يتطلع الجميع نحو الحصول عليه ويقودون رحلة بحث مريرة في ظل ندرته وغلاء أسعاره والعشوائية في توزيعه وعملية بيعه وغياب السلطات المحلية والمكاتب الحكومية المعنية وضعف أدائها ودورها في ضبط محلات ووكالات وأسواق ومحطات بيع الغاز.
فإسطوانة الغاز باتت توسع دائرة الإحتقان والسخط الشعبي في مختلف الأوساط بمدينة تعز وتتصدر قائمة أولوياتهم ومطالبهم التي أضحت أكثر كلفة وندرة وأشد إحتياج .
تعلوا أصوات المواطن وصرخاته بشكل شبه يومي وتتجدد نداءاته وتحتد تساؤلاته إين الغاز المنزلي? ولكنه لم يجد إجابة ولم يجن سوى التجاهل فيشتد غضبه ويزداد تذمره.
يشغل الغاز المنزلي حيزاً كبيراً من إهتمام الناس، والذي تحول مؤخراً إلى قضية رأي عام ومطلب جماعي يزداد حضوراً وبروزاً في الفعاليات والوقفات الإحتجاجية مع مرور الأيام .
الجميع في هذه المدينة المنكوبة والمحاصرة من قبل مليشيا الحوثيين للعام السابع على التوالي يشكوا غياب الغاز المنزلي إلا من السوق السوداء التي يحضر فيها وبأسعار جنونية ،ما يجعلهم ينددون بعشوائية بيعه وتوزيعه ويتهمون السلطات المحلية ومكتب الصناعة والتجارة وفرع شركة الغاز بالفساد والتواطوء مع تجار الغاز والذين يتلاعبون بعملية عرضه وأسعاره.
حضور
في متابعة تعز تايم وتغطياته المستمرة لمختلف الفعاليات والوقفات الإحتجاجية التي نظمت خلال الأسابيع الأخيرة لفت نظرنا حضور الغاز المنزلي القوي في هتافات وشعارات ولافتات المتظاهرين من مختلف الشرائح، كما لاحظنا إجماعاً لافتاً حول مطلب توفير الغاز وتنظيم عملية بيعه وضبط أسعاره وإقالة مديري فرع شركة الغاز ومكتب الصناعة.
الغالبية هنا يتطلعون نحو حل أزمة الغاز المنزلي والذي تحول آلى مطلب شعبي، تصدر تظاهرات المواطنين البسطاء و النازحين ولم يبارح وقفات الموظفين المدنيين والعسكريين والتربويين والمعلمات المنددات بخصميات الرواتب.
تتفاقم المعانات وتتعدد الهموم وتختلف أسباب الإحتجاجات وتتباين وجهات المحتجين وفئاتهم والأهداف التي خرجوا من أجلها لكن الغاز المنزلي يقترن بمعظم المطالب ويحضر معها ويجد له مساحة بجانب مختلف القضايا والمشاكل .
يقول الخمسيني عبدالله الزبيدي وهو أحد الوجوه المعروفة في ساحة الحقوق والحريات والأكثر تفاعلاً مع مختلف المظاهر الإحتجاجية لتعز تايم " الغاز المنزلي من الإحتياجات اليومية الملحة بالنسبة للجميع، ويصعب على المواطن الحصول عليها إلا بعيد رحلة بحث شاقة وتردد على أكثر من محل وإنتظار لأكثر من أسبوع .
ويضيف تضيق خيارات المواطن يوماً بعد آخر فيضطر لشراء إسطوانة الغاز الواحدة بسعر 9 ألف ريال وربما باكثر وهو مبلغ لا يتناسب مع راتب الموظف ودخل العامل وغيره من الشرائح والتي تعجز عن توفيره رغم إرتباطه الوثيق بحياتهم وبقوتهم اليومي.
شرارة الثائرين
فمأساة جميع سكان هذه المدينة تجتمع عند إسطوانة الغاز والتي يمثل إنعدامها وغلاء أسعارها معضلة حقيقية وكابوساً مؤرقاً للجميع دون إستثناء في ظل إرتفاع معدلات الفقر والبطالة وندرة المساعدات.
ويشير عيسى محمد في حديثه لتعز تايم إلى الجهود التي بذلها للبحث عن إسطوانة غاز خلال يومين إستقل فيها دراجة نارية وجاب مختلف أنحاء المدينة حتى تمكن من شراء إسطوانة بسعر 11 ألف ريال مضافاً إليها أجرة المواصلات والتي ضاعفت قيمة الإسطوانة إلى 21 ألف ريال.
ويستنفد الغاز المنزلي معظم دخل الأسر من أموال فضلاً عن جهدها ووقتها وتفكيرها في توفير إيجارات السكن وقوت الحياة الضروري ونفقات التعليم والصحة ، كما يهدد لقمة عيشها وحياة أطفالها ومستقبلهم وحقوقهم بمن فيها التعليم.
وبين خيارات الغاز أو الجوع والتشرد والحرمان ترتهن حياة ومصير السواد الأعظم من الناس الذين تضيق بهم مساكنهم فيلجاءون إلى الشارع للتظاهر والإحتجاج ضد العابثين والمتلاعبين باحتياجاتهم المصيرية .
ويحذر ناشطون حقوقيون من مغبة التجاهل الرسمي لمعانات أناس قد لا يطول صبرهم ماداموا يدركون أن مايحدث من غلاء وأزمات هو تجويع ممنهج وسياسات إفقار يفرضها التحالف العربي والسلطة الشرعية على سكان تعز .
وتوقعوا أن يؤجج الغاز المنزلي غضب الناس ويكون الشرارة التي ستشعل فتيل ثورة الجياع .