وأوضحت كرمان أن نصف المجتمع لا يجب أن يبقى خارج الحياة العامة بسبب معتقدات موروثة أو مصالح سياسية واقتصادية، مشيرةً إلى أن النساء حول العالم ما زلن يخضن معركة طويلة ضد أشكال مختلفة من الظلم، سواء في الغرب، الذي ما زالت النساء فيه يواجهن فجوة الأجور والعنف المنزلي والتحرش، أو في الشرق الأوسط حيث تتضاعف التحديات بسبب النظم الاستبدادية والاحتلال.
وأكدت أن إعلان حقوق الإنسان كان خطوة مهمة قبل سبعة وسبعين عامًا، لكنه لم يُحقّق التغيير الكامل، غير أنه مهّد الطريق لتقدم مجتمعات كثيرة. وأضافت أن القوة الحقيقية اليوم لم تعد تُقاس بالموارد أو السلاح، بل برأس المال البشري وقدرة الجميع على المشاركة بلا تهميش، ما يجعل المساواة أساسًا للمجتمعات القوية والمتوازنة.
وقالت كرمان إن الدول التي دمجت النساء في البرلمانات والحكومات والمجتمع المدني أصبحت أكثر استقرارًا وسلامًا، وإن المساواة شرط أساسي للتنمية المستدامة، لأن أي مجتمع لا يمكن أن يتقدم وهو يستبعد جزءًا من سكانه. وأضافت أن تمكين المرأة اقتصاديًا يعزز الابتكار ويزيد قوة الاقتصاد العالمي، الذي يخسر تريليونات بسبب إقصاء النساء.
وأشارت إلى أن المساواة تصبح قوة مغيرة للعالم عندما تتحول من كلمات إلى واقع، وعندما تنتقل النساء من خانة الضحايا إلى صُنّاع القرار في السياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا، مؤكدة أن الديمقراطية التي تغيب عنها النساء هي ديمقراطية مبنية على كذب.
وانتقدت كرمان غياب النساء عن مفاوضات السلام، مؤكدة أن طاولة السلام بلا نساء ليست طاولة للسلام، بل طاولة لصناعة حرب جديدة. ودعت وسائل الإعلام إلى إظهار نساء الجنوب العالمي كقائدات لا كضحايا فقط، وتسليط الضوء على دورهن في مواجهة الدكتاتوريات وبناء الاقتصادات وحماية الديمقراطية.
وأضافت أن المساواة تحتاج إلى نساء قويات يؤمن بقدراتهن ويرفضن البقاء في الظل، ويقدن ويشفين ويصنعن التغيير، مشددة على أن الظهور العلني للنساء حقٌّ وليس امتيازًا، وهو الخطوة الأولى نحو القوة الحقيقية.
وأكدت أنها تعلّمت من تجربتها أن الظهور هو الفصل الأول من الحرية، وأن الصمت هو الفصل الأول من القمع، داعية النساء في كل مكان إلى أن ينتزعن حقوقهن، وألا يقبلن المقاعد الرمزية. وقالت: نحن لا نريد كرسيًا واحدًا أو اثنين، نريد نصف الكراسي لأن نصف المجتمع يجب أن يكون ممثلًا.
وختمت كرمان كلمتها بالتشديد على أن أوروبا اليوم مطالَبة بإعادة الالتزام بالمساواة في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لأن الديمقراطية لا يمكن أن تبقى حيّة عندما تتفاوت الأصوات، ولا يمكن لاقتصاد أن يستقر مع تركُّز الثروة، ولا يمكن لمجتمع أن يزدهر وسط الإقصاء والعنصرية والعنف.
وقالت: لا كرامة دون مساواة، ولا ديمقراطية دون مساواة، ولا مستقبل لأوروبا دون مساواة.










