كانت المقاومة الشعبيّة أول حائط لصدّ المليشيات الحوثيّة من التهام البلاد ومنع تحويلها إلى إمارة فارسيّة، وحكمٌ إماميٌّ مبنيٌّ على الاستعباد والكهنوتيّة، التي يمقتها الشعب اليمني في كلّ الحقب الزمنيّة، وعلى مدى التاريخ.
وبعد جولاتٍ وصولات من المقاومة الشعبية، في سجل النضال الوطني، وساحة المعركة القتالية، أشرق ميلادُ فجرٍ جديد، ودخلت المقاومة مرحلة مهمّة من مراحل الأحداث في مجريات الحرب اليمنيّة، مع تشكيل المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، بحسب مراقبين، وشكّل انموذجًا فريدًا في توحيد الصف اليمني المقاوم.
يقول الصحفي مازن عقلان، لـ تعز تايم، "إنّ خطوة توحيد مجالس المقاومة في مختلف المحافظات، وتوحيدها تحت مظلة المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، خطوة مهمّة ستحافظ على استمرارية النضال والمقاومة الشعبية ضد الكهنوت الحوثي المدعوم إيرانيًا، والحد من قيود المعركة الوطنية ومحاولات حرفها باتجاه أجندات خاصة ومكاسب شخصية".
ميلادٌ جديد
شكّل يوم 29 يوليو من العام الحالي، عهدٌ جديد في محطات تاريخ النضال الوطني، وتجديد لعهد المقاومة في حُلّة جامعة لمجالس المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات، فجاء ميلاد المجلس الأعلى، في مؤتمرٍ تشاوريّ عقدته المجالس تحت شعار "معًا لاستعادة الدولة وحماية المشروع الوطني"، لدراسة الواقع الراهن الذي يمر به الوطن والتحديّات التي تواجهه، وخيارات المقاومة الشعبية في معركتها العادلة لاستعادة الدولة ودحر الانقلاب ورفع المعاناة والظلم عن الشعب اليمني، معلنين عن توحيد جميع مجالس المقاومة الشعبية في المحافظات اليمنية، ضمن كيان واحد اسمه "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية".
يواصل الصحفيّ مازن عقلان حديثه لـ "تعز تايم"، عن تشكيل وإشهار المجلس كـ كيان لتوحيد صفّ النضال الثوري المقاوم، بقوله: "يحتاج الصف الوطني المقاوم للكهنوت السلالي إلى قيادة تعبّر عنه وعن تطلعاته النضالية الحقيقية في استعادة الدولة والجمهورية، وقد جاء إشهار المجلس الأعلى للمقاومة في هذا الإطار".
ووصف عضو مؤتمر الحوار الوطني نائب وزير الإعلام الأسبق الأستاذ فؤاد الحميري، بأنّ تشكيل المجلس الأعلى، "خطوة صحيحة أتت في وقتها الصحيح"، مبيّنًا أنّ أهمية تشكيل المجلس في هذا التوقيت، أنه جاء لإحياء روح المقاومة التي تعمل المشاريع الانقلابية جاهدة لإزهاقها، ومواجهة محاولات التفتيت والاضعاف".
وقال "الحميري" لـ تعز تايم، إنّ تشكيل المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية تأكيد لـ أصالة حق الشعب في الوجود المباشر والمؤثر على خط استعادة الدولة والدفاع عن الشرعية. باعتباره -أي الشعب- أساس الشرعية ومادتها التي تتعرض لتقويض ممنهج ومدروس يسحب البساط من المؤسسات الدستورية لصالح المشاريع الدخيلة".
وأوضح عضو مؤتمر الحوار الوطني نائب وزير الإعلام الأسبق، أنّ تشكيل المجلس جاء أيضًا لرفد الجيش الوطني لمواصلة الصمود في مواقعه المحررة والتقدم لتحرير ما بقي من وطننا. واستطرد قائلًا: "فمن رحم المقاومة ولد الجيش وبدعمها ينمو ويقوى".
وطنيّة الأهداف والمبادئ
يعاود وهج النضال بوطنيّة الأهداف وسمو المبادئ، التي رُسمت على بيان إشهار المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية للمضي قدمًا نحو، لملمة الشتات، بعد محاولاتٍ لتحجيم دور المقاومة الشعبية، رغم وهجها الكبير ودورها العظيم في إرساء القواعد الوطنيّة منذّ انطلاق الشرارة الأولى للحرب، التي خاضها أفراد المقاومة ضدّ جماعة الحوثي الانقلابية.
وكان بيان إشهار المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية قد ذكر، "أن استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على سيادة الوطن ووحدته واستقراره وسلامة أراضيه، والإسهام في بناء يمن قوي مستقر وفعال في محيطه الإقليمي والدولي" يعتبر الهدف العام للمقاومة الشعبية الذي جاء تشكيل المجلس ليكون أعلى سلطة في المقاومة، وحركة نضال وطني تضم في تكوينها جميع القوى السياسية والاجتماعية، والمكونات الشعبية والفعاليات الشبابية والجماهيرية، ملتزمّا بالكثير من المبادئ، ومتمسكًا بالنظام الجمهوري، يناضل من أجل الحفاظ على استقلال اليمن ووحدته وسلامة أراضيه، وإسناد الجيش الوطني ودعمه بالوسائل والإمكانيات المتاحة في معركة استعادة الدولة. وفق بيان الإشهار.
ويرى مراقبون أنّ الأهداف والمبادئ التي أُسس "المجلس الأعلى" على أساسها تعدُّ خارطة طريق نحو بناء اليمن الاتحادي الذي ينشده الجميع، في ظل راية المجلس كـ كيان يجمع الكثير من المكونات الوطنيّة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، والمشاريع الهدامة.
المجلس.. استعادة زخم المقاومة
يتوقع الأستاذ فؤاد الحميري أن يكون للمجلس الأعلى دور كبير - إن لم يكن الدور الرئيس- في الدفع بعجلة التحرير قدمًا، ويواصل "الحميري" حديثه لـ "تعز تايم"، "قبل ذلك ملء الفراغ الناتج عن انحسار الثقة الشعبية بالنخبة السياسية وإدارتها لمعركة استعادة الدولة بما من شأنه منع الانقلابيين من استثماره في مزيد من (الشرعنة) المشوهة لطبيعة المعركة والمجرّفة لحقائقها".
من جانبه يتحدث الصحفي "عقلان" عن توقعاته حول الدور الذي سيلعبه المجلس في استعادة الدولة وحماية المشروع الوطني، بقوله: "يتطلع الجميع إلى أن يلعب المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية دورًا مؤثرًا في استعادة الزخم الشعبي وتفعيل دور المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات وتحريك المياه الراكدة لتخليص الوطن من المليشيا المدعومة إيرانيًّا".
وهذا ما أكد عليه بيان إشهار المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، كـ حركة نضال وطني تضم في تكوينها جميع القوى السياسيّة والاجتماعيّة، والمكونات الشعبيّة والفعاليات الشبابيّة والجماهيريّة، ولا يمثل أي توجه فكري أو مكون سياسي، مؤكدًا ابتعاده عن التجاذبات السياسيّة والصراعات الحزبيّة وما يقود إليها وما يترتب عليها".
وفي البيان رقم (1) للمجلس شددت القيادة العليا على تمسك "المجلس" بخيار المقاومة، في ظل استمرار المهددات الراهنة، وتغوّل قوى التمرد وزيادة تأثيرها المدمر على وجود الدولة ومصير الشعب والنيل من مقدراته ومضيها في الاستهداف العسكري والأمني للشعب اليمني وجيشه ومقاومته، وحرمانه من حقوقه الطبيعية.
وأكدت القيادة العليا للمجلس في البيان، "بأنّ هبّة الشعب اليمني عشيّة الذكرى الواحدة والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، خير دليل على إيمان هذا الشعب بالمقاومة، وتمسكه من خلال هذه الهبة بالثورة والجمهورية، مشيرة إلى أنّهما تشكلان حدًا فاصلًا بين الحق والباطل وبين الحكم الإمامي الكهنوتي الظلامي المتخلف وحكم الشعب تحت مظلة نظام جمهوري مستنير".