وتسعى عُمان التي عملت منذ اندلاع الحرب اليمنية على لعب دور وسيط بين الإقليم والعالم وبين الحوثيين، لإبراز دورها في حل الأزمة اليمنية وإخراجه إلى العلن بعد أن ظلت تفضل لعب هذا الدور بصمت ودون تصريحات رسمية.
وخلال الأشهر الماضية، كثفت مسقط من جهودها في تنسيق لقاءات على مستوى منخفض بين التحالف العربي والحوثيين، إضافة إلى تنظيم سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين دوليين وغربيين وبين الوفد الحوثي.
زيارات لا تتوقف
تحولت مسقط خلال الفترة الأخيرة إلى مقراً لزيارات مكثفة لمسؤولين دوليين وسعوديين، فيما يبدوا أن تكثيف تلك الزيارات تهدف إلى إيجاد حلول لإنهاء الأزمة اليمنية، التي لم تنجح أي مفاوضات سابقة في إيقاف الحرب.
وتزامناً مع زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إلى عُمان، في 2 مايو 2021، تواصلت الجهود السياسية لإيجاد حل لأزمة اليمن، حيث وصل في ذات اليوم إلى مسقط المبعوثان إلى اليمن الأمريكي تيموثي ليندركينغ والأممي مارتن غريفيث، قادمين من الرياض.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت، في بيان، أن المباحثات ستركز على ضمان وصول السلع والمساعدات الإنسانية إلى أنحاء اليمن بانتظام ودون عوائق، إلى جانب دعم وقف دائم لإطلاق النار وانتقال الأطراف لعملية سياسية.
من جهة أخرى، قال السيناتور الأمريكي كريس ميرفي في تغريدة على موقع "تويتر"، إنه عقد لقاء مثمراً برفقة ليندركينغ مع وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في مسقط، مضيفاً أن "الوقت حان لإحلال السلام في اليمن، وأنه يمكن لسلطنة عُمان أن تلعب دوراً حاسماً".
وقبل ذلك، شمل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سلطنة عمان بجولته في المنطقة والتي زار خلالها كلاّ من قطر والعراق والكويت، في ظل رواج أنباء عن جهود تبذل في المنطقة لتضييق هوة الخلافات بين الغريمتين الكبريين إيران والسعودية وإطلاق حوار بينهما، حيث التقى أيضاً بوفد الحوثيين المتواجد بمسقط.
وساطة عُمان للعلن
خلال السنوات الماضية كانت تعمل عُمان بشكل غير معلن لوساطة حول أزمة اليمن، لكن في 30 مارس 2021، قالت السلطنة عن أنها تعمل بالاشتراك مع السعودية على "التوصل إلى تسوية شاملة" للأزمة اليمنية.
وجاء هذا الإعلان في موقف نادر للسلطنة التي دأبت على ملازمة الصمت في ما يتعلق بما يجري على أراضيها من لقاءات ومشاورات، سواء ما تعلق منها بالموضوع اليمني أو ما اتصل بالملف الإيراني أو ما ارتبط بغيرهما من الملفات الإقليمية.
وأضاف بيان للسلطنة: "إن مسقط تأمل في أن تحقق هذه الاتصالات النتيجة المرجوّة في القريب العاجل وبما يعيد لليمن الشقيق أمنه واستقراره ويحفظ أمن ومصالح دول المنطقة".
ويعتبر مراقبون أن الموقف العماني من الأزمة اليمنية، الذي تشكل في أواخر عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، يعد تحولاً بارزاً في نهج السياسة العمانية التي ظلت تفضل النأي بنفسها عن التجاذبات السياسية الإقليمية والدولية، بينما مارست دوراً ملموساً مغايراً في التعاطي مع الحوثيين الذين باتت العاصمة العمانية مسقط مركز تحركاتهم الدبلوماسية.
تحركات عُمانية سابقة
بعد أسبوع من بداية حرب اليمن تسلم ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، رسالة خاصة من سلطان سلطنة عمان الراحل قابوس بن سعيد، الذي جنب بلاده المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، نصحه فيها بوقف الحرب ضد اليمن، وفقاً لوسائل إعلام يمنية.
وفي فبراير 2018، دعا السلطان الراحل إلى تضافر جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية سياسية في اليمن.
وسبق أن أكد السلطان الراحل لوزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، استعداده للتدخل لفض النزاع في اليمن بطريقة سلمية حقناً للدماء، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا ناشينال" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، في مارس 2018.
وفي ذات الشهر استضافت مسقط لقاء جمع ممثلين عن الحوثيين ومسؤولين أمريكيين، وهو ثاني لقاء جمع الطرفين بعد اللقاء الأول الذي عقد أيضاً في السلطنة، في مايو 2015.
وأدت السلطنة، منتصف أكتوبر 2020، دوراً في الإفراج عن مواطنين أمريكيين اثنين كانا محتجزين لدى الحوثيين، وعن إعادة جثمان مواطن أمريكي يسمى بلال فطين إلى الولايات المتحدة بعد وفاته في الأسر، مقابل إعادة نحو 200 جريح من الحوثيين كانوا عالقين في عُمان.