وتشهد محافظة إب "وسط البلاد" حملة اختطافات واسعة من قبل مليشيا الحوثي المصنفة في القوائم الأمريكيّة للإرهاب، وتعتمد الجماعة استخدام أساليب الاختطاف والإخفاء القسري والقمع لتخويف المواطنين ومنعهم من الاحتفاء بذكرى الثورة الوطنية.
ونالت حملة الاعتقال للعشرات من المواطنين والسياسيين والناشطين الحقوقيين والمشائخ، في مديريتي السدة والنادرة، مما يسلط الضوء على الانتهاكات الحوثية المستمرة لحقوق الإنسان وقمع حرية الرأي والتعبير في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
سياسة تضييق الخناق
شهدت مناطق "بعدان، السدة، السياني، العدين" ومدينة محافظة إب اليمنية خلال الأسبوع المنصرم، حملات أمنية حوثية مكثفة استهدفت خلالها معارضيها، من الناشطين والصحفيين والمواطنين الذين يدعون لإحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر.
في هذا السياق، يقول يونس الشجاع ناشط شبابي من محافظة إب لـ "تعز تايم" إن جماعة الحوثي تحكم قبضتها على السلطة في المحافظة، وتمارس سياسات تضييق الخناق على أي ناشط أو معارض، يكتب عنها أو ينتقد الفساد. لا فتا أن هناك تشديد على الرقابة الإعلامية والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأي انتقاد للجماعة يُواجه بعقوبات فورية، تشمل الاعتقال أو التهديد.
وأشار إلى أن الجماعة الحوثية زادت نقاط التفتيش وكثفت الدوريات الأمنية في شوارع المدينة، خصوصًا بعد احتفالهم بمَ يسمى المولد النبوي وقرب ثورة 26 سبتمبر. ووضح في حديثه، أن حملة الاعتقالات أثرت بشكل كبير ومباشر على حرية الرأي والتعبير، ويسعى الحوثيون على السيطرة الصارمة على كل من يحاول يقدم رأيه عن السلطة.
معقل الثورة
أفادت مصادر محلية لـ"تعز تايم" أن قوات الأمن والمخابرات الحوثية، ضاعفت الحملة بالتعاون مع عقال الحارات، قبل ثلاثة أيام، وخطفت أكثر من 35 شخص إلى جهات مجهولة، بينهم تربويون ووجهاء ونشطاء، منذ بداية الشهر، أتهمتهم بالدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر.
وقد نالت مديرية السدة التي تُعتبر معقلاً للذكرى الوطنية، وبلاد مهندس الثورة 26 سبتمبر، علي عبد المغني، ممارسات تعسفية كبيرة، من قبل عناصر حوثية تابعة للأمن والمخابرات، يرأسهم القيادي في الجماعة يدعى أبو أحمد الوشلي، ويشغل منصب مدير أمن المديرية.
وأشار المصدر أن بين المختطفين، المحامي أكرم الطاهري، تم اعتقاله في المدينة، والتربوي في المدينة عبدالعزيز الفضلي، بينما الناشط أمجد مرعي، اختطف من حي أحوال رمضان، والناشط يحيى الجعشني، اختطف في المدينة القديمة، تم اختطافهم إثر دعوتهم للاحتفال بثورة 26 سبتمبر. تُعد هذه الحملة جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إسكات الأصوات المطالبة بالحرية والديمقراطية في اليمن.
تكميم الأفواه
من جانبها قالت الناشطة الحقوقية شيماء الصراري لـ"تعز تايم"، إن النشاط المدني والسياسي يعتبر مقيد أو معدوم بالأصح فلا يوجد بالمناطق المسيطرة عليها المليشيا إلا كل ما يخدمهم ويخدم سياستهم الإمامية التي تقضي بالعبودية والخضوع وكل من كان له نشاط خارج عليها يتم ملاحقته وسجنه وتعذيبه".
وتعتبر الصراري اعتقالات المليشيا الحوثية للناشطين أنه "انتهاك تعسفي ".
وقالت في حديثها لـ "تعز تايم": من المعروف أنه لا يتم اعتقال أي شخص إلا لوجود تهمه عليه وماعدا ذلك يعتبر انتهاك بحق الحياة و الحرية والكرامة والإنسانية وهذا الحق مكفول لكل المواطنين ".
ولفتت إلى أنه منذ سيطرت مليشيا الحوثي على بعض المحافظات أصبح العمل في المجال الحقوقي والصحفي أمر صعب ويشكل خطورة على الفرد بل على جميع أفراد هذه الأسرة التي يعمل أحد افرادها في المجال الحقوقي".
وأشارت أن هذا ما تشهده الآن محافظة إب وصنعاء من اعتقالات لتكميم الافواه على الانتهاكات التي تصدر منها.
خوف مستمر
على صعيد متصل، مع انتشار أخبار الاعتقالات الجديدة، وازدياد حالة الهلع لدى المواطنين، يواصل يونس الشجاع حديثه مع "تعز تايم" في صورة مختصرة نعيش حالة من القلق والخوف المستمر. لافتا، أن الناس يعيشون في حالة دائمة من الترقب لحدوث اعتقالات أو مداهمات". لافتا، أنه لا زال هناك تواجد أمني مكثف مع استمرار الترهيب والتخويف من الاعتقالات العشوائية.
وأكد الشجاع، "هناك شعور متزايد بالعزلة والاختفاء لدى بعض المواطنين المعارضين للجماعة نتيجة ما تعرض له أغلبية الشباب في المحافظة". موضحًا ما يعاني الناشطين " يشعرون بضغوط نفسية كبيرة بسبب حالات القمع المستمرة ويعيشون في قلق دائم من أن يكونوا الهدف التالي".
اسكات الأصوات الحرة
منذ عشر سنوات تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية حربها الشرسة على الحريات مستهدفة بالدرجة الأولى حرية الصحافة والإعلام، في هذا الصعيد رصدت "تعز تايم" منشورًا للصحفي المحرر من معتقلات المليشيا الحوثية عبدالخالق عمران، على منصة "فيسبوك" لا يزال العدو الأول للصحافة والصحفيين المجرم عبدالملك الحوثي يواصل جرائمه ضد حرية الرأي والتعبير.
وقال عمران، كنت أنا وثمانية من زملائي ضمن المختطفين حيث وضعنا كدروع بشرية في أماكن معرضة للقصف وتعرضنا للإخفاء القسري والتعذيب والحرمان طوال ثماني سنوات في سجونها وصدر ضدنا فتاوى بالقتل ومصادرة كل ممتلكاتنا".
ولفت إلى واقعة اختطاف الصحفي محمد دبوان المياحي، صباح يوم الجمعة الفائتة، لا يمكن إخضاع الناس من خلال إسكات الصوت الحر وسيسقط قبل أن يحقق معتقداته المريضة تجاه قادة الرأي وأرباب الكلمة.
وقد قال عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة المصنفة في قوائم الإرهاب بداية الحرب في خطاب متلفز أن "الصحفيين والإعلاميين أخطر من المقاتلين في الجبهات" لتأكد هذه السردية الطائفية عدوانية المليشيا للإعلام والصحافة.
أساليب مهينة
من جانبها قالت أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين، لـ"تعز تايم" أن أبرز الانتهاكات التي تم توثيقها ضد المختطفين في محافظة إب ، هي نفس الأساليب التي تتخذها جماعة الحوثي، في جميع المحافظات، "طريقة القبض على الصحفيين والناشطين والمعارضين للجماعة تكون بطريقة مهينة وغير قانونية و لا تخضع لحقوق الإنسان، تليها الاتهامات والإخفاء القسري والتعذيب والتنكيل به، وتعذيبه والتصوير باعترافات تحت التهديد والتوقيع على أمور لم يرتكبونها، وابتزاز أسرته بشكل كبير، وتأخذ منهم الأموال".
وتطالب الرابطة، من جماعة الحوثي التي أكثرت وتجبرت في هذا الوقت لإخضاع اليمنيين وإخضاع المخالفين لها بالإفراج عن الناشطين والحقوقيين والصحفيين الذي تأخذهم بالقوة وتخفيهم". لا فتا أنها تعمل من خلال البيانات والوقفات والأنشطة المختلفة للمطالبة، على اصال أصوات المختطفين إلى المحافل الدولية والأمم المتحدة ومطالبة الحوثي بالإفراج عنهم من غير قيد أو شرط".
ودعت الحاج، أهالي المختطفين وعائلاتهم وذويهم في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، أن "يوثقوا هذه الحالات عند الرابطة وعند المنظمات الحقوقية المحلية". مضيفة "من أجل نستطيع أن نرفع هذه الانتهاكات ونحنُ نقف معهم وواثقين أن هذه الأسر تقف معنا".
وأشارت الرابطة، أنه لا بد من اتحاد جماعي لفضح هذه الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثية على المستوى المحلي والدولي، دون أن يخافوا من الحوثي، وعدم تصديق أكاذيبهم عن الإفراج عنهم، حتى باعوا كل ما يملكون لأجل أن يسمعوا أخبار ذويهم، وعليهم أن يتصرفوا بحكمة ويوكلوا الرابطة والمنظمات الحقوقية بالمطالبة عن ابنائهم ويفضحون كل الجرائم التي تقوم بها جماعة الحوثي".
انتهاكات للحقوق
أدان المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) حملات الاختطاف التي تقوم بها جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ضد الكتاب والصحفيين والنشطاء اليمنيين، في مناطق سيطرتها منذ عدة أيام، دون أي سند قانوني "الممارسات الحوثية غير قانونية كما أنها تشكل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية المكفولة في الدستور اليمني والقانون الدولي"
وأكد (ACJ) أن تلك الاعتقالات ضمن سياق تزايد التضييق على حرية التعبير والصحافة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تمارس الجماعة عمليات قمعية ممنهجة ضد أي أصوات معارضة. وبين، أن استمرار هذه الانتهاكات يستوجب مساءلة مرتكبيها أمام الجهات القضائية الجنائية.
وطالب (ACJ) مليشيا الحوثي بضرورة التوقف الفوري عن هذه الممارسات غير القانونية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بشكل فوري. ودعا المركز للجماعة الحوثية إلى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
إدانات حقوقية
منظمات حقوقية محلية تدين ممارسات مليشيا الحوثي الإرهابية بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، ووصفت انتهاكات الجماعة بـ"الطبيعة الاستبدادية" حيثُ تسعى بكل الوسائل والممارسات القمعية لثني الشعب اليمني عن الاحتفال بثورته وقمع أي مظاهر احتفالية بها. أدانت منظمة مساواة للحقوق والحريات، السبت “حملات الاختطاف الواسعة التي شنها الحوثيون خلال الأيام الماضية في العاصمة صنعاء ومحافظات ذمار وإب وعمران وكافة المناطق الواقعة تحت سيطرتها”.
وأعلنت في بيان لها حصلت تعز تايم على نسخة منه، توثيقها 33 حالة اختطاف مدنياً خلال الأيام الماضية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، على خلفية دعوتهم للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر. وحسب بيان المنظمة، فإن حملة الاختطافات استهدفت السياسيين والصحفيين والناشطين الحقوقيين وكل من يدعو للاحتفال بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر 1962م والتي أطاحت بالحكم الإمامي شمالي البلاد (نسخة الحوثيين اليوم).
على صعيد متصل، أدانت رابطة أمهات المختطفين، السبت، حملة الاعتقالات والاختطافات الواسعة التي تشنها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، منذ بداية شهر سبتمبر. واستنكرت الرابطة في بيان لها، بأشد العبارات الانتهاكات الحوثية التي قامت بها ضد عدد من السياسيين والناشطين الحقوقيين والصحفيين جراء مواقفهم المخالفة لسياسة الجماعة".
وطالبت الرابطة في منشورها على منصة "فيسبوك" مليشيا الحوثي الإرهابية "بوضع حد للانتهاكات التي تطال المواطنين في كافة مجالات الحياة. وتحمل رابطة أمهات المختطفين جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن سلامة وحياة المختطفين، وتدعو إلى سرعة الإفراج عنهم دون قيد أو شرط.
تواصل مليشيا الحوثي خرقها الواضح للقانون اليمني والدولي، الذي يمنع الاعتقال أو الحجز التعسفي لأي مواطن إلا بأمر من السلطات المختصة وبعد إجراءات قانونية، وقد نص الدستور اليمني في المادة 48 على حماية الحق في الحرية والأمن الشخصي.
ممارسات مليشيا الحوثي تُعتبر انتهاكًا لاتفاقيات جنيف، التي تضمنت حماية المدنيين من التعرض للاعتقال أو المعاملة القاسية دون سبب قانوني، كما أن قانون العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في المادة 19 كفل حق كل شخص في حرية الرأي التعبير، وتحظر المادة 9 من نفس العهد الاعتقال التعسفي.