الحرب، التي أشعلت شرارتها مليشيا الحوثي وحليفها صالح، استدعت الرياض وحلفاءها إلى الدخول في معركة لم تكن يوماً من أولويات اليمنيين.
توقفت الحرب بين الحوثيين والتحالف، الذي تقوده الرياض وحليفتها اللدودة أبوظبي، قبل أكثر من عامين في مناطق سيطرة الحوثي، فيما استمرت الحرب والتدخل السعودي - الإماراتي في بقية أنحاء البلاد.
أنهكت الحرب جميع الأطراف، كما أنهك السلام مليشيا الحوثي، التي تستمد شرعية الوجود من استمرار الحرب، التي تجعلها تهرب من دفع استحقاقات السكان الواقعين في مناطق نفوذها.
الحرب، التي خاضتها الرياض في اليمن، حققت أهداف ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية، فقد أمَّنت له الأسباب لفرض قبضة حديدية، وإقصاء منافسيه بدواعي الحفاظ على الأمن القومي.
فتحت الحرب السعودية، التي خاضتها في اليمن، شهية بن سلمان لتقديم نفسه كزعيم قادر على بناء تحالفات، والتملَّص من مسؤولية الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في اليمن، ووفَّرت له الأطراف اليمنية الغطاء للإفلات من المساءلة.
السلام كما الحرب بالنسبة لولي العهد مجرد لعبة يمارسها حين يشاء متكئاً على رصيد بلاده من الأموال، وقابلية الأطراف للبيع بقيمة متدنِّية.
الثلاثاء الماضي، وصل بن سلمان إلى مسقط قادما من الهند، واجتمع بسلطان عُمان بمعيَّة شقيقه خالد بن سلمان؛ لإنجاز تسوية مع مليشيا الحوثي، ظلت معلقة منذ أبريل الماضي، في اليوم الثالث لوجوده في مسقط غادرها وفد الحوثي مع وسطاء عُمانيين إلى الرياض، في إشارة إلى أن النقاط الأساسية قد حُسمت في لقاءات بن سلمان في مسقط بمعية مفاوضين إيرانيين وقيادات حوثية.
بعد مرور ثلاثة أيام من وصول وفد الحوثي إلى الرياض، مازالت النقاشات تحت الطاولة، ومحاطة بالكتمان، بانتظار ما سيحمله معه بن سلمان وشقيقه اللذان عادا إلى السعودية، السبت الماضي.
خارطة السلام والحل في اليمن قائمة على احتمالية أن ما تريده الرياض يجب أن يتم، واعتقاد أنها تحمل تفويضا كاملا لإنجاز تسويتها الخاصة في اليمن.
التاريخ والمنطق والجغرافيا وكل المؤشرات تقول إن صناعة السلام لا تُطبخ على عجل، ولا ينهي التوقيع على الاتفاقات حالة الحرب في بلد تتقاتل أطرافه عقب توقيع اتفاقات السلام.