وككل مرة، يبرز "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتياً كأحد الفواعل التي لا تزال تتحدى السلطة الشرعية، على الرغم من انخراطه في مجلس القيادة الرئاسي الذي تم الإعلان عنه في 7 إبريل الماضي برئاسة رشاد العليمي، فيما تم تعيين رئيس "الانتقالي"، عيدروس الزبيدي، نائباً له في مجلس القيادة.
وكان يُفترض على السلطة الجديدة التي تسلّمت الحكم من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، أن تعمل على تنظيم صفوف الشرعية، وخصوصاً القوات الموالية لها والتي يصل عديدها إلى نحو 600 ألف فرد، والمنقسمة في الولاءات والتبعية، ضمن جبهة وقيادة واحدة، ولذلك تم تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة أواخر مايو الماضي، لتحقيق تكامل القوات الموالية للشرعية تحت قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، وإنهاء الانقسام في صفوف القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة.
لكن الوقائع على الأرض تكشف عن توجهات مختلفة، خصوصاً مع حملة تجنيد بدأها "المجلس الانتقالي" في الأيام الأخيرة.
حملة تجنيد لـ"الانتقالي الجنوبي"
وذكر مصدر عسكري في الجيش الحكومي اليمني، وشهود عيان من سكان منطقة بئر فضل في عدن، أن "الانتقالي" بدأ الأسبوع الماضي، حملة تجنيد في معسكر تابع له في المنطقة، مشيرين إلى أن المئات من شباب محافظات لحج وعدن وأبين التحقوا بهذا المعسكر.
وبحسب المصادر، فإن العناصر الجديدة يتم تجنيدها ضمن قوات "الدعم والإسناد"، التابعة لـ"المجلس الانتقالي"، فيما يتم قبول المقاتلين الذين يوافقون على الالتحاق بالمعسكر بسلاحهم الشخصي، مقابل رفض من ليس لديه سلاح. وأضافت أن اللجنة المنظّمة لحملة التجنيد، قدّمت وعوداً للمجندين براتب يبلغ 1500 ريال سعودي (نحو 400 دولار أميركي) لكل واحد منهم، بعد تلقيهم التدريبات العسكرية لمدة شهرين.
مئات الشباب التحقوا بحملة تجنيد لـ"الانتقالي" في عدن
حملة "الانتقالي" هذه جاءت بعد أيام من بدء قوات "اليمن السعيد"، التي تتبع التحالف بقيادة السعودية، بتجنيد المئات في لواء تابع لها في محافظة أبين، وفق ما يكشف مصدر في القوات الحكومية لـ"العربي الجديد". وأوضح المصدر أن حملة التجنيد هذه تمت في منطقة تخضع للواء "الأماجد" المدعوم سعودياً في منطقة دثينة شرقي لودر في المحافظة، وأثارت استياء في أوساط حلفاء الإمارات. يُذكر أن "اليمن السعيد" هي ألوية عَمِل التحالف على تأسيسها في العامين الأخيرين وتتكوّن غالباً من سلفيين.
وتُعتبر أبين من المحافظات التي عمل "الانتقالي" على تهميشها باعتبارها منطقة نفوذ لهادي الذي ينحدر منها، فيما يتقاسم "الانتقالي" السيطرة العسكرية على المحافظة مع الحكومة المعترف بها.
في المقابل، قالت مصادر في ألوية "اليمن السعيد"، لـ"العربي الجديد"، إن التجنيد في صفوف هذه القوات بدأ قبل تشكيل المجلس الرئاسي بفترة بسيطة، لكن هذه العملية باتت أكثر علنية بعد تشكيل المجلس، وازدادت الشهر الحالي، متهمة "المجلس الانتقالي" بأنه يجنّد مقاتلين بشكل مستمر، وكلما أراد التوسع أكثر.
وأضافت المصادر أن قوات "اليمن السعيد" مدعومة سعودياً، وتشرف عليها قيادات بارزة في "العمالقة" وغيرها، وهي قوات تضم عناصر من كل مناطق اليمن على عكس بعض القوات والتشكيلات الموجودة.
وأشار مراقبون إلى أن هذه القوة قد تصبح هي المرتبطة برئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي حتى يتم دمج كل التشكيلات فيها، لافتين إلى أن أعضاء مجلس القيادة الرئاسي كلهم يملكون قوة على الأرض تحسب عليهم باستثناء رئيس المجلس، لذلك هذه القوات ستكون بمثابة قوة العليمي، وفي الوقت نفسه ستكون عامل توازن.
وتحدث هؤلاء عن وجود عتب تجاه ألوية "اليمن السعيد" من بعض مناصري "الانتقالي" باعتبار الكثير من الجنوبيين انضموا إليها وليس إلى القوات التي تتبع "الانتقالي". لكن المراقبين أكدوا أن هذه الألوية ستكون ضمن القوات التي ستواجه الحوثيين في حال عادت المواجهات العسكرية.
صعوبات أمام دمج التشكيلات الموالية للشرعية اليمنية
ولكن مهما كانت التفسيرات لحملات التجنيد المتقابلة، فإنها تبقى خطوة من شأنها أن تعقّد مهمة اللجنة العسكرية المشكّلة حديثاً من قبل المجلس الرئاسي، بهدف دمج التشكيلات العسكرية والأمنية التابعة لمختلف الأطراف في إطار وزارتي الدفاع والداخلية وتوحيد الجهود لمواجهة الحوثيين.
اللجنة العسكرية التي شكلها المجلس الرئاسي لدمج التشكيلات العسكرية لم تعقد أي اجتماع حتى اليوم.
وقال مصدر مقرب من المجلس الرئاسي إن اللجنة العسكرية لم تلتئم حتى الآن، ولم تعقد أي اجتماع معلن أو غير معلن، مشيراً إلى أن الملفات أمامها معقّدة، وينتظرها مشوار طويل، وكل يوم تزداد العقبات أمامها، خصوصاً في ظل تعنّت موقف "الانتقالي الجنوبي".
يُذكر أن "الانتقالي" يرفض خطوة دمج القوات المعارضة للحوثيين تحت قيادة واحدة منذ اتفاق الرياض الذي وقّع عليه مع الحكومة اليمنية، برعاية سعودية في الرياض مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وما تزال هذه الخطوة أبرز مهددات العملية السياسية الحالية، والعائق الأبرز أمام المجلس الرئاسي الذي تولى السلطة في 7 إبريل الماضي.