يقفز الحوثي على مشروع السلام المطروح حالياً والمعني بمعالجات إنسانية وخفض الاقتتال وتأمين دول الاقليم. يريد الحوثي الذهاب نحو اقتسام البلاد مرحلياً للقضاء على الشرعية القائمة وتالياً سيلتهم النصف الثاني بحكم قوة الواقع أعمت أنانية الانفصال في الجنوب الابصار عن الخطر المستقبلي
يسهم دعاة الانفصال في الفتك بالشرعية - وهم شركاء- عبر تعطيل عمل الحكومة وتقليص صلاحيات مجلس القيادة -بالشراكة مع اعضاء آخرين طامعين في صنع القرار السياسي دون سياسات. فيما الشرعية غير قادرة على منح شرعية الانفصال. إلا أن القضاء عليها سيضع الجميع أمام قوة الأمر الواقع الحوثية.
إذا كان الحوثي اليوم أمرًا واقعا في بعض محافظات الشمال وسيكون كذلك فيما لو استولى على الجنوب. في ذهن الحوثي، بعد اقتحام مدينة تعز والسيطرة على ريفها الجنوبي، سهلة السيطرة على قوات طارق صالح المحصورة في جغرافيا مبسوطة. بقية الشرعية ليست أكثر من جيوب مغلقة كميدي والجوف وعلب.
العجيب في هذه اللحظة ومقابل حشود حوثية برية نحو تعز هو أن العلاقة بين طارق وتعز المدينة لم تصل الى تلاحم يلبي تحديات مواجهة حتمية مع صلف الحوثي وشراهة توسعه. وليس أفضل للحوثي من أيام العيد لشن هجوم مباغت بأعداد بشرية تكفي لإرهاق متارس الدفاع. ولهذا كان البيان الثلاثي حاداً.
الا أن حدته وصراحته لا تحولان دون هجوم حوثي وشيك اعدت له العدة في فترة الهدنة السابقة غير المعلنة. سبق للحوثي ان اقام مناورة -هي في الاصل تدريب حي - على تخوم تعز استخدمت فيها اسلحة لم يسبق استخدامها في الجهة الغربية. سيجعل الحوثي من معركة تعز الوشيكة معركة مدفع ومسيّرة.
ولن تفيد الادانات وتهديدات العزلة. والتحالف لا يستطيع العودة الى مربع الحرب مع الحوثي وسيتعامل مع المسألة على انها مناورة حوثية لتعظيم شروط التفاوض. الا ان هذه المعركة على الصعيد الوطني أكبر من ذلك لأنها تنطوي على الزوال الفعلي لخيط أمل بقاء الجمهورية اليمنية على قيد الحياة.
ينبغي اخذ رعونة الحوثي على محمل الجد ولا يمكن ردعها وعدم احترام ارادة اليمنيين الا بتكاتف القوى المعنية وخوض محطة كسر عظام. لن ينال الانتقالي انفصالا الا من يمن واحد ولا أمان في الجنوب الا بمساندة من كافة قوى الشرعية المناهضة للحوثي. وهذه لا تستطيع النجاة الا بتعاون الانتقالي.