وقالت كرمان في كلمتها إن مناقشة الديمقراطية في محفل أمني رفيع المستوى “ليست مسألة شكلية، بل دليل على إدراك عالمي متزايد لحقيقة أن الديمقراطية هي الضامن الحقيقي للأمن المحلي والعالمي”، مشيرة إلى أن كثيرًا من الديمقراطيات لم تستوعب ذلك إلا بعد أن بدأت ملامح الاستبداد تظهر داخلها.
الديمقراطية.. شرط الأمن والاستقرار
وأكدت كرمان أن غياب الديمقراطية يمثل الخطر الأكبر على الأمن والاستقرار، مضيفة:
“الديمقراطية تبني استقرارًا قائمًا على الشرعية والمؤسسات والمشاركة، بينما يصنع الاستبداد الفوضى والإرهاب والانهيار والحروب”.
وأشارت إلى أن الأنظمة التي تحتقر القانون وتحارب الحقيقة وتتعامل مع شعوبها كعبء “هي ذاتها التي تشعل الحروب وتتسبب في الانهيارات وموجات اللجوء”.
الاستبداد أصل الحروب الكبرى
وخلال كلمتها، استعرضت كرمان نماذج تاريخية للحروب التي قادتها أنظمة غير ديمقراطية، من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان الإمبراطورية، إلى ديكتاتوريات أمريكا اللاتينية والاتحاد السوفييتي.
وقالت إن المشهد نفسه يتكرر اليوم مع موسكو وبكين وطهران، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا “لم تكن لتقع لو كانت روسيا دولة ديمقراطية”.
كما اتهمت إسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة” في فلسطين وبالاستمرار في “احتلال غير خاضع للمساءلة يهدد أمن المنطقة من المتوسط إلى البحر الأحمر”.
اليمن: تحالفات استبداد دمّرت الدولة
وتطرقت كرمان بإسهاب إلى الوضع في اليمن، قائلة إن “تحالف الاستبداد الإقليمي” هو من قاد البلاد إلى الدمار، مُحملة:
إيران مسؤولية تمويل ميليشيا الحوثي وجرائمها،
السعودية والإمارات مسؤولية دعم الانقلابات، وتمزيق المجتمع، واحتلال الجزر والسواحل، والهيمنة على القرار الوطني.
وأكدت أن الشعب اليمني وحده—not التدخلات الخارجية—القادر على هزيمة الحوثيين واستعادة الدولة.
السودان وسوريا وليبيا وفنزويلا.. أمثلة جديدة للاستبداد المولّد للحروب
وشددت كرمان على أن دعم الإمارات لقوات “الدعم السريع” كان أحد أسباب الحرب الأهلية في السودان وارتكاب “جرائم إبادة”، كما حمّلت نظام بشار الأسد مسؤولية تدمير سوريا وتهجير الملايين.
وفي ليبيا، قالت إن المسار الديمقراطي “قُوّض بالانقلابات وتمويلها”، فيما تسبّب الاستبداد والفساد في فنزويلا في تهجير الملايين.
تحذير من صعود الشعبويات داخل الغرب
وتحدثت كرمان عن تراجع الحريات داخل ديمقراطيات غربية، مشيرة إلى “إقالة رؤساء جامعات وفصل طلاب بسبب آرائهم، وصعود خطاب الكراهية والشعبوية والعنصرية”، مؤكدة أن “استبداد القلة الاقتصادية والإعلامية” بات يهدد الديمقراطيات من الداخل.
دعوة لتوحيد معسكر الديمقراطية وإصلاح الذات
وأكدت كرمان ضرورة أن تتوحد الديمقراطيات في مواجهة “معسكر الاستبداد العالمي”، وأن تبدأ بإصلاح نفسها من خلال:
وقف نفوذ المال في السياسة
حماية حرية التعبير والأكاديمية
مواجهة الشعبوية
استعادة الثقة بين الشعوب والمؤسسات
استقلال القضاء
إنهاء دعم الديكتاتوريين وازدواجية المعايير
ثلاث قضايا مفتاحية: أوكرانيا – اليمن – فلسطين
واعتبرت كرمان أن أوكرانيا “خط الدفاع الأول عن أوروبا”، وأن أي خطة تسمح لبوتين بالاحتفاظ بأراضٍ أو نفوذ “هي مكافأة للفاشية الروسية”.
وفي اليمن، شددت على ضرورة استعادة القرار الوطني ووقف تدخلات السعودية والإمارات، وحماية وحدة البلاد وسيادتها.
أما فلسطين، فقالت إنها “أمّ القضايا”، مؤكدة أن الحل يبدأ بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان حق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة وفق قرارات الأمم المتحدة.
ختام الكلمة: الديمقراطية تهزم عندما تتخلى عن قيمها
واختتمت كرمان كلمتها بالقول:
“الديمقراطية تنتصر عندما تقف مع الشعوب لا مع الطغاة، ومع العدالة لا مع مجرمي الحرب.
أمّا عندما تستعيد ثقتها وتتعاون وتدافع عن مبادئها، حينها فقط تهزم الاستبداد”.










