ورغم استمرار الحرب الطاحنة، يجد آلاف اللاجئين الإفريقيين أنفسهم عالقين في اليمن. وبعدما كانوا قد غادروا بلدانهم بسبب المخاطر التي واجهتهم هناك، وجدوا أنفسهم أمام خطر جديد تفرضه مليشيا الحوثي التي تسيطر على صنعاء.
ويرجح ناشط حقوقي أن يكون اللاجئون الإثيوبيون الأكثر استهدافا في صنعاء، إذ يلاحقهم الحوثيون، ويسجنونهم للضغط عليهم لقبول المشاركة في جبهات الحرب، أو أن يدفعوا مبلغل يصل إلى 120 ألف ريال يمني (ما يقارب 500 دولار) من أجل السماح لهم بمغادرة اليمن، أو يبقون في هذه المعتقلات التي يطلقون عليها اسم مراكز الإيواء، وفق الناشط.
وفي مارس الماضي، تعرض أحد هذه المراكز لحريق قالت السلطات إنه "مجرد حادث"، في حين أكدت شهادات ناجين أنه نتج عن قنبلة حارقة ألقاها مقاتلون حوثيون على المركز ـ وهو ما تنفيه السلطات ـ ما أسفر عن وفيات وجرحى بالعشرات.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "لا يزال اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية حول العالم، حيث يواجه 20 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي"، فيما يبلغ عدد اللاجئين من إثيوبيا والصومال أكثر من 276 ألف شخص "يعيشون في أوضاع محفوفة بالمخاطر".
وتشير المفوضية إلى أن "البيئة التشغيلية صعبة"، خاصة في ظل انهيار اقتصادي، وانعدام المؤسسات والخدمات العامة، ناهيك عن المخاطر الأمنية بسبب ظهور جبهات القتال في عدة محافظات يمنية.
لا حماية للاجئين
جمدا سوتي، رئيس شبكة مستقبل أوروميا للأخبار الإثيوبية، المقيم في كندا، قال إنه "رغم مرور أكثر من 6 أسابيع على حريق مركز المهاجرين بصنعاء، لم يتم الكشف عن المسؤولين والمتورطين الحقيقيين في الحادثة المفتعلة".
وأضاف سوتي أن "مفوضية اللاجئين في اليمن لم تقم بواجبها في حماية اللاجئين الإثيوبيين في صنعاء، حيث ما زال الحوثيون يلاحقونهم ويعتقلونهم، ويتم تخييرهم بين المشاركة في الحرب أو السجن".
وإذا ما أراد أي من هؤلاء اللاجئين مغادرة اليمن، فعليه أن يدفع مبالغ طائلة للسلطات في صنعاء تتراوح بين 120 إلى 150 ألف ريال يمني، وفق ما أشار سوتي.
وأعاد التأكيد على أنه رغم "حادثة الحريق المفتعل الذي احترق فيه عشرات اللاجئين الإثيوبيين، لم تكف أيدي الحوثيين عنهم، إذ قاموا بأخذ عدد من هؤلاء اللاجئين إلى جبهات القتال لعدم مقدرتهم على دفع مبالغ مالية".
ولم تسلم اللاجئات الإثيوبيات من السلطات في صنعاء، إذ تم نقل 180 امرأة و30 طفلا كانوا محتجزين لديهم إلى وجهة غير معلومة، يرجح أنهم أُخذوا لجبهات القتال.
وأشار إلى أنه حتى الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، وخاصة منظمة الهجرة، لم تقم بأي شيء لوقف الظلم الذي يتعرض له اللاجئون الإثيوبيون، على الإطلاق، فيما قدر أعداد الموجودين منهم في صنعاء ما بين 3000 إلى 4000 لاجئ.
ملاحقات مستمرة
ئيسة منظمة أورومية لحقوق الإنسان، عرفات جبريل، قالت إن أوضاع اللاجئين الإثيوبيين سيئة جدا، المنظمات الدولية تتجاهل الملاحقات والاعتقالات التي يعانون منها، ولم تقم بفعل أي شئ، سوى السماح بفض الاعتصام الذي كان اللاجئون يقيمونه أمام مفوضية اللاجئين مطلع أبريل، وقالوا لهم 'لا نستطيع أن نفعل لكم أي شئ نحن وأنتم ضيوف هنا'".
وأكدت جبريل، وهي محامية إثيوبية تقيم حاليا في جيبوتي، بعد أن غادرت صنعاء بسبب ملاحقات الحوثيين لها، ما قاله سوتي "أن السلطات في صنعاء تقوم بمساومة اللاجئين إما بدفع النقود، أو الذهاب لجبهات القتال، ومن يرفض سيبقى في مركز الإيواء".
وتشير إلى أن أي شخص إثيوبي يتحدث عما حصل في مركز الإيواء تقوم السلطات في صنعاء بملاحقته.
مخالف للقوانين والدستور
رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، المحامي اليمني، توفيق الحميدي، يرى أن دور المنظمات الدولية في صنعاء تراجع بشكل كبير في خاصة في ظل سيطرة الحوثيين هناك، حيث يتم تعذيب المعتقلين اللاجئين الذين يتم القبض عليهم ومساومتهم على حياتهم من دون قدرتها على فعل أي شئ".
وأضاف أنه تم توثيق شهادات لاجئين ناجين مما يطلق عليه الحوثيون مراكز الإيواء، عن التعذيب بالصعق والضرب والإهانات وغيرها من الأساليب التي تمتهن كرامتهم.
ويؤكد أن ما "تقوم به السلطات في صنعاء، يخالف القوانين وحتى الدستور اليمني، وبما أن جماعة الحوثي هم من يتحكمون بالأمر في هذه المدينة، فهم ملزمون بتنفيذ هذه الإلتزامات، إذ لا يوجد ما ينص على ترحيل اللاجئين أو الابتزاز المالي أو إجبارهم على الذهاب لجبهات القتال".
وأشار الحميدي إلى أن الملاحقات مستمرة من قبل الحوثيين تجاه اللاجئين خاصة الأفارقة منهم، سواء في صنعاء أو في أي من المناطق التي تسيطر عليها.