استعرض المنتدى محورين رئيسيين، قدم الأول الكاتب والصحفي آدم الحسامي، متناولًا خطاب المعركة الوطنية ووسائطه، حيث أشار إلى خطورة المقارنات الإعلامية التي تُعقد بين المليشيا الطائفية وجبهة الشرعية، موضحًا أن المليشيا تعتمد على سلسلة من الألاعيب المنطقية تهدف إلى شرعنة مشروعها، مستغلة القضية الفلسطينية سياسيًا في خطابها الإعلامي.
وأشار الحسامي إلى أن ما يُوصف بتفوق إعلامي حوثي هو تفوق هش، يعتمد على الإعلام كعنصر وجودي لاستمرار الجماعة، لا كوسيلة للتعبير عن قضايا وطنية أو تنموية. كما انتقد ضعف الخطاب الإعلامي للجبهة الجمهورية، لاعتماده المفرط على نفي الآخر بدلاً من بناء خطاب ذاتي متماسك يعكس هوية المشروع الجمهوري وقيمه. وأكد على ضرورة اغتنام الإعلام الوطني فرصة صياغة خطاب استراتيجي يرسّخ مفهوم الجمهورية ويرتكز على تجديد المحتوى بدلاً من مجاراة أدوات المليشيا وأساليبها.
في المحور الثاني، قدم الباحث راشد محمد ورقة بعنوان "دور الإعلام في الضغط لاستكمال المعركة الوطنية"، استهلها بتأمل شخصي حول قيمة الكلمة في لحظات التحول التاريخي، مستشهدًا بشعراء الثورة اليمنية، وعلى رأسهم الزبيري والمقالح، الذين أسهموا في صناعة الوعي الثوري وتحفيز الجماهير.
وأكد راشد أن الإعلام يمثل اليوم الأداة المتبقية في يد المجتمع لممارسة الضغط على السلطة الشرعية بعد تغييب أدوات المساءلة المؤسسية، باعتباره السلطة الرابعة وصوت الناس، ودوره محوري في حماية الهوية الوطنية من مشروع الانقلاب الحوثي.
وأوضح أن أهمية الإعلام تتضاعف في ظل الطفرة الرقمية وانتشار وسائل التواصل، التي توفّر إمكانيات الوصول الواسع للرأي العام المحلي والدولي، وتشكل أداة فعالة لإعادة توجيه البوصلة الوطنية نحو المعركة الأساسية المتمثلة في استعادة الدولة. ولفت إلى حاجة الإعلام الوطني الماسة إلى تجديد خطابه وأدواته، بعدما استُهلكت مضامين التعبير التقليدية، محذرًا من بقاء الإعلام الجمهوري رهينًا لردود الأفعال تجاه الخطاب الحوثي، وداعيًا إلى إنتاج خطاب جديد من حيث الفكرة والشكل يفرض منطقه ويستعيد زمام المبادرة.
شهد المنتدى تفاعلًا لافتًا من الحاضرين الذين شاركوا بمداخلاتهم وأسئلتهم وتعقيباتهم، معززين النقاش بمقترحات وتوصيات دعت إلى تعزيز دور الإعلام كقوة ضاغطة في المعركة الوطنية، ومؤكدين على ضرورة بناء إعلام جمهوري يتجاوز التكرار ويستعيد ثقة المجتمع.
واختتمت الجلسة بإجماع المشاركين على أهمية استمرار مثل هذه اللقاءات لتطوير خطاب إعلامي وطني متماسك، يواكب تحديات المرحلة، ويرتقي بمسؤولية الكلمة في زمن المواجهة المصيرية.