هذه التحركات تثير التساؤل: هل يذهب هؤلاء؛ كونهم جزءا من المجلس الرئاسي اليمني، للبحث عن دعم دولي للحكومة اليمنية، أم أن هذه التحركات ضمن جهود منفردة للبحث عن دعم لفصائلهم؟
المجلس الانتقالي طالب، في أكثر من مرة، "تحالف الازدهار"، الذي ترأسه أمريكا وبريطانيا، بدعم قواته، وإشراكها في جهود مواجهة الحوثيين، وتهديدهم لحركة الملاحة الدولية، بل دعا الدولتين إلى عدم إشراك قواتهما على الأرض، والاكتفاء بدعم قواته، التي ستقوم بالمهمة على أكمل وجه، كما جاء في تصريح للقيادي في المجلس الانتقالي، عمرو البيض، لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، الأسبوع الماضي.
- فواعل غير الدولة
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "المسألة لا تتعلق بالمجلس الانتقالي، ولا بكيان طارق صالح، فنحن نتحدث عن فواعل غير الدولة، تتبع دولة الإمارات، لذا فإن هذه التحركات هي تحركات إماراتية، بهدف إيجاد حضور لها في اليمن".
وأضاف: "الإمارات أعلنت خروجها من اليمن، لكن لديها فواعل تستهدف سيادة الدولة، ولها إستراتيجية تنفذها من خلال الانتقالي وطارق صالح، الأمر الذي يعني أن الإمارات تخلق لها حاجة دولية لوجودها في الجغرافيا اليمنية، على أنها لاعب مؤثر".
وتابع: "إذا عدنا إلى الخلف قليلا سنجد أن المجلس الانتقالي صرَّح، قبل فترة، أنه أيضا يمكن له أن يطبِّع مع إسرائيل إذا ما تم الاعتراف به، وهذا أيضا ضمن الأجندة الإماراتية".
وأشار إلى أن "الجميع يعرف أن الإمارات هي من تقود قطار التطبيع مع إسرائيل، دون أي مقايضة بين التطبيع والسلام".
وأردف: "الإمارات الآن كلاعب رئيس، أعلن بأنه قد غادر الجغرافيا اليمنية، إلا أنه متواجد عبر الفواعل غير الدولة، وعبر الخبراء".
وزاد: "هناك إدراك أن الوضع في اليمن سيظل رخوا، إلى فترة طويلة، وهذا يجعل من الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، تجد لها مبررات التواجد في الممرات الدولية، لمراقبة طريق الحزام والحرير، ويجعل أهمية لمشروع بن جوريون، ولإيجاد مشروع بري مع إسرائيل إلى أوروبا، والعالم الخارجي".
وقال: "من خلال هذه العملية، فإن كل دولة تجد لها مبررا للبقاء، والإمارات الآن تقوم بتحريك هذه الأدوات؛ لأن في هذا المشروع يتحرك عيدروس الزبيدي وطارق صالح، بشكل منفرد، فنحن أمام صراع دولي وخليجي".
وأضاف: "كل الدول الخليجية تلعب بالجغرافيا اليمنية، ولها علاقات مع الغرب، ولها أيضا علاقات مع دول محورية في الإقليم، كإيران وغيرها".
وتابع: "إذا أردت أن تفهم إلى أين يتجه الصراع، ارجع إلى بيان المجلس الوزاري، الذي يتحدث عن دعم مجلس الرئاسة، وكل الكيانات الداعمة له، وهذا المفهوم الرمادي للكيانات، ماذا يقصد به؟ هل كيانات الأحزمة في المجلس الانتقالي؛ لأنه كيان، وإن كان ضمن السلطة الشرعية، إلا أنه ليس سلطة شرعية، وكذلك طارق صالح، عضو المجلس الرئاسي، لكن له مليشيا مستقلة عن القائد العام للقوات المسلحة اليمنية، وكذلك عيدروس الزبيدي".
- الدعوة لانتهاك السيادة
يقول الصحفي الموالي للانتقالي، صلاح السقلدي: "بعيدا عن فوبيا المجلس الانتقالي والقضية الجنوبية، نقول إن ما تحدث عنه عمرو البيض، وتصريحات الزبيدي، فهم تحدثوا باعتبارهم جزءا من الحكومة اليمنية، وليس باسم المجلس الانتقالي".
وأضاف: "الرئيس رشاد العليمي بنفسه يقول إن الضربات الأمريكية - البريطانية في اليمن ليست كافية ضد مليشيا الحوثي، بمعنى أن رئيس الجمهورية يدعو إلى انتهاك السيادة الوطنية لبلاده، وكذلك الكثير من المسؤولين الحكوميين؛ باعتبارهم جزءا من الحكومة".
وتابع: "أنا شخصيا لا أميل -على الإطلاق- إلى الاصطفاف مع الأمريكان، ولا مع البريطانيين، وأؤيد كل من يقف في وجه أمريكا وبريطانيا وإسرائيل حتى وإن كان هذا الطرف هو مليشيا الحوثي".
وأردف: "نحن يجب أن نتناسى خلافاتنا عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، وبالمذابح والفضائع، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، منذ 7 عقود".
وزاد: "أي حديث عن الاصطفاف مع الأمريكيين أنا أرفضه جُملة وتفصيلا، سواء صدر عن المجلس الانتقالي، أو عن غيره، ومع ذلك يجب تجنّب هذا التجنّي على المجلس الانتقالي والقضية الجنوبية".
وقال: "إذا كان هناك من مأخذ، يجب أن تؤخذ التصريحات بشكل مُجمل، فالعميد طارق صالح، الذي كان عمه علي صالح، قبل سنوات، يتحدث أن من يصطف مع العدو فهو خائن، وطارق اليوم موجود في لندن، ويعرض خدماته، ويتنازل، ويتذلل من أجل تقديم الخدمة للبريطانيين، في تصرف مشين، ويدعو إلى انتهاك بلده".