87 حالة عض بشهر.. انتشار الكلاب الضالة في مدينة تعز يهدد حياة السكان

تشرين2/نوفمبر 01, 2024

في الخامس والعشرين من الشهر الجاري توفي الطفل ماهر عبدالله سعيد الشرعبي نتيجة تعرضه للعض من أحد الكلاب الضالة المسعورة في حي زيد الموشكي بمدينة تعز، في حادثة مؤلمة ترجمت خطورة انتشار الكلاب الضالة على حياة السكان، خاصة النساء والأطفال.

لم يكن الطفل ماهر ذو التسع سنوات أول ضحايا الكلاب الضالة، بل سبقه كثيرون نتيجة تعرضهم للعض في أماكن مختلفة من مدينة تعز، وحتى بعد إطلاق السلطات حملة للقضاء على هذه الظاهرة لا تزال الكلاب الشاردة تشكل خطراً على حياة السكان.
يقول والد الطفل ماهر إن ولده تعرض للعض، عصر يوم الخميس الماضي، لكنه لم يكن يعلم خطورة العضة التي تعرض لها نجله كونها من كلب مسعور، فنصحه بعض الجيران بـ"الاكتفاء بتطهير منطقة الإصابة بدلاً من إسعاف الطفل للمستشفى".
ويضيف عبدالله الشرعبي في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أنه أسعف ولده في اليوم التالي من تعرضه للإصابة إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية، وتم تقديم له بعض الأدوية لكنه فارق الحياة.

ولم يحدد والد الطفل ماهر فيما إذا كان تم تقديم المصل المضاد لداء الكلب أثناء إسعافه إلى المستشفى أم لا، كون الدواء لا يتوفر في جميع مستشفيات المدينة ويتواجد بشكل محدود لدى قسم علاج داء الكلب في المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة (النقطة الرابع).
وأردف: "وكلت أمري لله، نطالب بعمل حملة للقضاء على الكلاب، عشان المواطنين يأمنوا على أنفسهم وأطفالهم، وتوعية الناس بكيفية التعامل مع مثل هذه الحوادث".
تزايد مخيف
شكا سكان محليون في مدينة تعز، جنوبي غرب البلاد، من تزايد أعداد الكلاب الضالة بشكل مخيف في الشوارع والأحياء السكنية، الأمر الذي يقلق سكينة المواطنين ويجعلهم عرضة لأنياب الكلاب الشاردة.
ومطلع الأسبوع الجاري أطلق نشطاء ومواطنون حملة مناشدات للسلطات بالتدخل العاجل وتنفيذ حملة موسعة للقضاء على الكلاب الضالة التي باتت تتجول ضمن قطعان كبيرة وسط الأحياء السكنية، في ظل شكاوي من ارتفاع حالات العض، ومخاوف من انتشار "داء الكلب" مع عدم إمكانية توفر المصل المضاد.


ووثقت مقاطع مرئية عديدة تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار غير مسبوق للكلاب الضالة في مدينة تعز، ومطالبات للسلطات ممثلة بصندوق النظافة والتحسين للقيام بدورها تجاه هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد حياة السكان، وتؤثر على نمط معيشتهم اليومية.
وصباح الأربعاء، نشر الإعلامي محمد يوسف العديني مقطع فيديو حديث يظهر استمرار تواجد الكلاب الضالة بشكل كبير في أحد شوارع المدينة، على الرغم من إعلان السلطات في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء استمرار حملة القضاء على الكلاب لليوم الثالث على التوالي، وفق بيان مقتضب نشره صندوق النظافة والتحسين بالمحافظة على منصة "فيسبوك".
عشرات الضحايا
تؤكد السلطات الصحية في مدينة تعز، أنها قيدت في سجلاتها 87 حالة عض تسببت بها الكلاب الشاردة خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري استقبلها القسم الحكومي في مستشفى اليمني السويدي، وتشير في الوقت ذاته إلى أن الرقم قد يكون أكبر من ذلك بكثير كون هناك حالات لم يتم إيصالها إلى المنشآت الصحية.

استجابة محدودة
عشية الأحد الفائت أعلن صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، تدشين حملة للقضاء على الكلاب الضالة، وبدأت الفرق التابعة للصندوق بتنفيذ ذلك في عدد من أحياء وشوارع المدينة، وسط دعوات لاستمرار جهود مكافحة هذه الظاهرة الخطرة.
في السياق، أفاد سكان محليون أن استجابة السلطات أتت متأخرة وبشكل محدود لا يرقى إلى حجم المشكلة القائمة، مطالبين بعمل حل جذري للكلاب الضالة والقضاء عليها نهائيا، بعد أن توقفت حملة المكافحة التي أطلقها صندوق النظافة بفعل نفاد المبيد المستخدم لإنهاء حياة الكلاب قبل التخلص منهم بنقلهم إلى مقالب مخصصة لهذا الغرض.
من جهتها، قالت المدير التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بتعز؛ إفتهان المشهري أن السلطات تلقت شكاوي عديدة من السكان بشأن الكلاب الضالة وحوادث العض، وانتشار المسعورة منها خصوصا في المناطق القريبة من خطوط التماس.
وأكدت المشهري في حديثها لـ"المصدر أونلاين" أن الصندوق يجد صعوبة كبيرة في توفير المبيد الخاص بعملية إعدام الكلاب الضالة، وذلك لتواجده في أماكن خارج المدينة وتحديدا في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، الأمر الذي يجعل الحصول عليه يأخذ وقتا أطول بسبب الإجراءات، حد قولها.
وأشارت مدير صندوق النظافة بتعز، إلى أن السلطة المحلية ساهمت إلى جانب الصندوق في تمويل الحملة الأولى للقضاء على الكلاب الضالة والتي نُفذت في يناير/ كانون الثاني الماضي، فيما انطلقت الحملة الثانية هذا الأسبوع بتمويل كامل من الصندوق.

ونوهت المشهري إلى استمرار حملة القضاء على الكلاب الضالة رغم المعوقات، لافتة إلى أن هناك تنسيق بين صندوق النظافة ومدراء المديريات لتمويل الحملة، دون الحديث عن الفترة الزمنية التي تحتاجها السلطات للقضاء على الكلاب الضالة.
داء الكلب
يستقبل قسم علاج داء الكلاب في المستشفى اليمني السويدي للأمومة والطفولة (النقطة الرابع) حالات العض باعتباره القسم الحكومي الوحيد المتخصص لاستقبال حالات من هذا النوع، بحسب رئيس القسم الدكتور عامر البوصي.
ويضيف الطبيب البوصي في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أن أكثر الحالات المعرضة للإصابة بداء الكلب هي التي تتعرض للعض في منطقة الجذع الأعلى في اليد أو الرأس أو الصدر.
ويشير إلى أن القسم يعاني من نقص كبير في لقاح داء الكلب، حيث تمثلت أكبر كمية حصل عليها القسم خلال ثمان سنوات بعدد 2000 لقاح، وصلت خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة، وهي كمية محدودة لا تغطي احتياج مديريات المدينة الثلاث، كون الشخص الذي يتعرض للعض قد يستهلك 5 جرعات خلال شهر واحد.
ويؤكد الدكتور عامر البوصي أن المصل المضاد لداء الكلب لا يتوفر لدى القسم منذ عام، لافتا إلى أنه يستخدم في الحالات المستعصية، فيما يتم تقديم اللقاحات للحالات العادية، حيث أن الأمر يخص وزارة الصحة التي لم تزود القسم بالمصل على الرغم من تقديم مكتب الصحة في المحافظة خطابا بشأن ذلك.
ويعبر رئيس قسم علاج داء الكلب عن استيائه من تحرك الصحفيين والناشطين للمطالبة بتوفير المصل عند تفاقم المشكلة فقط، قائلا :"٢٥ سنة لم يسألنا أحد كيف يتم تشغيل هذا القسم وماهي احتياجاته وإمكانياته".
وتابع حديثه حول برنامج داء الكلب: "هذا البرنامج يسمى في وزاره الصحة من ضمن البرامج المهملة، والشعب لا يدرك أن اللقاحات متوفرة أو لا إلا إذا وقع الضرر".

أسباب تفاقم المشكلة
يعتقد الدكتور عامر البوصي أن تزايد أعداد الكلاب الضالة في مدينة تعز بشكل كبير يعود إلى جملة من الأسباب أبرزها عدم قيام الجهات المختصة بدورها بشكل كامل لمنع حدوث هذه الظاهرة الخطرة من البداية.
ويضيف : "الجهات المختصة لا يرون الحالات التي تصل إلينا وكيف نتحمل مشاعر من أهل المريض حين نبلغهم أن ابنهم بعد عدة أيام سيموت ولابد من عزلة من البيئة بفعل تعرضه للعض من كلب مسعور".
من جهته، يرى الناشط الاجتماعي مالك الكامل أن الحرب ساهمت في انتشار الكلاب الضالة بصورة لافتة مؤخرا، كون تلك الكلاب تتواجد بشكل أكبر بالقرب من خطوط التماس ما قد يجعلها تتغذى على الجثث فتصاب بالسعار وتشكل خطرا عند انتقالها إلى المناطق السكنية.
ويوضح الكامل في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أن من الأخطاء التي وقعت فيها السلطات خلال حملات مكافحة الكلاب الضالة التي تمت سابقا هو التركيز على المتواجدة منها داخل المدينة، في حين تبقى تلك القريبة من خطوط التماس تتكاثر لتعود المشكلة مجددا.
ضعف التوعية
يؤكد الطبيب أحمد الهجامي أن ظاهرة انتشار الكلاب الضالة بشكل مفرط سواء على مستوى المدن أو القرى يعتبر مؤشر خطير على مستوى صحة المجتمع ويجب الحد من انتشارها والعمل على تنفيذ المشاريع والحملات التوعوية التي تعمل على تقليل أعدادها وانتشارها في شوارع المدن والقرى.
ويضيف الهجامي وهو أحد سكان مدينة تعز في حديثه لـ"المصدر أونلاين" أنه واجه العديد من حالات التعرض للإصابة أثناء عمله كطبيب مختبر في منطقة حيس بمحافظة الحديدة وكانت أغلبها لأطفال دون العاشرة، وقلما نجد إصابة على مستوى البالغين في الذكور أو الإناث.
ويوضح أهمية التوعية بأن تزايد أعداد الكلاب الضالة يعد مؤشرا على الاصابة بداء الكلاب الذي يأتي عبر عضة الكلب والتي تكون مميتة في حال لم يتم اسعاف المصاب بأسرع وقت نحو أقرب مستوصف طبي يمتلك الحقنة المضادة للعضة.
ويشير أحمد الهجامي إلى أن المصاب بعضة الكلب يعاني من عدة أعراض أهمها زيادة إفراز اللعاب والتوتر والحمى كذلك الشعور بالصداع الشديد، وقد تصل الإصابة بعضة الكلب أحيانًا أن يشعر المصاب بالهياج كأن يكون مضر لمن حوله كأن يعتدي على من حوله بأي أداة يجدها أمامه.

من جهته، يؤكد الدكتور عامر البوصي أن إهمال الجهات المعنية بتوعية المواطنين بداء الكلب ضعيفة جداً بعكس الأمراض الأخرى مثل شلل الأطفال وغيره. لافتا إلى أن خطورة الكلاب المسعورة لا تقتصر على البشر فقط بل قد تعض قطة أو بقرة فيصبح لدينا بيئة ناقلة لداء الكلب.
جهود المكافحة
يعتقد الناشط الاجتماعي مالك الكامل أنه يجب على السلطات المعنية النظر لمشكلة الكلاب الضالة بجدية وعدم تساهل، من خلال العمل على إقامة الحملات لإنهاء هذا الانتشار المؤذي للمجتمع؛ فلا يمكن لهذه المدينة أن ينتشر فيها فيروسًا قاتلًا بجانب أمراض طفيلية وبكتيرية كالملاريا وحمى الضنك والكوليرا.
ويؤكد على ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بعملها وفق خطة مدروسة انطلاقا من مسؤولياتها؛ لا أن يكون عملها موسميا أو استجابة لضجة مجتمعية، كما يجب ألا يقتصر عملها فقط على بعض الاحياء في وسط المدينة وترك الأحياء التي تنتشر فيها الكلاب الضالة والمسعورة.
ولضمان عمل حل لهذه المشكلة الخطيرة، على السلطات أن تسعى لتوفير المصل المضاد في المنشآت الصحية والمستشفيات عن طريق مكتب الصحة العامة والسكان، بالإضافة إلى تقييم عمل الجهات المختصة والموكل له هذا العمل لتحسين جودتها واستجابتها السريعة لأي طارئ، بحسب الكامل.
إلى ذلك، ينوه الطبيب البوصي إلى أن هناك أربع جهات عليها التحرك بشكل مترابط لمكافحة هذه المشكلة، بحيث يقوم مكتب الصحة برفع التقارير والاحتياجات الصادرة من الجهات التي تستقبل حالات العض، ومكتب الزراعة يتولى تحديد المبيد المناسب، فيما يقوم صندوق النظافة بتنفيذ حملة القضاء على الكلاب الضالة، وكل ذلك يكون بإشراف من السلطة المحلية.

Additional Info

  • المصدر: غدير الشرعبي - المصدر أونلاين
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro