هذه الاحتجاجات، اندلعت بداية في محافظة حضرموت (جنوب شرق) تم توسعت لتشمل عاصمة البلاد المؤقتة عدن، ومدينة تعز جنوب غربي البلاد.
واتسمت الاحتجاجات بـ "طابع عفوي"، إثر موجة غلاء اجتاحت الأسواق اليمنية تأثرا بتدهور قيمة العملة المحلية، فضلا عن تردي الخدمات الأساسية، لا سيما الكهرباء والمياه.
في المقابل، يتهم المحتجون الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي (يسيطر على عدن) بالفشل وعدم الاكتراث تجاه معاناة المواطنين.
وانحدر سعر الريال نحو مستوى غير مسبوق من التدهور، إذ بلغ سعر صرف الدولار الواحد 1200 في تداولات أمس الثلاثاء، بمناطق سيطرة الحكومة، مقارنة مع 215 السعر الرسمي سابقا.
المكلا.. شرارة الاحتجاج
في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري اندلعت احتجاجات غاضبة في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت تنديدا بتدهور الأوضاع المعيشية، مع استمرار تهاوي الريال مقابل العملات الأجنبية الرئيسية.
وتزامنا مع هذه الاحتجاجات، حمل حزب التجمع اليمني للإصلاح بحضرموت (أكبر حزب إسلامي)، الأربعاء من الأسبوع الماضي، حكومة بلاده والتحالف العربي الداعم لها، مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية، جراء استمرار هبوط سعر العملة.
وشدد الحزب في بيانه، "على ضرورة السير في تحقيق كل المطالب المشروعة للمواطنين بأساليب سلمية مؤثرة صوب اقتلاع الفاسدين والمستفيدين والمتاجرين بمعاناة الناس".
الغضب يصل عدن
غير بعيد عن حضرموت، شهدت مدينة كريتر في عاصمة اليمن المؤقتة عدن (جنوب) احتجاجات غاضبة في 11 سبتمبر، تنديدا بانقطاع التيار الكهربائي وتردي الخدمات الأساسية، وارتفاع الأسعار.
وتوسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل معظم أحياء ومدن العاصمة المؤقتة، لا سيما "المنصورة" و"الشيخ عثمان"، و"خور مكسر".
ومنذ شهر تقريبا، زادت ساعات انقطاع الكهرباء بالمحافظة، حيث تصل إلى 7 ساعات انقطاع متتالية، مقابل ساعة تشغيل واحدة، وسط حرارة عالية تصل إلى 45 درجة.
ورغم عودة الحكومة اليمنية إلى عدن في 30 ديسمبر/كانون أول 2020، تنفيذا لاتفاق الرياض، فإن قوات المجلس الانتقالي ما زالت تسيطر عليها، ولم تشهد الأوضاع الخدمية والاجتماعية تحسنا.
مكونات تؤيد الاحتجاجات
تصاعد زخم الاحتجاجات، دفع مكونات شعبية جنوبي اليمن إلى إعلان التأييد لها، والوقوف مع مطالب المحتجين، ودعوة الحكومة لسرعة الاستجابة لها.
والخميس الماضي، أعلن "الائتلاف الوطني الجنوبي" في بيان، تأييد الاحتجاجات في محافظتي عدن، وحضرموت؛ مؤكدا "تضامنه ووقوفه المطلق مع مطالب المتظاهرين السلميين".
والائتلاف كيان مواز لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، ويؤيد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
واعتبر الائتلاف أن "ما وصلت إليه الأوضاع في عدن ومدن أخرى من انفلات أمني وانهيار العملة وغلاء المعيشة وتردي الخدمات الأساسية، نتيجة حتمية لعدم تطبيق الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض".
بدوره أعلن المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، على لسان رئيسه "فؤاد راشد" دعم انتفاضة الشباب الأحرار ضد تردي الأوضاع وسوء الخدمات حسب ما أوردته الصفحة الرسمية للمجلس عبر الفيس بوك.
والحراك الثوري، أحد فصائل الحراك الجنوبي السلمي المطالب بفصل جنوب اليمن عن شماله، ولديه قواعد شعبية، لاسيما في عدن وحضرموت.
تجاهل دولي للأزمة
على مدار الأشهر الماضية، أطلقت الحكومة اليمنية دعوات عدة إلى المجتمع الدولي لدعم جهودها في مواجهة أزمة اقتصادية متفاقمة تعاني منها البلاد.
لكن هذه الدعوات لم تلق الاستجابة المطلوبة حتى الآن، وسط استمرار حالة التدهور واندلاع احتجاجات غاضبة ضدها في مناطق عدة بالبلاد.
والخميس دعا وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، دول الخليج إلى عقد مؤتمر طارئ لدعم اقتصاد بلاده ومساعدة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية.
ومع هبوط العملة المحلية، تفافمت معاناة السكان، ووصلت قيمة مرتبات كثير من الفئات إلى ما يعادل أقل من 100 دولار.
أطراف ثلاثة
المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني، قال إن الاحتجاجات في عدن وحضرموت وتعز جاءت نتيجة لتردي الأوضاع والأحوال السيئة التي وصل إليها المواطنون.
واعتبر أن "تدهور الأوضاع تتحمل مسؤوليته ثلاثة أطراف هي المجلس الانتقالي المسيطر على عدن، والحكومة الشرعية، والتحالف العربي".
ولفت الهدياني إلى أن "الانتقالي الجنوبي" هو المتضرر الأكبر مما يجري، لا سيما في عدن مشيرا أن "الانتفاضة الشعبية تزيد من تآكل ما تبقى من جماهير موالية للمجلس إثر فشله في توفير الأمن والخدمات".
كما اتهم "المجلس الانتقالي بالاستفراد باليمنيين في عدن وممارسة قمع وحشي ضد المحتجين الذين تركوا من قبل التحالف والحكومة من دون حماية".
وتخللت احتجاجات عدن وحضرموت خلال الأيام الماضية، أعمال قمع من قبل قوات الأمن المسيطرة على المدينتين، ما أسفر عن مقتل 3 محتجين على الأقل، وعدد من الجرحى، وفق مصادر طبية وشهود عيان.
ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حربا بين القوات الحكومية والحوثيين، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص وبات 80 بالمئة من سكانه، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.