الذي أصدر في ذلك الوقت قانونًا يُعفي "علي صالح" وأركان حكومته من المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي ارتكبت خلال فترة توليه الرئاسة، وثانيها كان في غياب الإرادة الحقيقية للحكومة اليمنية بعد الثورة في تحريك الدعوى الجنائية وتفعيل المساءلة الجنائية بحق المسؤولين الذين قاموا بهذه المجزرة وغيرها أما العامل الثالث فيرجع لغياب النظام القضائي اليمني وعدم أهليته للبحث في هذه القضايا نتيجة لضعف مكوناته وعدم إلزامية قراراته.
وأسندت "سام" مسؤولية عدم تحريك القضايا الجنائية ضد المتورطين للجهاز القضائي اليمني الذي كان - ولا يزال - يعاني من قصور واضح في ممارسة مهامه لا سيما في مثل هذه الجرائم الدموية، وأرجعت المنظمة السبب في ذلك إلى عدم وجود أدوات ضبط وإحضار تجبر الأجهزة الأمنية على إحضار الأشخاص المتهمين بجرائم القتل والاعتداء المباشر، مؤكدة على أن غياب الممارسة القضائية في ذلك الوقت كان لها بالغ الأثر في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب وغض الطرف عن المجرمين الذين قاموا بتلك المجزرة.
وأبرزت المنظمة أن سياسة الإفلات من العقاب التي اتبعتها السلطات اليمينة في وقتها كانت لها الدور الأكبر في عدم اعتقال المسؤولين عن تلك المذبحة، محملة النظام السابق ومسؤوليه المسؤولية الكاملة لتبعات تلك الجريمة التي لا يزال يعاني ضحاياها آثارها إلى هذا اليوم سواء كان بعدم تلقيهم المساعدات الطبية والمالية خلال تلك السنوات أو بعدم صرف التعويضات الكافية نظير ما تعرضوا له.
وشددت "سام" من جانبها على أن "مجزرة جمعة الكرامة" كشفت الوجه البشع وغير الأخلاقي للنظام اليمني في ذلك الوقت، والذي كان يستهدف المدنيين بالقتل بشكل مباشر، مشيرة إلى أن هذه الجريمة هي إحدى جرائم عديدة أشرف على تنفيذها نظام "علي صالح" والتي كانت تتم دون أي اعتبار لنتائجها الكارثية أو مخالفتها الجسيمة للقانون الدولي.
واختتمت المنظمة الدولية بيانها بالتأكيد على أن الملاحقة القضائية المحلية والدولية هي الضامن الأساسي لوقف الانتهاكات الممتدة في اليمن، مشددة على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في دوره السلبي أمام الجرائم التي ارتكبت في اليمن، داعية المحكمة الجنائية الدولية القيام بدورها الوظيفي وفتح تحقيق جنائي جدي في تداعيات المجزرة التي أودت بحياة العشرات وإيقاع العقوبات الملائمة على المتورطين.