من أجل فهم كيف يدار الملف اليمني ومن أين يأتي قرار الهدنة والحرب يجب متابعة ما يحدث في العالم خطوة بخطوة، وبالأخص تابع معركة النفط والغاز وأسعارهما.
على سبيل المثال حينما ارتفعت أسعار النفط والغاز عالمياً إلى أرقام قياسية، تم فرض الهدنة في اليمن كي تستقر أسعار النفط والغاز، لأن المستفيد من ارتفاع الأسعار في ذلك الحين هم: روسيا التي ساعدها ذلك في تمويل حملتها العسكرية في أوكرانيا، ودول الخليج على رأسها السعودية التي بدأت باتخاذ موقف لا يتماشى مع قطب أمريكا، لذا سعت أمريكا بشتى الوسائل تخفيض السعر ونجحت بالفعل في ذلك.
بعد انخفاض أسعار الغاز والنفط، استطاعت أمريكا حرمان روسيا من ارباح بيع الغاز لأوروبا بتفجيرات نورد ستريم 1 و 2، وأصبحت أمريكا رسميا المصدر الوحيد للغاز في أوروبا عبر أنبوب النرويج من جهة وبطرق اخرى، وهكذا احتكرت بشكل كبير تجارة الغاز وبقي النفط.
تنتهي الهدنة في اليمن في 2 أكتوبر وهو تاريخ التجديد أيضًا لكن لم يحدث ذلك لماذا؟، لأن مجموعة أوبك+ والتي تضم روسيا والسعودية ودول نفطية أخرى، قررت قبل انتهاء الهدنة دراسة تخفيض إنتاج النفط بحجم مليون برميل يوميا على خلفية انخفاض أسعار النفط وتقلبات السوق، من أجل عودة ارتفاع الأسعار ورفع حجم الفائدة.
بسبب هذا القرار تأجلت الهدنة وجاءت تهديدات الحوثيين للسعودية والإمارات والشركات النفطية (التهديدات الحوثية في خدمة الولايات المتحدة المتضررة من التخفيض)، وكان من المقرر اجتماع اللجنة الفنية في منظمة أوبك+ بتاريخ 3 أكتوبر وتم الغاءه من قبل لجنة المراقبة الوزارية في المنظمة بسبب التهديدات التي أطلقت ليل 2 أكتوبر (قبل الاجتماع بساعات).
صمت يحيى سريع يوما كاملا بدون تهديدات لكن، في ليل 4 أكتوبر (أمس) اطلق تهديد جديد، وذلك قبل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية في أوبك+ اليوم 5 أكتوبر، وهو الاجتماع الذي سوف يناقش التخفيض وربما إقراره.
على ضوء نتائج هذا الاجتماع ومخرجاته سيتأثر الموقف في اليمن، في حال تم تأجيل أو إلغاء فكرة تخفيض إنتاج النفط لمليون برميل، سوف تمدد الهدنة فوراً، أما في حالة تم إقرار التخفيض فسنرى الصواريخ الحوثية تنطلق باتجاه السعودية والإمارات وستعود المعارك مجددًا.
المرجح بحسب التحركات السعودية الأخيرة في اليمن واللقاءات العسكرية أن السعودية ومعها دول أوبك+ عازمةً على إقرار التخفيض والاستعداد للرد على أي ضربة حوثية على العمق السعودي.
في هذه الحالة هناك احتمالين الأول تصعيد تهديدات الحوثيين تجاه منشآت السعودية والإمارات النفطية والشركات النفطية، ولن تتجاوز الأمور التهديدات كون أي استهداف سوف يسبب زيادة إضافية لأسعار النفط وهذا ما لا تريده أمريكا، وبهذا قد تجدد الهدنة لمدة قصيرة أو بقاء الأمور معلقة ومقلقة في ذات الوقت بدون توقيع اتفاق هدنة جديد، وهذا ربما الخيار الأقرب.
السناريو أو الاحتمال الثاني، ربما تكون خطوة كبيرة تتخذها أمريكا بمساعدة الحوثيين بضربات موجعة على المنشآت النفطية السعودية والاماراتية تتسب بخسائر فادحة لهما وتحد بقوة من سيطرتهما على سوق النفط بسناريو شبيه لما حدث معا نورد ستريم 1 و 2، وبهذا تحكم أمريكا بشكل كامل على تجارتي الغاز والنفط، لكن يبدو أنها خطوة متقدمة وجريئة لكن تبقى واردة خصوصا بعد مفاجأة أمريكا العالم بقدرتها على توفير الغاز بمفردها لأوروبا وسد احتياجاتها، وربما تكون أيضا قادرة على تغطية احتياجات النفط عالميا بمفردها.