وأوضح الفريق بن عزيز في حوار مع «الشرق الأوسط» أن مأرب تمثل اليوم إرادة الشعب اليمني التواق للحرية والحياة الكريمة وبناء دولته الوطنية بهويتها العربية، مبيناً أن المدينة الآهلة بالمدنيين وملايين النازحين سقط عليها خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من 60 صاروخاً باليستياً والعشرات من المسيرات الانتحارية.
ويرى رئيس هيئة الأركان اليمنية أن الوقت حان ليوحد أبناء اليمن جهودهم وإمكاناتهم لمواجهة هذه الشرذمة العميلة الحوثية تحت قيادة الشرعية، لافتاً إلى أن العملية العسكرية الحالية في البيضاء دليل واضح على التحام كل القوى الوطنية... وفي ما يلي نص الحوار:
نص الحوار:
> بداية ضعنا في صورة المواجهات العسكرية الجارية حالياً في محافظة مأرب مع الميليشيات الحوثية؟
- بداية أتقدم بعظيم الشكر إلى أبطال جيشنا الوطني ورجال المقاومة وأبناء القبائل الشرفاء الذين يرسمون بدمائهم الطاهرة أعظم ملاحم البطولة والفداء دفاعاً عن الوطن والهوية والدين ضد المشروع الإيراني العنصري في اليمن والمنطقة عموماً.
أما فيما يخص المواجهات في شرق العاصمة صنعاء بالطرف الغربي لمأرب فحقائق الواقع الميداني ومجريات الأحداث خير شاهد ولا يعلو عليها كلام أو وصف، على مدى عام ونصف العام وبإشراف ودعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني والهجوم على مأرب مستمر دون انقطاع أو توقف حتى اللحظة، وتستخدم فيه الميليشيات كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة بما فيها الصواريخ الباليستية والمسيرات الانتحارية، وخلال الأشهر القليلة الماضية سقط على مدينة مأرب الآهلة بالسكان أكثر من 60 صاروخاً باليستياً والعشرات من المسيرات الانتحارية، ودفعت بغرور الآلاف من المقاتلين نحو مأرب، وسخرت الكثير من الإمكانيات المادية واللوجيستية والتي تم نهبها من أموال الدولة والشعب ومن قوت المواطن والموظف والتاجر كل ذلك من أجل إسقاط مأرب إلا أن ذلك تبخر في الهواء وأصبح سراباً يلهثون وراءه، وهذا هو بفضل الله أولاً ثم بتضحيات الأبطال العظماء من الجيش والمقاومة ورجال القبائل وبالدعم القوي والفاعل من الإخوة الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، وبهذا الصمود الأسطوري وبأعمال قتالية نوعية استنزفت العدو وإمكانياته أفشلت كل مخططاته التدميرية.
> هل هنالك أي خطورة من سقوط مأرب بيد الحوثيين؟
- تعرف ميليشيات الحوثي أكثر من غيرها أن مأرب تمثل اليوم إرادة الشعب اليمني التواق للحرية والحياة الكريمة وبناء دولته الوطنية بهويتها العربية، وأن هذه الإرادة يستحيل سقوطها مهما كانت الظروف والأحوال، وأصبحت قضيتنا الوطنية العادلة مرتبطة ارتباطاً مكانياً وزمانياً نستمد منها بعد الله العون والثقة الكاملة بأننا سننتصر على مشروع الملالي وأدواته قريباً.
> ما هي أهم التحديات التي تواجه الجيش ورجال القبائل في معركة مأرب؟
- كل حرب يرافقها الكثير من التحديات والصعوبات، وكما يقال لكل معركة ظروفها الخاصة، ونحن بفضل الله وبجهود قيادتنا السياسية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة ودعم الأشقاء في التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ثم جهود الأبطال في الميادين نتجاوز الكثير من هذه التحديات والعقبات.
لكننا نعتقد أن أهم تحد يواجهنا اليوم هو صمت العالم أمام استمرار تدخل الحرس الثوري الإيراني وانخراطه المتزايد والمتعاظم في المعركة التدميرية التي يديرونها في اليمن بشكل مباشر أو عبر مرتزقتهم، وهذا إرهاب غير مسبوق برعاية شاملة من النظام الإيراني، ونرى كيف يتم تعاطي المجتمع الدولي معه بمعيار مختلف عن تعامله مع إرهاب التنظيمات الأخرى مما جعل الميليشيات تتمادى في إرهابها وجرائمها بحق المدنيين والأبرياء من الأطفال والنساء.
> برأيكم لماذا يستهدف الحوثيون مخيمات النازحين بمأرب؟
- المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة عموماً يقوم على سياسة الإرهاب، والأرض المحروقة، والتغيير الديموغرافي، وفي هذا السياق نرى بأم أعيننا جرائمهم المنافية لكل القيم والأخلاق والمواثيق والقوانين الدولية، وهذا ما شهده العالم في العراق وسوريا واليمن وكل منطقة يصل إليها الإيرانيون يتم تدمير كل معالم الدولة والقضاء على مظاهر الحياة والاستقرار، معتقدين أن هذه المنهجية التدميرية سوف تدفع الناس لرفع راية الاستسلام والخضوع والطاعة المطلقة لهم والقبول بنظام ولاية الفقيه.
> ما هي أسباب تراجع الجيش الوطني من مرتفعات نهم، ومحافظة الجوف بعد أن كان يسيطر عليها خلال الفترة الماضية؟
- نحن نخوض مع ميليشيات إيران الإرهابية حرباً شاملة، ونعتقد أن الشرعية تحقق في كل يوم المزيد من المكاسب على الصعيد السياسي والأخلاقي وأيضاً العسكري، والمعارك الميدانية التي تخوضها مع هذه الميليشيات ما هي إلا جزء من هذه الحرب وهي في إطار الكر والفر يسقط مرتفع أو جبل بالأمس نسترجعه في الغد، وطبيعة وحقيقة المعركة التي نخوضها مع هذه الميليشيات هي معركة وجودية لا تنتهي بسقوط موقع أو موقعين ومن يقرأ التاريخ يجد كيف انتهت الحروب الوطنية التي خاضتها الشعوب من أجل حريتها وكرامتها واستقلالها رغم فارق الإمكانات لأنها صاحبة حق والحقوق لا تضيع بالتقادم.
> في تصريحات سابقة لوزير الدفاع اليمني، تحدث عن كشوفات وأسماء وهمية كثيرة كانت في صفوف الجيش... هل تم حل هذه الإشكالية؟ وما هو الوضع اليوم؟
- كما تعرفون أن ميليشيات إيران الإرهابية استولت في عمليتها الانقلابية في سبتمبر (أيلول) 2014 على جميع مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسسة الجيش، وهذا فرض على الشرعية إعادة بناء القوات المسلحة اليمنية ولا يستطيع أحد القول إنه لا يوجد أخطاء، فكل عملية بناء يصاحبها أخطاء، لكن الأهم من ذلك هو وجود تصحيح مستمر وشامل لهذه الأخطاء، ولها نتائج إيجابية ملموسة، والجميع حريص أن تعكس هذه الجهود نفسها على أرض الواقع وأن يجني أبطالنا ثمار نضالهم وتضحياتهم، والجميع في قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تحت قيادة وزير الدفاع يبذلون جهود جبارة لتصحيح أي أخطاء.
> الكثير من اليمنيين يتساءلون لماذا لا يتم تحريك كافة الجبهات بشكل متزامن للضغط على الميليشيات الحوثية وإجهادها؟
- أبطالنا يواجهون ميليشيات إيران الإرهابية على امتداد مختلف جبهات القتال من دون استثناء، صحيح هناك تفاوت في نسبة شدة المواجهة من منطقة لأخرى نتيجة عوامل قتالية وعسكرية موضوعية، لكن مواجهات العدو لم تتوقف في جميع الجبهات سواء في الساحل المكبل باتفاقية استوكهولم أو في محور تعز أو في المنطقة الخامسة أو الجوف، واليوم تتابعون الانتصارات في البيضاء التي يحققها أبطال الجيش من قوات محور البيضاء وقوات العمالقة ورجال المقاومة وهي انتصارات لها دلالاتها السياسية والعسكرية بعد أن حاولت الميليشيات أن تلعب دور المتحكم بسير المعركة ورفضها المستمر لكل دعوات السلام وارتكاب المزيد من الجرائم بحق المواطنين الأبرياء، والجهود مستمرة في رفع وتعزيز جاهزية جميع الوحدات العسكرية في جميع الجبهات وستكون المرحلة القادمة حافلة بالكثير من الانتصارات.
> هل أنتم منفتحون على تلقي دعم عسكري من القوات المشتركة أو ألوية العمالقة في الحديدة لا سيما أنهم صرحوا باستعدادهم بذلك؟
- من شروط انتصارنا في معركتنا ضد ميليشيات إيران الإرهابية وحدة الصف وتوحيد مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية، وجميعنا في خندق واحد والهدف واحد، واليمنيون يعرفون أن الحوثي استخدم ويستخدم سلاح تمزيق النسيج المجتمعي وسياسة فرق تسد بين مكونات الدولة، وقد حان الوقت ليوحد أبناء اليمن جهودهم وإمكاناتهم لمواجهة هذه الشرذمة العميلة تحت قيادة الشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، والعمليات العسكرية في البيضاء دليل واضح على التحام كل القوى الوطنية التي تخوض اليوم المعركة جنباً إلى جنب وتلحق بالعدو خسائر كبيرة، واستطاعت في وقت قياسي أن تحرر مديريات بكاملها بالإضافة إلى الكثير من المواقع الاستراتيجية التي يتمركز فيها العدو.
> كيف تؤثر الانتصارات الأخيرة في البيضاء على المواجهات في مأرب؟
- الانتصارات في محافظة البيضاء تأتي على سياق التطورات الميدانية في جميع الجبهات بما فيها جبهة مأرب، وبناءً على الخطط العملياتية والقتالية المزمنة وما تحققه من نتائج وانتصارات لا شك أنها تنعكس إيجاباً على الواقع الميداني في جميع الجبهات وفي الوقت ذاته تأتي كرسالة على غطرسة العدو، وتأكيد على إصرار الشعب اليمني لاستعادة سيادة الدولة ومؤسساتها المختلفة وتنفيذ عملية الإصلاح الشامل التي توافق عليها اليمنيون.
> كيف ترون دور مقاتلات التحالف بقيادة السعودية في دعم الجيش اليمني في مأرب وبقية الجبهات؟
- نحن نقدر تقديراً عالياً دور تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة الأشقاء في المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فيما قدموه ويقدمونه من دعم وإسناد أخوي في معركتنا المصيرية ضد ميليشيات إيران الإرهابية، وفي مقدمة ذلك الإسناد الجوي الفاعل والقوي من قبل مقاتلات التحالف للمقاتلين في جميع جبهات القتال، وهذا الدور ينفذ باحترافية عالية وهو محل فخر كل يمني وعربي حر يرفض الهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية.
> كنتم من أوائل من واجه الحوثيين قبل سنوات... برأيك هل يمكن التفاهم والتعايش بسلام معهم؟
- تجاربنا مع ميليشيا تؤكد أنه لا يوجد في قاموسها السياسي أو الإنساني ما يدل أو يشير إلى قبولهم بالآخر أو التعايش معه، والأمثلة كثيرة منها الغدر بالرئيس الراحل علي عبد الله صالح وكثير من المشايخ والشخصيات، وكم من الاتفاقات والمواثيق والهدن وقعت معهم قاموا بنسفها وحولوها إلى سراب، وكم هي التنازلات التي قدمت لهم دون جدوى فهم لا يقبلون بالآخر إلا عبيداً وتابعين فقط، ومن يحدث نفسه بعكس ذلك فهو يخدع نفسه.
> كيف ترى دور القبائل اليمنية في معركة مأرب واستجابتهم لنداءات النفير العام؟
- لا شك أن دور القبائل والمقاومة في هذه المعركة كان ولا يزال محورياً، والكثير من أبناء القبائل وشبابها يوجدون بصورة دائمة في كل موقع وجبهة كتفا بكتف مع إخوانهم المقاتلين في الجيش الوطني، ولعلنا نجد في أعداد الشهداء والجرحى من أبناء القبائل في هذه المعركة الوطنية خير دليل على عظمة وأهمية هذا الدور، وهو في تصاعد مستمر خاصة بعد إعلان النفير العام، وفي هذا الصدد نعبر عن شكرنا وتقديرنا لكل أبناء القبائل اليمنية الأحرار الذين رفضوا الظلم وذل العبودية وهبوا للدفاع عن كرامة اليمن وشعبه.