وبحسب بعض المغتربين اليمنيين في الجنوب السعودي فإن “جميع أفراد العمالة اليمنية الذين يعملون بشكل رسمي في مناطق عسير والباحة ونجران وجيزان في السعودية، تلقوا إشعارات من السلطات السعودية بإنهاء التعاقد معهم بدون سابق إنذار، وضرورة إنهاء أعمالهم خلال ثلاثة أشهر، ويتضمن ذلك إلغاء عقود مساكنهم المستأجرين فيها، وترحيل من لم يستطع الحصول على عقد عمل في مناطق أخرى بعيداً عن هذه المناطق الجنوبية”.
وأوضحوا أن السلطات السعودية وجهت إنذارات لجميع المنشآت السعودية في الجنوب التي لديها عمالة يمنية، بإنهاء عقودهم وإنهاء كفالتهم وترحيلهم إلى اليمن عند انتهاء المدة المحددة لذلك، وإحلال مواقع عملهم بعمالة سعودية أو بمواطنين من جنسيات أخرى، وحملت المنشآت السعودية المسؤولية الكاملة عن أي تقصير في الالتزام بهذا القرار الذي بررته بـ”سياسات التوطين وسياسات الانكشاف المهني وسياسة توازن الجنسيات” وفقاً لبنود الإشعار الرسمي الذي تم توجيهه لأصحاب منشآت العمل، وحصلت “القدس العربي” على نسخة منه.
وذكرت المصادر أن هذه الإجراءات السعودية تشمل كافة الأساتذة الجامعيين اليمنيين في جميع الجامعات والمؤسسات السعودية في مناطق جنوب السعودية، وهي جيزان ونجران وعسير والباحة، في القطاعين العام والخاص، كما تشمل كذلك اليمنيين الموظفين في المستشفيات والمنشآت الطبية والتجارية السعودية، بالإضافة إلى العمالة اليمنية في المنشآت التجارية المختلفة، الذين تلقوا جميعاً بلاغات مشابهة بالاستغناء عنهم وتسريحهم من أعمالهم، وبالتالي الاستعداد لترحيلهم من البلاد.
إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية يمنية أن السلطات السعودية وجهت بطرد كافة الأكاديميين والأساتذة الجامعيين اليمنيين العاملين في الجامعات السعودية بالجنوب، وفقاً لهذا القرار الذي صدم الجميع وضاعف في معاناة اليمنيين في السعودية وفي اليمن، رغم أن السعودية طرف رئيسي في الحرب الراهنة ويفترض أن تلعب دوراً في التخفيف من معاناة اليمنيين المعيشية جراء هذه الحرب.
ونسبت بعض وسائل الإعلام اليمنية إلى أكاديمي يمني يدرّس في إحدى الجامعات السعودية بالجنوب، قوله: “إن جامعة نجران في جنوب المملكة العربية السعودية أبلغت جميع المتعاقدين اليمنيين معها بإنهاء عقودهم، في حين يدور حديث عن إجراءات مشابهة ستمتد إلى جامعات ومؤسسات أخرى عامة وخاصة في جنوب المملكة العربية السعودية”.
وأوضح الأكاديمي أن “جميع المتعاقدين اليمنيين في جامعة نجران والبالغ عددهم 106 أساتذة جامعيين، وهو من بينهم، تلقوا بلاغاً بإنهاء التعاقد معهم بدون إبداء الأسباب”، رغم أنهم يشكلون العمود الفقري لهيئة التدريس في أغلب جامعات هذه المناطق.
إلى ذلك، قال الطبيب والكاتب اليمني مروان الغفوري: “طردت جامعة نجران (السعودية) في الأيام القليلة الماضية 106 أكاديميين يمنيين من أعضاء هيئة التدريس، وكلهم من حملة الدكتوراه. بالمثل، تقوم جامعات الجنوب السعودي في عسير وجازان والباحة وغيرها، بطرد كل الأكاديميين من الجنسية اليمنية، لا استثناء تحت أي مسمى، عليك فقط أن لا تكون يمنياً إذا أردت أن تنجو من المحرقة، هكذا قالت المراسلات والخطابات الرسمية”.
وأوضح أن “المستشفيات (السعودية)، من جهتها، ألغت عقودها الجديدة مع الأطباء اليمنيين ومنعت تجديد عقود وإقامات الأطباء القدامى.
المؤسسات غير الصحية وغير الأكاديمية أبلغت الموظفين من الجنسية اليمنية بانتهاء عقودهم وطلبت منهم مغادرة البلاد”.
وذكر أنه حتى المشاريع والمحلات الدنيا والأصغر، طُلب منها أن تتخلص من حملة الجنسية اليمنية، وقال: “في التعميمات الصادرة من الأعلى إلى الأسفل، تعد السلطات السعودية أصحاب المؤسسات باستجلاب عمالة من جنسيات أخرى بتأشيرات مجانية وبحوافز، من أجل سد الفراغات الحادة. بدا وكأن الأمر مقتصراً على محافظات الجنوب السعودي. مؤخراً، وصلت تباشير الفعل حتى محافظات الشمال”. وكشف: “زملاؤنا من الأطباء والأكاديميين، حتى البعيدين عن محافظات الجنوب، أكدوا لنا هذه الأخبار”.
وقال إن “الحكومة اليمنية تقف عاجزة كل العجز، وما من سبيل لإيقاف هذه المذبحة النازية (كونها استهدفت الناس وفقاً لجنسيتهم)”.
ويقدر عدد اليمنيين المغتربين في السعودية بنحو ثلاثة ملايين، يشكلون عصب الاقتصاد اليمني خلال فترة الحرب، حيث انقطعت كافة الموارد المادية لليمن والمعيشية لليمنيين عدا عائدات التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين في الخارج وفي مقدمتها السعودية، حيث يعيل كل مغترب في الخارج نحو خمس أسر في الداخل، وبالتالي يتوقع العديد من المحللين الاقتصاديين أن يسهم هذا القرار السعودي بطرد اليمنيين من أراضي المملكة بكارثة اقتصادية كبيرة على الوضع المعيشي لليمنيين، وهو ما تسبب في موجة غضب عارمة في أوساط الشارع اليمني ضد السعودية، والذي لا شك، ستستثمره جماعة الحوثي لصالحها لمضاعفة الغضب الشعبي على الحكومة السعودية.