ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إقليميين أن السفير بات "مشكلة سياسية تزيد الأعباء على كاهل الحوثيين، بالنظر إلى نفوذه الكبير في اليمن، والذي بات يعزز التصور بأن الحوثيين يستجيبون لإيران".
وكالة فرانس برس نقلت عن مسؤول سعودي رفيع المستوى أن السفير الإيراني لدى اليمن غادر صنعاء السبت في طائرة عراقية، سمح لها السعوديون بالهبوط والإقلاع بعد وساطة عراقية وعمانية.
وأشارت إلى أن مغادرته صنعاء كانت بطلب من الحوثيين وفي ظل ظروف غامضة إذ لم تتضح الأسباب وراء رغبة الحوثيين في رحيل السفير.
وهذه ليست أول مرة يتم الحديث فيها عن خلافات بين السفير الإيراني إيرلو وبعض قادة الحوثيين، حيث كان قد فرض في صنعاء مطلع 2021 إحياء مناسبات لذكرى مقتل قاسم سليماني، حيث أحجم بعض قادة اللجان الثورية عن الحضور وهو ما تسبب بخلافات ما بينهم حينها.
فهل يكون التأزم بين إيران والحوثيين بوابة للتقارب مع السعودية؟ وهل ستساعد التوترات بين الحوثيين وسفير إيران على إيجاد حل لحرب اليمن؟.
انفراجة في مسار المشاورات
مبارك آل عاتي المحلل السياسي السعودي، قال إن "واقعة مغادرة السفير الإيراني إيرلو صنعاء، وطلب الحوثيين من التحالف السماح بإخلاءه تؤكد الشكوك المتزايدة حول وجود خلافات متصاعدة بين الطرفين".
وأضاف أن "هناك أسبابا عديدة للخلاف مع السفير الإيراني في مقدمتها الارتفاع الكبير جدا في عدد القتلى في صفوف الحوثيين، حيث يعتقد أن عددهم تجاوز 37 ألف قتيل، ناهيك عن خسائر في المعدات العسكرية مما أثبت فشل خطط إيرلو وخبراءه وجعل الحوثيين في موقف ضعيف وحرج أمام اليمنيين".
وأشار آل عاتي "أنه في حال كانت عملية سحب السفير بطلب من طهران فقد تعتبر خطوة لإحداث انفراجة في مسار مشاورات السعودية وإيران المتوقفة، كما تعتبر بادرة قد يبنى عليها تطور إيحابي".
وأوضح أن الحوثيين يريدون " من هذه الواقعة التأكيد أن ولاءهم لليمن أكثر من تبعيتهم لإيران حتى لا يثور عليهم الشعب مع تنامي الخسائر في المعارك وسقوط آلاف القتلى، ناهيك عن تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية".
ويرى أن الحوثيين يريدون "التخلص من عبء إيرلو لإيقاف مايمكن إيقافه من تدهور أوضاعهم جراء سطوة ضربات التحالف العربي".
أسباب صحية
إلا أن المحلل السياسي الإيراني، حسين روريان كان له رأي آخر، فقال إنه "ليس هناك خلاف بين إيران والحوثيين على الإطلاق".
وأضاف أن مغادرة السفير الإيراني لليمن جاءت لأسباب "صحية بحتة"، ناهيك عن أنه سيكون في زيارة خاصة لعائلته بعد عامين من بقائه في صنعاء.
ويرى روريان أن "إنهاء الحرب في اليمن لن يتم إلا من خلال وقف العدوان والحصار والانسحاب من الأراضي اليمنية وترك اليمنيين يحلون مشاكلهم من خلال الحوار"، حسب وتعبيره.
وأوضح أنه من "الطبيعي لإيران مساعدة اليمن لبناء ما دمرته الحرب، خاصة وأن اليمن لا يملك الميزانيات المطلوبة لهذه العملية".
الولاء لطهران
نبيل البكيري، باحث وصحفي يمني، أكد أن "سيناريو التأزيم بين الحوثيين وطهران غير وارد على الإطلاق، لأنهم على اتفاق تام حتى وإن ظهر عكس ذلك".
وأضاف أن الإيرانيين يدركون أن جماعة الحوثيين أصبحت تدين لهم بالولاء، وأن أي قرارات سيادية يتم اتخاذها من قبل طهران، فيما يترك لجماعة الحوثيين مجال صغير لاتخاذ القرارات في الأمور البسيطة".
وأوضح البكيري أن ما يتم الحديث عنه بأن السفير الإيراني قد سافر للعلاج هو أمر صحيح، لكن من غير المعلوم ما إذا كان يريد العلاج من إصابته بكورونا، أو أنه ربما قد أصيب في إحدى الضربات الجوية للتحالف، وهو ما لم يتم تأكيده حتى الآن.
امتداد للحرس الثوري
الخبير العسكري اليمني، يحيى أبو حاتم، قال إنه "لا يوجد أي خلافات بين الحوثيين والإيرانيين على الإطلاق، حيث أصبحت جماعة الحوثيين تمثل امتدادا للحرس الثوري الإيراني خارج إيران".
وأضاف أن العلاقات بين الحوثيين وإيران "ليست علاقة مصالح، إنما علاقة تبعية وولاء مطلق".
وأوضح أبو حاتم "أن ما تم تداوله عبر صحيفة وول ستريت جورنال بوجود خلافات أو طلب من الحوثيين يتعلق بالسفير الإيراني، ما هو إلا لإظهار أن الحوثيين هم أصحاب القرار في صنعاء، وهو أمر غير حقيقي".
من هو حسن إيرلو؟
وبرز اسم إيرلو مع بدء الحرب في اليمن في 2015، حيث كان اسمه يتداول في وزارة الخارجية الإيرانية، على اعتبار أنه أشبه بحلقة الوصل ما بين طهران وجماعة الحوثيين.
وينتمي لعائلة كان معظم أفرادها في الحرس الثوري، حيث كان ضمن صفوف معسكر حمزة 21، وشقيقه حسين قائد لكتيبة التدمير التابعة لفرقة المهدي، وشقيقه الآخر من عناصر الفرقة العاشرة في كتيبة سيد الشهداء، وفق الموقع الإلكتروني لمنظمة مجاهدي خلق.
ووفق معلومات لم يتسن التأكد منها، فقد عمل إيرلو أيضا كباحث ومحلل في شؤون الخليج في الخارجية الإيرانية، وكان مديرا للمكتب اليمني، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
في نهاية 2020 عينت طهران إيرلو سفيرا لها في صنعاء، حيث رشحت معلومات بأن حزب الله اللبناني قام بتسهيل تهريبه ليصل إلى صنعاء.
وقال الخبير العسكري اليمني، ياسر صالح، في تصريحات سابقة أن إيرلو كان ضابط دفاع جوي وهو المهندس الأساسي للضربات الجوية للحوثيين وهو "خبير أسلحة مضادة للطائرات"، كان قد أصيب في الحرب الإيرانية العراقية.
وخلال عمله في الحرس الجمهوري قام بتدريب عناصر من حزب الله اللبناني في إيران، وحتى عناصر ميليشيات عراقية موالية لطهران، وشارك في دعم العديد من العمليات في شبه الجزيرة العربية وخاصة اليمن، وفق بيان سابق لوزارة الخزانة الأميركية.
وفرضت الولايات المتحدة نهاية 2020 عقوبات على إيرلو، الذي تم تعيينه كدبلوماسي في صنعاء، لدوره في تنسيق التعاون بين الحرس الجمهوري والحوثيين، وهو يعمل لتحقيق مصالح طهران بشكل مباشر أو غير مباشرة في اليمن وزعزعة استقرار المنطقة.
مغادرة صنعاء
من جهته، كتب المتحدث باسم المتمردين محمد عبد السلام على تويتر "تفاهم إيراني سعودي عبر بغداد تم بموجبه نقل السفير الإيراني بصنعاء على متن طائرة عراقية وذلك لظروفه الصحية، وما يرد في وسائل الإعلام من روايات وتكهنات فهي عارية عن الصحة".
حسن إيرلو، الذي أرسلته طهران نهاية العام الماضي إلى اليمن كسفير لها في صنعاء، يؤكد محللون عسكريون أنه العقل المدبر وراء الهجمات الجوية الحوثية على السعودية.