وذكرت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية أن الميليشيات الحوثية ما زالت تفرض حصاراً على المدنيين بمنازلهم في مديرية العبدية جنوب المحافظة، وتنفذ إعدامات ميدانية للجرحى، وتختطف الأطفال والشيوخ، إلى جانب تحويلها المدارس والمنشآت العامة إلى معتقلات وأماكن للتصفية الميدانية.
جاء ذلك في وقت أظهرت فيه بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن أكثر من 5 آلاف شخص، قد تم تهجيرهم قسراً هذا الأسبوع وحده، حيث تدور أعنف المعارك في جنوب محافظة مأرب، مع استمرار نزوح العائلات بسبب تصاعد المواجهات هناك.
وأوضحت المفوضية أنه ومنذ بداية العام الحالي، أُجبر ما يقرب من 80 ألف يمني على الفرار من منازلهم والبحث عن مأوى في جميع أنحاء البلاد. وأعربت عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في محافظة مأرب، حيث تؤدي الاشتباكات إلى نزوح مئات العائلات، كما أن القيود المفروضة على توزيع المساعدات الإنسانية تؤدي إلى حرمان مزيد الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات.
وقالت المفوضية: «بعد التعليق المؤقت للأنشطة في مديرية الجوبة جنوب محافظة مأرب بسبب مخاوف أمنية، استأنف الشريك المحلي للمفوضية توزيع المواد غير الغذائية على 75 عائلة في المديرية و149 أسرة تقيم حالياً في مدينة مأرب».
وأعادت المفوضية التذكير بأن 20.7 مليون شخص في اليمن يحتاجون للمساعدة، منهم أكثر من 4 ملايين نازح داخلياً، وأن ما يصل إلى 1.2 مليون يمني نازح يعيشون في 1800 موقع مضيف. يمثل الأطفال والنساء ما يصل إلى 76 في المائة من إجمالي النازحين داخلياً. في حين أن هناك 129531 لاجئاً و12075 من طالبي اللجوء.
من جهته ناقش وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح خلال لقائه، نائب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، ديجو زوريلا، والفريق المرافق له الذي يزور المحافظة حالياً، أداء المنظمات التابعة للأمم المتحدة في الجانب الإنساني والقصور الكبير في أدائها تجاه الوضع الإنساني المأساوي في المحافظة وتجاهلها الجرائم الإنسانية لميليشيا الحوثي تجاه المدنيين الآمنين.
ونقل الموقع الرسمي للمحافظة عن مفتاح القول: «إن المأساة الإنسانية التي حدثت وما زالت مستمرة في مديرية العبدية والجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي التابعة لإيران بحق سكان العبدية البالغ عددهم 35 ألف نسمة أظهرت بوضوح مدى قصور المنظمات الأممية وتقاعسها عن قيامها بواجبها الإنساني الأخلاقي والقانوني لإنقاذ المدنيين».
وانتقد المسؤول اليمني «الصمت المريب للأمم المتحدة أمام النداءات الإنسانية المتكررة للسلطة المحلية والحكومة للقيام بواجبها لإنقاذ سكان مديرية العبدية منذ بدء الحصار المطبق عليهم الذي استمر شهراً كاملاً».
وقال إن ذلك «أكد مدى خضوع هذه المنظمات خصوصاً التي ما زالت مقراتها الرئيسة في صنعاء، خاضعة لسلطة وتوجيهات ميليشيا الحوثي وتحكمها بقراراتها وتحركاتها ومواقفها».
وقال المسؤول المحلي: «إن صمت المنظمات وتقاعسها عن أداء واجباتها الأخلاقية والقانونية الإنسانية شجعا ميليشيا الحوثي للاستمرار في الجرائم الإنسانية تجاه سكان مديرية العبدية»، متهماً الميليشيات بأنها تمارس حالياً في قرى مديرية العبدية «جرائم إنسانية يندى لها الجبين وسط غياب وصمت من المنظمات الأممية العاملة في المجال الحقوقي والإنساني»، إذ إن الميليشيات لا تزال تفرض على المدنيين حصاراً في منازلهم، وتقوم بتفجير منازل واقتحام أخرى «وتنفذ إعدامات ميدانية للجرحى وتختطف الأطفال والشيوخ، وتقوم بتحويل المدارس والمنشآت العامة إلى معتقلات للمواطنين وأماكن للتصفية الميدانية».
وأشار وكيل محافظة مأرب إلى أن الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي بحق المدنيين تؤكد من خلالها الميليشيات أنها لا تعترف بالسلام ولا تكترث بالنداءات الدولية لوقف النار.
وطلب الوكيل مفتاح من منسق الشؤون الإنسانية ضرورة إعادة ترتيب عمل المنظمات الإنسانية في المحافظة بما يحفظ للعمل الإنساني قيمته واستقلاليته، وضرورة أن يكون لها مخزون احتياطي في المحافظة أو المحافظات المحررة المجاورة يمكنها من الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الطارئة للنازحين في ظل استمرار التصعيد العسكري لميليشيا الحوثي واستهداف المدنيين واستمرار موجات النزوح.
واستعرض المسؤول اليمني الوضع الإنساني للنازحين في محافظة مأرب ومخيماتها إلى جانب الوضع الإنساني والاحتياجات الملحة لموجات النزوح الجديدة من المديريات الشمالية لمحافظة شبوة والمديريات الجنوبية لمحافظة مأرب وغياب دور المنظمات الأممية في الاستجابة للاحتياجات.
إلى جانب ذلك نسبت المصادر اليمنية إلى نائب منسق الشؤون الإنسانية قوله إن زيارته تهدف إلى تقييم أداء المنظمات التابعة للأمم المتحدة في الجانب الإنساني والوقوف على حقيقة الوضع في المحافظة وفي مديرية العبدية والاحتياجات الإنسانية الطارئة وكيف يمكن أن تقدم المساعدات مع شركاء العمل الإنساني.
ووفق ما جاء في الموقع الرسمي لمحافظة مأرب فإن المسؤول الأممي أكد أنه سيطلع «على الانتهاكات التي حدثت وتحدث في مديرية العبدية والمعتقلين والمخفيين قسراً من قبل الحوثيين إلى جانب انتهاكات تفجير وإحراق المنازل والإعدامات الميدانية وغيرها».
وفي حين قال المسؤول الأممي إن المفوضية العليا لحقوق الإنسان تتابع بجد واهتمام كافة الانتهاكات وتوثيقها حتى تتحقق العدالة بحق مرتكبيها، وعد بأنه «سيناقش مع شركاء العمل الإنساني وضع خطط للمرحلة المقبلة وعمل مخزون من المساعدات وفق القطاعات المختلفة وفق أولوياتها».