وأوضح: "سلوك قادة المليشيا ونهجهم وصل إلى أنهم يتعاملون به مع رئيس الحكومة، من أجل 'يمشي لهم' بعض الأوراق الخاصة بمكوناتهم، وليس من أجل المصلحة العامة".
وأضاف في تصريحات متلفزة: "الحكومة في عدن رهينة، لا أقل ولا أكثر، وما قامت به مليشيا عضو المجلس الرئاسي، أبوزرعة المحرمي، من حصار لمقر إقامة رئيس الحكومة، دليل على أن الدولة تصرف على المليشيا".
وتابع: "نستغرب من تماهي قيادة الدولة، من رئيس المجلس الرئاسي إلى رئيس الحكومة، مع هكذا مشاريع، والمفروض أن يكونوا أمناء على هذا البلد وهم في صدارة المسؤولية وأمناء على الدستور والجمهورية اليمنية، وإذا كانت هناك ضغوط خارجية عليهم، يجب مواجهتها، لكن -للأسف الشديد- يبدو أنهم متماهون مع ما يجري".
واستطرد: "ورغم تحرير العاصمة المؤقتة عدن من مليشيا الحوثي، قبل ثماني سنوات، إلا أنها فشلت في أن تصبح العاصمة النموذجية للجمهورية اليمنية، وكان اليمنيون أرادوا أن تكون منطلقا لمعركة التحرير، إلا أن حكامها أرادوا لها أن تكون عنوانا لمشاريعهم الجهوية والمناطقية ضد الرئيس هادي، وحتى رشاد العليمي".
واعتبر الجبواني أن "زيارة رشاد العليمي إلى المهرة جاءت لتعطي انطباعا بأن سلطة الدولة متواجدة في كل مكان، وأن المهرة جزء من الأرض التي تسيطر عليها الشرعية، وهذا صحيح، لكن هناك جانب آخر وهو أن هناك تحركا سلميا داخل المهرة يرفض المشاريع التقسيمية، ويرفض تدخل بعض الدول في المحافظة".
وقال: "إن الدولة لا تزال حاضرة في المهرة؛ نتيجة لتمسك أبناء المهرة بالدولة، فهم لا يرفعون إلا علم اليمن، ولا يحملون غير الشعارات الوطنية والأهداف الوطنية، ومتمسكون ويدافعون عن الشرعية، ويرفضون التدخل الخارجي في محافظتهم".
وأشار إلى أن "أبناء لأبناء المهرة كان لهم موقف باسل تجاه تمدد مليشيا الانتقالي، لأنهم يعرفون ويدركون بأن هذه المليشيا مرتهنة للخارج، وتنفذ ما تريده الإمارات في اليمن، ولهذا كان موقفهم صلبا ومشرفا".
وبيّن: "محافظة المهرة فيها المجلس الأهلي، ولجنة الاعتصام السلمي، ومكونات أخرى، فيها التفاهم على أعلى مستوى منذ البداية، على عكس حضرموت التي كانت فيها مكونات، وكل مكون له رؤيته، ويطرح نفسه على أنه الممثل للحضارم".
وزاد: "مجلس حضرموت الوطني نشأ بعد مشاورات للمكونات الحضرمية في الرياض، ويعد ممثلا لغالبية أبناء حضرموت، وكان تشكيله بمثابة عصا في دولاب التوسع المليشياوي التابع للإمارات في محافظة حضرموت، وهذا المجلس بغض النظر عن البحث في خلفياته، إلا أنه ظاهرة جيدة ونبيلة ويجب أن تتوسع، لأنه لا يمكن للمحافظات الجنوبية والشرقية أن تظل مرتهنة لمليشيا أساءت للقضية الجنوبية، وتتبع الإمارات".
وتابع: "أي نَفَسْ مناطقي لدى أي منظمة أو حركة سياسية ينتهي بها إلى العمالة، وهذا ما نراه ونشاهده أمامنا في المجلس الانتقالي".
وأوضح: "المجلس الانتقالي بدون حضرموت لا يساوي شيئا، حتى شبوة والمهرة بالنسبة له أمر إستراتيجي، وبدونها لا يمكن أن ينحو في تنفيذ الأجندة الموضوعة أمامه، لا سيما وأن الممول الإماراتي يرى أنه من الضروري السيطرة على جنوب اليمن كاملا من المهرة حتى لحج، لهذا كان مجلس حضرموت الوطني، إحدى الأدوات التي عطلت هذا المشروع، ونتمنى له التوفيق والنجاح".
وأردف: "من الواضح أن الخلاف السعودي - الإماراتي وصل إلى مستويات عالية، وبكل تأكيد أن السعودية ستوظف بعض الأوراق لكي تضع الإمارات في حجمها الحقيقي".
وذكر أن "المصالح تتقاطع أحيانا، ونحن في هذه الجزئية نرى أن الموقف السعودي في هذا الاتجاه موقف إيجابي، ونشيد به، لكننا نؤكد أن هذا التحرك السعودي يجب أن يظل في إطار الجمهورية اليمنية".
وقال: "نحن مع أي مكونات محلية تنشأ بشرط ألا تخرج عن السياق الوطني، وتحت راية الجمهورية اليمنية، وهذا ما طرحناه، وما أكدناه في عدد من اللقاءات".
وتابع: "تفشل الشرعية، اليوم، في توحيد الهوية الوطنية، ورؤية استعادة وتفعيل حضور الدولة، وسط أداء باهت ومتواطئ شكّل أرضا خصبة لبروز النتوءات الماضوية والانتماءات الضيقة، وبدلا من أن يرفع الجميع علم الجمهورية اليمنية، صارت الأعلام ترفع على مستوى المحافظة والقرية والقبيلة".
وأضاف صالح الجبواني: "نحن في اليمن لدينا هويات وخصوصيات محلية متنوعة، فابن حضرموت يختلف على ابن صعدة، وابن المهرة يختلف عن ابن تهامة، وهذا التنوع هو مصدر ثراء لليمن".
وأشار إلى أن "قيام المجلس الوطني في حضرموت لا يعني أنه يستند على دعاوى تشطيرية، لأن أبناء حضرموت طرحوا خيارا واحدا، قالوا فيه: إذا كانت مليشيا الحوثي ستنفرد بصنعاء، ومليشيا الانتقالي ستنفرد بعدن، فإننا في حضرموت لسنا مع هذا أو ذاك، وهذا طرح إيجابي".
وأكد أنه "لا يمكن للمشاريع المذهبية والمناطقية أن تتحكم بالمشهد اليمني، وكلا الطرفين، سواء الحوثي في صنعاء، أو الانتقالي في عدن، يرون أن حضرموت هي حجر الزاوية في مشروع الجمهورية اليمنية، فبدونها لن تقوم دولة لا في صنعاء ولا في عدن".
ويرى أن "مستقبل اليمن في شبوة وحضرموت والمهرة والجوف، فهي جغرافية واسعة جدا، وفيها سواحل واسعة وثروة، وبدونها لن يقوم لليمن قائمة، وأبناء هذا المحافظات وحدويون".
واعتبر أن "المجلس الانتقالي ضرب القضية الجنوبية في مقتل"، مشيرا إلى أنها "قضية لا يمكن أن تمثلها منطقة معينة، فحين أُسس الانتقالي تم تجنيد نحو 100 ألف جندي، وجاء بهم من الضالع ويافع وردفان، وكان ذلك الخطأ الأول والقاتل بحق الجنوب، وبحق اليمن".
وذكّر بأن "هناك جنوبيين من عام 1967م، ممن اصطلوا بنار الحرب والاقتتال المناطقي، وفي أكثر من خمس دورات عنف، قُتل وشرد أكثر من ربع مليون شخص، جراء تلك الأحداث المؤلمة، فهل نعود اليوم بالأسطوانة، والكرة نفسها؟"، موضحا أن "هذا الأمر لا يمكن أن يقبل به أي جنوبي، سواء في عدن أو المهرة أو حضرموت، أو في أي منطقة أخرى".
وقال: "إن إنشاء المكونات والمجالس المحلية هو رد فعل على سلوك المجلس الانتقالي المناطقي العنصري في المحافظات الجنوبية".
ولفت إلى أن "محافظة شبوة كانت مستقرة أمنيا، والتنمية فيها على الأقل في حدودها الدنيا، لكن الإمارات أبت إلا أن تتوسع بمليشياتها، لذا اختلقت قصة سيطرة مليشيا الحوثي على مديرية العليا في بيحان، واستدعت قوات موالية لها من أطراف محافظة الحديدة إلى بيحان، وهناك نشبت المعركة، وتوقفت عند الحدود الشطرية القديمة، وهذا هو مشروع الإمارات، كما هو معروف".
وأوضح: "شبوة محافظة مهمة، والسيطرة عليها مكسب لأي طرف، لذلك ظلت الإمارات تعمل مع أدواتها على كيفية السيطرة على شبوة، حتى نجحت في أغسطس من العام الماضي، والمؤسف في الأمر أن الشرعية اشتركت بذلك من خلال تغيير المحافظ السابق محمد صالح بن عديو، وتعيين المحافظ الجديد الموالي لأبو ظبي، عوض بن الوزير".
وكشف: "في شبوة تجري حاليا مشاورات بين العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والقبلية حول كيفية حصول شبوة على مركزها ومكانتها داخل مؤسسات الدولة، بما يتناسب مع مكانتها، ولن تخرج عن إطار لملمة شمل المحافظة، ومن ثم الوصول إلى قواسم مشتركة في حضرموت والمهرة، لكي يحققوا إقليم حضرموت، وتحويله من مشروع في دستور الدولة الاتحادية إلى واقع معاش".
وذكر أن "الكثير من الشخصيات اليمنية الوطنية بذلت جهودا في فترات سابقة لعمل تيار وطني، يقوم بمهمة وطنية بعيدا عن المكونات والأطراف التي تهيمن عليها الرياض وأبو ظبي وطهران، ويكون داعما للشرعية، التي تقوم بمهامها وواجباتها تجاه البلد، التي افشلتها التدخلات الخارجية"، مشيرا إلى أن "تلك الجهود ما تزال مستمرة".
وشدد أن :على الوطنيين مسؤولية أن يوحدوا كلمتهم، ويظهروا على الناس لخلق توازن في المشهد السياسي اليمني على الأقل".
وبيّن: "الدور العماني لا يخرج عن دور الوساطة، وظروف اليمن تحتاج إلى أن يكون هناك طرف وسيط ينقل الرسائل بين الأطراف".
وأضاف: "الجميع يعرف بأن الوساطة العمانية، خلال الفترة الأخيرة، جاءت بطلب سعودي، وأي وساطة قائمة على إحلال السلام الشامل والعادل، الذي يضمن استعادة الدولة الاتحادية وكيانها وهيبتها ومؤسساتها الشرعية، فهي وساطة مرحَّب بها من جميع الأطراف".